طباعة هذه الصفحة
الثلاثاء, 18 تشرين2/نوفمبر 2014

الحوار !؟

  شامل مهتَّم
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

لعله من الطبيعي القول ان هناك مشكلة في طريقة وآداب الحوار والنقاش ، خاصة في مجتمعاتنا ومنها مجتمعنا العراقي بشكل عام ومجتمعنا المندائي بشكل خاص !
فالنقاشات والحوارات حول مواضيع عائلية .. اجتماعية .. اقتصادية .. مهنية .. سياسية .. دينية .. وغيرها من المواضيع التي تطرح نفسها بين الحين والآخر على بساط الحوار والنقاش لحل مشكلة ما أو موضوع معين او لحلة عقدة معينة او وضع برنامج عام او خاص يحتاج الى بلورة وصياغة يلتزم به الجميع ويخدم المجموع او مسألة عائلية و على شاكلة ذلك .
فغالبا ما تعصف بتلك الحوارات والنقاشات المباشرة بشكل خاص حالة من التشنج أو الصراخ والصوت المرتفع غير الطبيعي أو قلة الحيلة والإقناع واللجوء الى المغالطات والاتهامات والخروج منها دون نتيجة .
بل والأدهى من ذلك قد تنتهي بالخصام والزعل ؛ إذا لم تنتهي بالتهديد والوعيد والثبور ! ( جلسنا أصدقاء وانتهينا فرفاء ! ) لذلك سيطول الوقت حتى يتوصل المتحاورون الى أفضل الحلول وأنجعها وأكثرها توافقاً !
وهذا كله لم يتأتى من فراغ او صدفة وتزول ! فهو أشبه ما يكون تقليدا أو عادةً أو ممارسةً تغلغلت في الشعور أو اللاشعور فلا يملك البعض قدرة السيطرة اللجام لاحتوائها او سرعة استبدالها بأفضل منها.
لقد جئنا من مجتمع يعشق الصوت العالي والأنا والأبوة والرجولة وغير ذلك الكثير ، حتى أن الأذن منا اعتادت تلك الاصوات ابتداءً من الأم عندما تنادي ابنها وهو يلعب في الشارع او الزقاق الى طلبات الأب عندما يأتي متعب من العمل ولا يجد كل شيئ مُحضّر له ! و.. و .. الخ
وربما قد أصاب الاستغراب البعض منّا وهو يجلس او واقف بالقرب من السويديين ولا يسمع شيء مما يتخاطبون به او يتحاورون من أجله !!
حتى وأنت قريب لا تسمع بالضبط حيث واحدهم وهو يتكلم بالهاتف ولفترة طويلة ! وهذا حال أغلب مجتمعات أوربا وأمريكا وكندا واليابان وغيرهم الكثير في العالم !
ولو عدنا لأسباب ما نحن عليه ، قد نجد بعضٌ منها على سبيل المثال :
1 - قد يكون فقدان ثقافة الحوار وآدابه منذ الطفولة داخل الأسرة . لم يتعلم الطفل هذه العادة بين يدي والديه (( فاقد الشيء لا يعطيه ! )) وعليه كيف ستغرس هذه البذرة وتنمو بشكل سليم فتعطي ثمارها في الكبر . اذا كانت الارضية غير صالحة والعناية غير كافية !؟
2 - ربما الطبيعة البيولوجية للشخص نفسه ، كأن يكون حاد المزاج او ضيق الأفق وقليل الحيلة والإدراك (( طبع الذي بالبدن ما يتغير لل... ))
كما ان اصحاب النفس القصير او المحدود هم من هذا النوع أيضا.
3 - التعلم واكتساب الخبرة الحياتية هما سيضيفان عامل ايجابي في معرفة آداب الحوار والنقاش وليس بالضرورة صاحب الشهادة العليا أو صاحب المال الكثير او من له اتباع كُثر يجيد فن وثقافة الحوار أو النقاش الهادف والمفيد للجميع وللفرد نفسه (تحصيل حاصل ) وهكذا !
4 - قد تلعب ضغوط الحياة وهمومها وشغف العيش او خسارة شيء أو أشياء مهمة في الحياة تكون قد تركت آثار سلبية في نفسه وعقله وبالتالي انعكست سلبا في تعاملاته مع الآخرين ؛ كذلك العقد والمواقف قد تدفع به للمواقف المسبقة أحيانا وبشكل لا ارادي وسلبي في آنٍ واحد ، اضافة الى عوامل بيئية او طبيعية تكون قد لعبت دورا ما في طبيعة نقاشاته او حواراته مع الآخرين !
أما آداب الحور او النقاش عبر الرسائل او الهاتف او وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة هي الاخرى تخضع لنفس الاسلوب المتحضر لكن هناك بعض الاختلافات كون المتحاوران او المتحاورون كل منهم في مكان آخر وغير متواجهون وجه لوجه ، وقد نجد احيانا ما يكتب على الورق او ما ينشر او ما يقال هو اكيد يعكس حالة وطبيعة وإدراك ذلك المتحاور والخلفيات التي ينطلق منها او قد تدفع به لنوع من الحوارات!
وبعد تلك المقدمة ، ما هي يا ترى أبرز قواعد او مبادئ ما نطلق عليه ب(( آداب الحوار )) ؟ والتي يستفيد منها كبارنا وشبابنا وحتى أطفالنا؟
* - التدرج والاسترسال التدريجي في الحوار .
* - التركيز على جوهر النقطة او المشكلة موضع الحوار او النقاش .
* - احترام الرأي والرأي الآخر حتى النهاية رغم اختلاف وجهات النظر مبدأياً في حالة حصول عدم قناعة لكل طرف من الأطراف .
* - عدم المقاطعة الفورية او المتكررة لحديث المتحاور الى أن ينتهي تماما وبعد ذلك ينتقل الحديث للآخر أو الآخرين والرد نقطة بنقطة .
* - تجنب عادات غير لائقة اثناء الحوارات ؟ مثل الضحك المنفرد أثناء أي حديث لأي متحاور او مناقش يتحدث ، كما انه يفضل الانتباه للمتكلم وعدم السرحان والتلفت يمينا وشمالا والى الأعلى او الاسفل بشكل ملفت.
* - الابتعاد عن فرض الرأي او وجهة النظر موضع الحوار او قريبة من ذلك ، مع استخدام الاسلوب غير المباشر للتعبير وايصال الفكرة .
* - النبرة الصوتيه ( التون ) يفضل ان يكون هادئ ويبقى على وتيرة واحدة طيلة فترة الحوار او النقاش .
* - القناعة من خلال الحوار تأتي بعد حصول توافق بالرأي او تنازلات من كلا المتحاورين ( مثلا ) بضرورة الوصول الى النتيجة المرجوة منه .
* - التذكير والأدلة والحجج والتجارب السابقة ومن المفترض ان تساعد وتعمق الحوار وبأسلوب مهذب ومقنع ومفيد ومقبول ، لا من اجل تأجيج او تحميل الحوار ما لا يحتمل ويؤدي به الى اتهامات عقيمة وطريق مسدود ثم العودة الى نقطة الصفر او البداية وهذا متعب جداً.
* - الصدق والجدية والابتعاد عن اللف والدوران وتشتيت أهداف الحوار مع توفر حسن النية المسبقة لان الهدف والفائدة منه جماعي.
* - ليس بالضرورة دائما ان يكون رأي الأكثرية المتحاورة او من يمثلهم هو الصحيح بالطلق ؛ كما أن قد يكون أحيانا رأي الأقلية المتحاورة هو الصائب للصالح العام او حتى الخاص ومن هنا يفترض
ان يكون الحوار هادف ونافع للجميع بغض النظر عن مسألة أغلبية او أقلية ، فكثير من التكتلات والتقاء المصالح تؤدي الى نتائج عكسية !
وهكذا فالحوار والنقاش الهادئ والهادف لا يفسد للود قضية ... وعليه كما قالوا أيضا ً : تحاسبوا كالغرباء ، وتعايشوا وتحابوا كالإخوان أو على ألأقل كالأصدقاء .
ودمتم بكل خير

الدخول للتعليق