طباعة هذه الصفحة
السبت, 05 نيسان/أبريل 2014

ماليس يُدرك

  فـاروق عبدالجبّار عبدالإمام
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

 

أنتَ !    أنتِ ! أي نعم أنتِ ، بلى  ،أنتَ أنتَ ،وهل أراكَ أمامي حقـــا   ! وأنتِ أنتِ أم وهمــــاً وخيالاً جميلاً أرى  !   

 

أين كنتَ ، أين ياهذا كنت ؟   .   لقد يبس قلبي وانا أبحث عنك ، قلبتُ الدنيا رأساً على عقِب ، ولم أجدك  ؛ ففي كلِّ مكان بحثتُ فيه يكون الجوابُ واحد ، سؤالٌ واحدٌ وجوابٌ واحد : أين حبيبي ؟ ... مفقود ، نعم الجواب ( مفقــــود) أنت مفقود !ُياربَّ الأكوان ، ياخالقَ الخلق ، أين حبيبي ؟ ....مفقود .  يا صليبَ الأحمر، أين حبيبي ؟ ....مفقود .   يا هلالَ الأحمر ، أين مهجة قلبي؟ ...مفقود .  أيتها الأممُ المتحدة ، يا مجلسَ الأمن ، يا كــــــــــــــلَّ من عرف قلبي و فؤادي ، أين هو ، أين مؤنسي ودافعُ وحشة الليالي عني ؟ والجواب واحـــــدٌ لا يتغيّـــر ( مفقود ) فأين أنت  وأين كنتَ يا مفقود يا....... ؟ُ

 

كنتُ مفقوداً  ، كنتُ رقمـــاً بين الأرقام  ، كنت واحـداً من بين الآلاف ،كنتُ وكان معي اليأس ، وعذابٌ  الموتُ منه أرحم ، كنت في قفصٍ، الحيواناتُ نفسُها لا تُطيقه ،  كان ليلي كنهاري ، شقاءٌ دائم ،وعذابٌ قائم ، ونهاري غائم ،بصيصُ الضوء لا يأتي إلا بأمر وعدمه لايأتي أبداً  !

 

- أين كنتُ ؟  

 

كنتُ سجينــــاً ، ليس كباقي السجناء ، كنتُ أسيراً بلا حولٍ ولا قوة، لا حكومةَ تسأل عني، ولاقوّادَ يكلّفُ  نفسه بالبحثِ والتقصي ، الكلُّ يتمتع ، الكلُّ يحتسي الخمر ، ويقول إنَّ السكرَ حرام ، الكلُّ يُحشش ،ويقول من يستخدم الحشيش عقوبته الإعدام  !

 

ومع ذلك أين كنتَ يا مهجة روحي التي راحت من كثرة البكاء والنواح !

 

مفقوداً كنتُ ! غيرَ مسجّلٍ في أيِّ سجّلٍ أو دفتر  ، غيرَ موجودٍ كنتُ ، حتى للأرقام وجود ، لكني لم أكن رقماً لأعد ، ولا إسماً لينُطق ، ولا بشراً لأُعرف !

 

كنتُ...... ، ولم أكن غير مفقودٍ ،مفقودٍ مفقود ، معزولاً بين جدران أربع ،أو في فضاءٍ رحبٍ ممتدٍ إمتداد الصحراء الغربيّة ،معزولاً ، أو منزوٍ في جحرٍ تخافُ القطط ُ فيه من الفئران ، والكلابُ تنهشُ الأحياء والميتين  !    كنّا أربعة ، ولم يبقَ سواي ! لا أعرف ماهو مصيرهم  ، ثلاثةُ رفاقٍ اختفوا، ثلاثةٌ من البشر ذابوا ، كنّا أربعة  ، وصبحّتُ واحدا ، في مكانٍ لا يُوصف بأكثرَ من كلمةٍ واحدةٍ    ( الموت) لكني لم أمت لأنهم أرادوا ذلك .....من هم.... ؟ لا أدري ! لماذا ...؟ لا أدري !  ،  ماذا  أخذوا منّي ... ؟  أ وتسألين ماذا أخذوا منّي !  وكيف اُعطي ما لا أملك ........

 

وألقت برأسها تحت ذقنه ؛ لترفعها ولتقول له بلا كلماتٍ : ( أموتُ فيك ، وحتى الموتُ لن يفرّقـــــــــنا )   .

 

الدخول للتعليق