أي دراسة منهجية لنا ستظهر أن قلة عددنا لا تتناسب وحجم مشاكلنا، وأن رقي معرفتنا ومستوياتنا لا تتناسب وصغر إنشغالاتنا، وأن سمعتنا عند الآخرين لا تتناسب وتناحرنا المشين.
يقال الكبار ينشغلون بالأفكار، والأقل ينشغلون بالأحداث، والأقل ينشغلون بالأشخاص. ووالله إنـّا بحاجة للإنشغال بالأفكار التي تـُمكننا من أن نحفظ كياننا ونأمل بمستقبل مندائي لأبنائنا. ومن الأفكار توظيف كفاءاتنا البشرية والمادية وهي محدودة جدا قياسا بحجم ما تتعرض له المندائية.
إن لم يكن صهيب كان شخصا آخر طالما أن الفكر أوصل إلى ضرورة وجود توحيد واتحاد للجمعيات، وأنى لشخص أن يحوز كامل الرضا؟ فالتوجه هو للفكرة ومدى إمكانيات إنجاحها، وكيفية الإستفادة من التجارب التي حصلت خلال فترة عمل. ومثل هذا يتطلب وقفة تقويم ومراجعة آخذين بعين الإعتبار التشكيلات التي استجدت من حيث الأسباب والنتائج بالقبول والإستماع والحوار ضمن بيت واحد، لا بالسباب والشتائم التي تعزز ما عند كل طرف بالضد من الطرف الآخر، في حين أن أهداف الكل هو السعي لخدمة هذه المندائية اليتيمة.
أما أن يكون المدار حول الأشخاص فهو أمر صعب، لأن أي شخص لا يمكن أن يرضي الجميع أو يحوز على ثقتهم. وهكذا هو حال الأخ د. صهيب غضبان رومي الذي تحمل مسؤولية يشهد الحي أني ما خابرته مرة إلا بدأت إتصالي به " الله يساعدك" وهي تخرج من نفس عرفت معنى تحمل المسؤولية تفصيلا، وأحيانا مسؤولية منفردة لأن الآخرين كثيرا ما يتركون الأمر، بدرجات، على عاتقه. ولست هنا مزكيا لشخص د. صهيب فكل منا يزكيه عمله الذي يجب أن يجد المنصفين ولو بعد حين. وقد لا نعرف قيمة شخص ما حتى نفقده. وأحيانا شهادة تكون بألف، لهذا أقول أن طيلة لقائي بصهيب عملا وتواصلا عرفته محبا للمندائية ومندفعا بخدمتها، وموظفا من وقته وماله الكثير، وساعيا حثيثا لأي شيء يعزز وجودها ويعمل على ديمومتها على الرغم من هذه الصعوبات التي تفوق حملنا جميعا فكيف بنا منفردين. ويبقى التطبيق إجتهادا، وهنا يحتاج إلى التآزر وأغلبنا غير مؤازرين، ويحتاج إلى المشورة والكثير منها كان كتلويا ويسعى للشمولية التي لا تنفع مع كياننا، بل وتتناقض مع الديمقراطية المنشودة والمصرح عنها لسانا. ويمكن أن نختلف، بل الإختلاف يكون صحيا للمراجعة على أن لا يصل للخلاف الذي يبدد طاقاتنا ويجعلنا نتناحر. وعلى هذا الأساس لجأ بعضنا إلى نظرة خاصة وتأسيس خاص طالما أنه لم يجد الفرصة لأن يُسمع أو أن يحقق بعض القبول من الطرف الآخر. نحترم وجهات نظر الجميع ونراجعها ولكننا يجب أن نخرج بالضرورة بحال مشترك إن لم تكن هنالك أغراض خاصة. وهذا درس نفيد منه.
جميع المحترمين الذين يختلفون مع الأخ صهيب أو الذين يضعونه سببا في الخلاف يكنون له الإحترام ويشهدون بطول النفس في تحمل هذه الخدمة التي ليس من السهل أن يتحملها جل المندائيين، ولكن الأمر يجب أن لا يكون موجها لصهيب وحسب فهذا هو الخطأ بعينه. وهذا ما يجب تدارسه ذلك أن الخلط جاهز بين رئيس منظمة أو جمعية والمنظمة أو الجمعية كلها. وعلى هذا صار الإختلاف مع الإتحاد يصوّر أنه إختلاف مع د. صهيب والعكس صحيح. وهذا ما يحتاج إلى مراجعة في طبيعة الشكل القيادي للمنظمات والجمعيات.
ونحزن حقا حينما نرى أن من يعمل لا يؤازر، فإن حاز النجاح إشتركنا جميعا في ذلك، وإن فشل وأخفق تخلينا حتى نجعله هو وحده السبب في ذلك. إن مسيرة عمل الإتحاد تتطلب مراجعة حريصة ليكون راعيا لجميع الجمعيات المندائية في دول المهجر بأسس تتناسب وضرورات التمثيل الذي تقره الجمعيات بدون فرض وبدون إمتلاك. هكذا يمثل الجميع ليشترك الجميع فيكون إتحادا للجميع وآخذا برأي الجميع. وبهذا لا نترك فرصة للإختلاف، ونكرم من عمل وتحمل المسؤولية ونشجع من يـَقدِم بديلا طالما أن الخدمة طواعية، وبغير هذا ستأكل المندائية أبناءها.
أملنا أن تجد مناشدتنا والمناشدات الخيرة من المحترمين صدى للتوقف عن هذه المداخل التي تسيء للمندائية وأشخاصها وأن يمنحوا الفرصة لمراجعة صحيحة وصحية، ومثل هذا مطلوب باستمرار طالما المندائية مازالت حية.