طباعة هذه الصفحة
السبت, 29 آذار/مارس 2014

عراق الانقلابات ظلم الحاكم و مرارة العيش

  زكي فرحان
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

كان العراق بلدا فقيرا لا يملك من الموارد، قبل استخراج النفط، سوى ما تعود عليه من تجارة تصدير المنتوجات الحيوانيه، الجلود و المصارين والصوف ،والمنتجات الزراعيه، التمور، الحنط و الشعير و الرز و السمسم وعرق السوس  ، وما تجنيه من تجارة الترانسيت، و من زيارة العتبات المقدسه، لقد شملت الازمه الاقتصاديه العالميه منذ عام 1929 تدهورا وركودا وانهيارا كبيراً اقتصاديا في اكثر الدول الراسماليه،و لقد شمل هذا التدهور الحاد في عدم الطلب على منتجات العراق، التي هي اساسا رخيصه الاسعار بالنسبه لأسعار البضائع التي تستوردها بريطانيا من تركيا و دول البلقان و الدول المجاورة حينذاك ، مماسبب ضائقه ماليه لشريحه كبيرة من الشعب العراقي من الفلاحين المرتبطين بحياة الزراعه والفلاحه، والتي كانت تسترزق وتعيش على جني هذة المنتوجات الحيوانيه و الزراعيه،وعلى تصديرها و بيعها ،واحدثت هذة المقاطعه بطاله واسعه بين صفوف العمال الموسميين غير المهرة  ،وعسرا شديداً في معيشه الفلاحين بألاضافه الى تعسف  وظلم الاقطاعيين و تجريدهم من حق التصرف في الارض وفقا لسياسه الانتداب البريطانيه في الارض الزراعيه، بالاضافه الى اصحاب رأس المال المحتكرين الذين  يتحكمون بالاسعار، كان يباع الطغار الواحد وزن( طنين) من الشعير الابيض الصافي في اسواق لندن عام 1930 بما يعادل 120

روبيه ،بينما في العراق يشتروه بربع سعره فقط !!، لقد تجلى عن هذا الاستغلال البشع والظلم للفلاحين و تجويعهم ان حدثت مصادمات دامية بين الفلاحين و الاقطاعيين في الفرات الاوسط و الكوت، و ثورة فلاحي آل أزيرج في العمارة على الاقطاعي، مطلك السلمان، وهروبه الى العمارة لحمايته من بطش الفلاحين الجياع، اما اصحاب بساتين النخيل ومنتجوا التمور، ووكلائهم المتعهدون( ملاكي الجراديغ) فقد قاموا باتلافها، بدلاً من بيعها بأسعار متدنيه يفرضها عليهم تجار التصدير، ومن جراء ذلك، حرمت الاف العوائل الفقيرة الكادحه من العمل في هذة الجراديغ، والتي كانت تاتي من الريف والقرى والنواحي والمناطق المجاورة في موسم جني التمور،  للعمل في هذه الجراديغ لجمع التمر، وعزله من النوى ثم وضعه في صندوق خشبي يتسع لعشرة كيلوغرامات، مقابل اربعه فلوس اي (عانه) واحدة، يستلمها العامل من المتعهد، مع ان المتعهد يقبض عشرة فلوس عن كل صندوق من التاجر المستورد،والجراديغ التي هي عادة ما يجهزها الوكيل المتعهد في بساتين تواجد التمور من الصرائف و( الشكصات - الكشك) من القصب والبردي وسعف النخيل ويأجرها للعمال، طول مدة موسم الانتاج، وأن اغلب هؤلاء المستوردون للتمور،هم من الاجانب، بحكم ارتباط الاقتصاد العراقي عبر التصدير والاستيراد بالاقتصاد الراسمالي  البريطاني والتعامل بالجنيه الاسترليني حصرا ، بموجب المعاهدة المذله التي سمحت للانكليز التصرف بمقدرات  شعب العراق وثرواته الوطنيه كما يحلو لهم ، ثم فرضت الحكومه على الكسبه و الحرفيين ضريبه ماليه، شملت جميع العاملين في المدن بمن فيهم الحمالين والباعه المتجولين وصباغي الاحذيه و العربنجيه و بياعي( السويكه) و(المبيضجيه) و البلامه(المعبرجيه) وصيادي السمك وبياعي (الابيض و بيض) والندافين و بياعي( الشّكنك) وبياعي( الشلغم)و( المجاريه) و( النگابه) و بياعي) السيفون( والطرشي، و خياطي العبي وصانعي الاحذية (اليمنجية) وصانعي (العگل) و(الركاعين) و(التتنجية) وغيرها من المهن التي كانت سائدة في ذلك الوقت البخس، وقد دفعت الاوضاع الاقتصاديه السيئة وحالة الفقر والقحط والجوع و الحرمان و القهروالظلم التي حلت بالعراقيين، الى أثارت حفيضه جماهير واسعة من الشعب، كذلك تحركت الاحزاب السياسية السريه، و الشخصيات الراديكاليه والمنتديات والنوادي العلنيه السائرة مع ركب الملك فيصل الاول والتي تغازل المندوب السامى البريطاني أحياناً بالمطالبة باصلاح الامور، وفي غضون هذا التداعي الجمعي، احتجت هذه التشكيلات على تردي الاوضاع السياسيه والاقتصاديه في البلد ،و كتبت في صحفها تنتقد سياسه الحكومه المهزوزة، ورفضها لهذة القوانيين الجائرة التي أبهظت كاهل هولاء الفقراء المساكين، اما الاحزاب الوطنيه، جماعه (الشعبيه )المكونه من جعفرابو التمن وحكمت سليمان وكامل الجادرجي وعبد الفتاح ابراهيم ومحمد حديد،وقاسم حسن و حسين جميل، وغيرهم من الشباب الوطني المتحمس، المناهض للانتداب والانكليز، شنت صحفهم حملة واسعة ضد هذا التعسف  والظلم الذي لحق بهم جراء هذه القوانين الجائرة ، فقد شنت صحيفة، الاهالي، حمله طالبت فيها الالتفات الى الشعب ورفع مستوى حياته المعيشيه والصحيه والثقافيه، والغاء هذة القوانين المجحفه بحق الشعب العراقي وتهيئة فرص عمل له ليعيش حياة حرة كريمه ، واعلنت ذوي المهن الصناعيه (جمعيه اصحاب الصنائع) باسم رئيسها ،محمد صالح القزاز،و (جمعيه الحلاقين)  الاضراب العام الذي دام لمدة اسبوعين احتجاجا على فرض الضرائب وزيادة رسوم البلديه، وبفعل نجاح الاضراب العام اضطرت الحكومه الى التراجع و الغاء الرسوم البلديه و انتهى الاضراب، لكنه اثر في الحياة السياسيه تأثيرا عظيما، كما شن النواب المعارضون هجوما عنيفا على الحكومه في الصحافه و مجلس النواب للحاله المترديه و لموقف رئس الوزراء من معاهدة الانتداب المهينة، مما اسرع بتقديم رئس الوزراء جعفر العسكري استقالت حكومته التي ساندها الملك فيصل في بادء الامر، ففي مثل هذة الاوضاع المتضاربه و المتشابكه، و الحراك السياسي  الشعبي الواسع المتنامي لأصلاح الحاله الاقتصاديه و السياسيه و توفير مستلزمات العيش الكريم للشعب العراق و انقاذه من فاقه العوز و الجوع و الظلم والحرمان و المرض والتخلف، ظهرت حكومه يراسها عبد المحسن السعدون،، افضل خيارا لتهدئه الاوضاع السياسيه غير المستقرة و الحاله الاقتصاديه المترديه في البلد،  ولد عبد المحسن بن فهد السعدون في البصرة عام 1889 وتقلد اربعه وزارات في عهد الملك فيصل وهو واحد من ابرز رموز الرجال الوطنيه العراقيه في ذلك الوقت ، كان صادقا امينا مع شعبه ووطنه، يتبع

المصادر:-

1 - دكتور كاظم نعمة - فيصل والانكليز - ص 36

2 - حنا بطاطو - العراق - ص 259                                                                       

الدخول للتعليق