• Default
  • Title
  • Date
  • فاضل فرج خالد
    المزيد
    الثامن من شباط الاسود   **************************************************** في ذاكرتي ان بدايات عام
  • حامد خيري الحيدر
    المزيد
      خلال دراستي الجامعية في قسم الآثار/ كلية الآداب قبل
  • علي كاظم الربيعي
    المزيد
    لعيبي خلف الاميريدجله (يمينها) واهمها هور السنيه وهور عودة واسماء
  • عربي الخميسي
    المزيد
    في مثل هذا اليوم حدثت نقلة نوعيه غيرت طبيعة الحكم
الأحد, 10 شباط/فبراير 2013

المندائيون في الذاكره الاسلاميه-ج 2

  رشيد الخيون
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

هل من خلاف وتعارض بين ما ورد في القرآن وبين ما كتبه المؤرخون ونقله الإخباريون وشرعه الفقهاء حول موقف الإسلام من الأديان الأخرى؟ الإجابة على هذا السؤال تستدعي متابعة دين من هذه الأديان عبر الذاكرة الإسلامية، من تاريخ ورواية وفقه وممارسة.

وربما لعبت الظروف التي ورد فيها النص القرآني، والظروف التي استدعت المؤرخين والفقهاء تجاوز هذا النص، دوراً في هذا التعارض. فمعظم المفسرين الفقهاء صرحوا بنسخ الإسلام للأديان الأخرى بما فيها الكتابية، حسب الآية: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين"( 13).

بدأ التصريح بنسخ أو إلغاء الآخر عملياً في الجزيرة العربية بترحيل يهودها ومسيحيي نجران على يد الخليفة عمر بن الخطاب لتبقى خالصة للإسلام، وبلا شك أثر هذا الموقف، سلباً، في العلاقة مع أهل تلك الأديان. لكن من الصعوبة بمكان الغاء النص القرآني الذي ضمن للكتابيين وغيرهم الاحتفاظ بدياناتهم وفق شروط، استغلها عدد من الخلفاء بداية من عمر بن عبد العزيز وحتى خلفاء بني العباس وأمراء المغول بعد إسلامهم، ومن أتى بعدهم، ليضيقوا على أهل الذمة في لباسهم ودور عبادتهم وحياتهم الشخصية، ووراء هذه السياسات كان إخباريون وفقهاء.

وبهذا لم يعترف فقهاء مسلمون للصابئة المندائيين ما أعترف لهم فيه القرآن الكريم، كأهل دين وكتاب في ثلاث سور من سوره وهي: "إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"( 14).

تتكرر الآية بالصيغة نفسها "إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون (هكذا وردت) والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون"( 15)، وصيغة أخرى أُضيف فيها المجوس والمشركين، "إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد"( 16).

جاء في أسباب نزول الآية الأولى، وبالتالي يعبر سبب نزولها وتفسيرها عن نزول الآيتين الأخيرتين: أنها "نزلت في أصحاب سلمان الفارسي، لما قدم سلمان على رسول الله (ص) جعل يخبر عن عبادة أصحابه واجتهادهم، وقال: يا رسول الله كانوا يصلون ويصومون ويؤمنون بك ويشهدون أنك تبعث نبياً، فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم قال رسول الله: يا سلمان هم من أهل النار، فأنزل الله: إن الذين آمنوا والذين هادوا ... وتلا قوله: ولا هم يحزنون"( 17).

وروي عن عبدي الله، ابن مسعود وابن عباس، وغيرهما: "نزلت هذه الآية في سلمان الفارسي، وكان من أهل جندي سابور من أشرافهم"( 18). وهنا لا يقصد بديانة سلمان المسيحية أو اليهودية، فالكثير منهما دخل الإسلام قبل سلمان، وجاءت فيهما نصوص قرآنية كثيرة، لم تحتج إلى تدخل أحد، سلمان أو غيره، كما لا يقصد فيها المجوسية، وإن كانت منتشرة في بلاد فارس، حيث انحدار سلمان، لان أسباب النـزول خاصة بالآية (62) من سورة البقرة، والمجوس لم يذكروا إلا في سورة الحج (17). لذا الاحتمال الوارد أن سلمان الفارسي واسمه الحقيقي ،حسب الطبري: (مايه بن بوذخشبان بن ده ديره)( 19) كان صابئياً مندائياً، فللدين المذكور وجود ببلاد فارس، يوم كان العراق وإيران تحت حكم واحد.

يروى عن عائشة كان للرسول مجلس مع سلمان الفارسي "ينفرد به في الليل حتى يكاد يغلبنا على رسول الله"( 20). ربما كانت هذه العلاقة سبباً في ورود شيء من اعتقادات المندائيين في الإسلام، فهم أحناف، بالمعنى المعروف للحنفية. ومعروف أن تسمية الإسلام ممتدة في أديان أخرى، حتى أن فقهاء مسلمون يعدون الاديان التي سبقت الإسلام مراحل لدين واحد. قال الفقيه السوداني المقتول محمود محمد طه: "بالإسلام جاء جميع الأنبياء من لدن آدم وإلى محمد"( 21).

و ورد في دعاء مندائي:"يا شلماني وامهيمنى.. يا امهيمنى وشلماني.. لا تيفخون من مملا لخون"( 22)، ومعناها: "أيها المسلمون المؤمنون، وأيها المؤمنون والمسلمون، لا تتراجعون عن عهدكم الذي عاهدتم الله عليه". وبالتالي لا أجد سبباً يمنع من إشارة الآية "ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين"( 23) إلى مندائية إبراهيم الخليل.

ورغم أن الباحث الراحل هادي العلوي لم يشر إلى صلة لسلمان بالمندائيين، وأكد ما جاء في سيرة سلمان أنه كان مجوسياً ثم مسيحياً، إلا أنه بلا قصد أعطى إشارة إلى تلك الصلة وهي الموقف من الكنوز، يفهم ذلك من قوله: "وكنت رجحت في دراستي لمسألة تحريم الاكتناز أنها وقعت بتأثير من سلمان"( 24). وقد يعزز هذا الرأي أخبار زهد سلمان الفارسي المتماثل مع زهد كهنة المندائيين. ورد تحريم الاكتناز في الآية: "والذين يكنـزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنـزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنـزون"( 25).

تعد سورة التوبة أو براءة من أشد السور تهديداً للمشركين، وهي السورة الوحيدة التي لم تستهل بالبسملة "بسم الله الرحمن الرحيم"، وحين سأل الإمام علي بن أبي طالب عن السبب قال: "لأنها أمان وبراءة نزلت بالسيف"( 26).

وفي كتاب المندائية المقدس "الكنـزاربا" أكثر من نص يحرم الكنـز منها: "وأن حب الذهب والفضة وجمع الأموال، صاحبه يموت ميتتين في موت واحد"( 27)، و"لقد ولعت بالفضة والذهب فألقيا بك في لجة اللهب"( 28)، و"لقد شغلني ذهبي.. وشغلتني فضتي، ذهبي رماني في الجحيم وفضتي أسكنتني في ظلام بهيم، وحليّ ومرجاني.. آليت أن يصادقاني.. فأي شر علماني"( 29).

فسر محمد بن جرير الطبري (ت310هـ) تسمية الصابئين، حسب ما ورد في الآية (62) من سورة البقرة بكلام طويل نلخصه بالآتي: أولاً: أنهم ليسوا يهوداً ولا نصارى ولا دين لهم، ثانياً: منـزلتهم بين المجوس واليهود، ولا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نسائهم، ثالثاً: أهل دين من الأديان كانوا بجزيرة الموصل يقولون لا إله إلا الله ولم يؤمنوا برسول الله (هذا خلاف ما أضافه الرواة على حديث سلمان الفارسي مع النبي محمد، من أن قومه يؤمنون برسالته ونبوته) رابعاً: يعبدون الملائكة ويصلون إلى القبلة، ويصلون الخمس، خامساً: فرقة من أهل الكتاب يقرأون الزبور، سادساً: قبيلة من نحو السواد (العراق) ليسوا بمجوس ولا يهود ولا نصارى( 30).

ما يخص الموصل، فلعل المقصودين كانوا الإيزيديين، فهم يقولون لا إله إلا الله، ولم يقروا بنبوة محمد، وقبل أن يحل فيهم الشيخ عدي بن مسافر الذي أدخل إلى دينهم ما أدخل من عقائد جديدة. وما يخص قراءة الصابئة للزبور فهي ما زالت منتشرة بين العوام بالعراق، رغم عدم صحتها، فهو من كتب اليهود، جاء ضمن العهد القديم من "الكتاب المقدس" ، تحت اسم "سفر المزامير"، وهي مائة وخمسون مزموراً، أكثرها كان لداوود، لاعلاقة للصابئة المندائيين به.

يضاف إلى ذلك أن الزبور يعني الكتاب، وكتاب الصابئة زبور "الكنـزاربا"، لا الزبور الذي غلب لفظه على مزامير داوود فعرفت بالزبور. ليس بين النقاط، التي أتى بها الطبري عن الإخباريين والمفسرين السابقين، ما يشير إلى المندائيين الحاليين غير الرأي القائل: "قبيلة من نحو السواد، ليسوا بالمجوس ولا اليهود ولا النصارى".

إن الجهل في تاريخ هذا الدين، بسبب باطنيته، جعل الطبري ينقل عن الصنعاني (ت211هـ) عن سفيان الثوري: "الصابئون قوم بين اليهود والمجوس ليس لهم دين"( 31). ولا نعتقد أن في الشرق، منبع الأديان، قوماً لا دين لهم! والذي يطلع على كتاب "الكنـزاربا" وترجمات الكتب الأخرى، مثل "ديوان أباثر" والرسوم الفلكية والكائنات النورانية قد يعذر الزمخشري (538هـ) على الشطر الأخير من عبارته التالية: "قوم عدلوا عن دين اليهودية والنصرانية وعبدوا الملائكة"( 32). هذه أهم آراء المفسرين الأقدمين، ولنرى ما جاء به المحدثون.

إن غموض تسمية الصابئة وأحوالهم الدينية كان سببه، كما أسلفنا، باطنية أو سرية الطقوس والنصوص، فهم قوم اعتادوا على العيش تحت الاضطهاد بداية من اليهودية والمسيحية، بواسطة المبشرين الذين اعتبروهم نصارى منحرفين، ثم المسلمون، وابرز اضطهاد الأخيرين لهم هو فتوى القتل بحقهم من قبل محتسب بغداد والقاضي والفقيه الشافعي أبي سعيد الحسن بن يزيد الأصطخري (ت328هـ) أيام القاهر العباسي.

روى الخطيب البغدادي (ت463هـ) في سياق ترجمة الأصطخري: "أفتاه بقتلهم، لأنه تبين له أنهم يخالفون اليهود والنصارى، وأنهم يعبدون الكواكب، فعزم الخليفة على ذلك، حتى جمعوا بينهم مالاً كثيراً له قدر فكف عنهم"( 33). ذكرت فتوى القتل في مصادر إسلامية ترجمت لحياة الأصطخري منها "سير أعلام النبلاء" لشمس الدين الذهبي (ت748هـ)، وعزف عن ذكرها آخرون مثل شمس الدين ابن خِلّكان (ت681هـ) في "وفيات الأعيان".

كان صاحب فتوى القتل شافعي من أبرز فقهاء عصره، يعرف بفقيه العراق، وتولى حسبة بغداد، فأحرق مكان الملاهي. وبعد حوالي قرنين من الزمان جاء في رسالة رئيس ديوان الجوالي، محمد بن يحيى بن فضلان (ت631هـ) الشافعي أيضاً، الخاصة بأهل الذمة إلى الناصر بالله العباسي (ت622هـ)، فقرة تذكر بفتوى الأصطخري في الصابئة والحث على تطبيقها: "الصابئة قوم من عبدة الكواكب، يسكنون في البلاد الواسطية (بين الكوت والبصرة) لا ذمة لهم، وكان في قديم الزمان لهم ذمة، فاستفتى القاهر بالله أبا سعيد الاصطخري، من أصحاب الشافعي، في حقهم، فأفتاه بإراقة دمائهم، وأن لا تقبل منهم الجزية، فلما سمعوا بذلوا له خمسين ألف دينار، فأمسك عنهم، وهم اليوم لا جزية عليهم، ولا يؤخذ منهم شيئ، وهم في حكم المسلمين والأمر أعلى"( 34).

والسؤال، كيف عبد الصابئة الكواكب وكتابهم يقول: "باسم الحي العظيم، أشرق نور الحي، وتجلى مندادهيي بأنواره، فأضاء جميع الأكوان، حطم ألوهية الكواكب، وأزال أسيادها من مواقعهم"( 35). وكيف عبد الصابئة المندائيون الأصنام والأوثان وكتابهم يقول: "من يقدم الضحايا والقرابين تعقد خطاه في جبل الظلام (جهنم) فلا يرى نور الله، أما من آمن وأتقى فله من النور مرتقى حتى يبلغ بلد النور"( 36). وهم قبل أن تحرم على الأصطخري الخمور حرموها بالقول: "وليعلموا أن الخمرة يوضع شاربها في قيود وأقفال، وتثقل عليه السلاسل والأغلال"( 37).

كانت فتوى القتل المذكورة، في القرن الرابع الهجري، بعد أن أجاز الفقيه الحنفي وقاضي القضاة أبو يوسف، في القرن الثاني الهجري، التعامل مع الصابئة بأخذ الجزية منهم أسوة بـ "جميع أهل الشرك من المجوس وعبدة الأوثان وعبدة النيران والحجارة (من غير العرب) والسامرة"( 38). وحكم الإمام أبو حنيفة فيهم: "إنهم ليسوا بعبدة أوثان، وإنما يعظمون النجوم كما نعظم الكعبة"( 39)، وأضاف أبو الثناء الآلوسي: "هم موحدون يعتقدون تأثير النجوم"( 40).

والغريب في الأمر أن هذا التعامل مع الصابئة، وإن كان يحمي دمائهم، إلا أنه لا يتناسب مع حكم القرآن فيهم، أسوة باليهود والنصارى، في الآية (62) من سورة البقرة. والغرابة الأكثر، أن أبا يوسف كان عراقياً من أهل السواد، والصابئة المندائيون ليسوا بعيدين عن سمعه ونظره. ويشترط أبو علي الماوردي الشافعي (ت450هـ) في أخذ الجزية منهم "إذا وافقوا اليهود والنصارى في أصل معتقدهم، و إن خالفوه في فروعه"( 41). ومعلوم أن الأُصول هي أساس الدين والمذهب، وما الفروع إلا وصايا لتطبيقها.

وإن جاز الاصطخري والماوردي كشافعيين أخذ الجزية من المجوس، لما ورد عن الرسول بشهادة الصحابي عبد الرحمن بن عوف أنه أخذها من أهل البحرين وكانوا مجوساً، فأن ابن قيم الجوزية(ت751هـ)، وهو جنبلي المذهب، قال: "الصابئة أحسن حالاً من المجوس، فأخذ الجزية من المجوس تنبيه على أخذها من الصابئة بطريق الأَوْلى، فإن المجوس من أخبث الأمم ديناً ومذهباً، ولا يتمسكون بكتاب، ولا ينتمون إلى ملة، ولا يثبت لهم كتاب ولا شبه كتاب"( 42). وهذا اعتراف ضمني من فقيه حنبلي كبير في مذهبه، وتلميذ شيخ الإسلام تقي الدين أحمد المعروف بابن تيمية (ت726هـ)، بكتب أو شبه كتاب للصابئة.

إن حكم الماوردي كان مخالفاً أيضاً للقرآن، فالقرآن لم يشترط موافقتهم لدين آخر، مع علمنا أن موافقة الصابئة المندائيين للإسلام أكثر بكثير من موافقة أو مقاربة اليهود والنصارى له، والذي يدرس كتابهم ويقارنه مع نصوص القرآن، ويدرس فقههم ويقارنه مع الفقه الإسلامي يجد الموافقة واضحة.

من جانب آخر خالفت فتوى الاصطخري وخالف حكم الماوردي وتحريض ابن فضلان ضدهم، والجميع شافعيين، إمامهم الأول محمد بن إدريس الشافعي (204هـ) حين أفتى: "الصابئون والسامرة مثلهم يؤخذ من جميعهم الجزية، ولا تؤخذ الجزية من أهل الأوثان، ولا ممن عبد ما استحسن من غير أهل الكتاب"( 43)، ومَنْ تؤخذ منه الجزية يحرم دمه ولا يطلب منه مجارات اليهود والنصارى بشيء إلا الإقرار بوجود الله.

يضاف إلى ذلك أن الماوردي من أهل البصرة، حيث أحد مواطن الصابئة، ويورد السؤال أيضاً، ألم يكلف الفقهاء من أبي يوسف و الأصطخري و الماوردي ثم ابن فضلان أنفسهم وحاولوا استقصاء حقيقة هذا الدين من كاهن أو خبير من أهله، بدلاً من أن يعدوه من المشركين المجازين، أو يصدروا فيهم حكم القتل، أو تشترط عليهم موافقة اليهود والنصارى؟ إنه مجرد استفسار، يضع أمامنا أدوات الفقيه ومستوى علمه وحرصه، فالكل استخدموا أداة التاريخ المكتوب ورواية الحديث، وتركوا الواقع المعاش. ولم ينته الأمر عند الفقهاء القدماء بل تواتر هذا الاسلوب إلى المعاصرين من الفقهاء، رغم كثرة الدراسات وتبدل أحوال المعرفة، إلا أنهم ظلوا يجهلون أمر الصابئة وكأنهم خارج الكون أو يتعاملون مع دين في مجاهل أفريقيا.

قال الشيرازي بحذر وتردد: "فيهم غموض وخلاف، وربما قيل عبدة نجوم"( 44). ويرى الطباطبائي في "الميزان" أن عقيدتهم مزيج من المجوسية واليهودية مع أشياء من الحرانية. ولعل صاحب الميزان أول المحدثين، من فقهاء المسلمين، ميز بين الصابئة الحرانيين والصابئة المندائيين، ويؤكد أسباب نزول الآية (62) من سورة البقرة في ديانة سلمان الفارسي السابقة( 45). ولا يأتي الطباطبائي، رغم بحثه المطول فيهم، بجديد على ما ورد في كتب الأقدمين.

ويعد محمد حسين فضل الله، عن مؤرخين وكتاب مهتمين، أن الصابئة فرقتان: المنديا أو نصارى يوحنا المعمدان وصابئة حران الوثنيين، ويذهب مستفيداً من بحوث أخرى، على الأرجح من بحث "الصابئة المندائيون" لليدي دراوور، إلى أن "الصابئة الذين ذكرهم القرآن إلى جانب اليهود والنصارى من أهل الكتاب يعدون من المنديا، ولا شك في أن اسم الصابئة مشتق من الأصل العبري (ص ب أ) أي غطس، ثم سقط الغين، وهو يدل بلا ريب على المعمدانيين"( 46).
ولعل آية الله فضل الله ينفرد من بين علماء الدين والمفسرين بتحفظه على قبول نسخ الآيات التي ورد فيها اسم الصابئة بالآية: "ومَنْ يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين"( 47)، إذ قال: "نتحفظ على هذا الجواب، لأن مدلول هذه الآية لا يتنافى مع مدلول تلك، حتى نفرض نسخ الثانية للأولى، لأن الظاهر إرادة الإسلام بمعناه المصطلح، كما يلوح ذلك من صدرها، وهو الالتقاء على قاعدة الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح"( 48). وهذا ما تقره الأديان المشار إليها في الآية.

ويقترب الشيخ محمد جواد مغنية من الصواب عندما قال في الصابئين:"قوم يقرون بالله وبالمعاد وببعض الأنبياء، ولكنهم يهتدون بتأثير النجوم في الخير والشر، والصحة والمرض، ومنهم طائفة في العراق الآن"( 49). وعلى خلاف مَنْ اشتق تسمية الصابئة من صبأ العبرانية أي غطس وتوضأ، وجد مغنية أن التسمية مشتقة من"صبأت النجوم أي طلعت"، ويعدهم بأقدم الأديان في التاريخ. ويبدو لي أن مغنية اطلع على سلسلة المقالات التي حبرها الأب أنستاس الكرملي في مجلة "المشرق" في العام 1900 –1901، وذهب فيها إلى اشتقاق تسميتهم من الضوء.

بداية من صاحب أكبر موسوعة فقهية "جواهر الكلام" النجفي، من أعلام القرن التاسع عشر، وانتهاء بالسيد السيستاني، المرجع الشيعي الحالي بالنجف، لم نجد رأياً محرضاً في التعامل ضد أهل هذا الدين، بل أن آية ال العظمى له أبا القاسم الخوئي اعبرهم من أهل الكتاب، وقدم مرشد الدولة الإيرانية آية الله علي خامنئي بحثاً مفصلاً فيهم عدهم من أهل الكتاب ومن الأديان الموحدة.

كان أكثر اختلاط المندائيين بالمذهب الشيعي في جنوب العراق مقارنة بالأديان والمذاهب الأخرى، وكانوا سبباً في حياة المنطقة الاقتصادية، فهم لفترة طويلة ظلوا منتجي وسائل الإنتاج، من أدوات الصيد والزراعة والنقل. فلابد أن يحدث احتكاك وتعالجه فتاوى الفقهاء. قال آية الله أبو القاسم الخوئي "الصابئي كان من أهل الكتاب كما هو الظاهر"( 50) جاء ذلك في أمر رجل صابئي أشهر إسلامه معتنقاً المذهب الجعفري، وطالبته زوجته بالنفقة في محكمة من محاكم بغداد الشرعية.

وطرح آية الله علي الخامنئي جملة أمور بشأنهم، فلهم بإيران طائفة كبيرة كانت جزء من سكان العراق قبل قطع الأهواز عنها، لهذا نظر مرشد الدولة الإيرانية في أمرهم عن قرب، باحثاً في كتبهم المترجمة إلى الفارسية والعربية، وربما كان أول فقيه يبتعد عن النصوص الشرعية، وليطلع على كتبهم ويتابع ممارستهم الدينية عن كثب، فقال: "نتيجة البحث في النقطة الأولى: إن الأقوى والأظهر بحسب الأدلة أن الصابئيين يعدّون من أهل الكتاب"( 51).
ولأنه نظر في واقع هذا الدين، لا فيما كُتب وقيل، نفى خامنئي أن يكون الصابئة ديانة متفرعة من الأديان الأخرى بل نظر إليها كديانة مستقلة. قال: "هل الصابئة يعدّون من شعب بعض الأديان الثلاثة: اليهود والنصارى والمجوس، أو إنهم نحلة أخرى غير هؤلاء؟ والجواب على ذلك: قد علم من بعض ما ذكرنا في توضيح النقطة الأولى، فلا دليل على ما قيل، وقد مضى ما نقلناه من كلمات بعض الفقهاء، من أنهم شعبة من اليهود أو أنهم مجوسيون وأمثال ذلك مما نقله في الجواهر عن غير واحد من الفقهاء كالشافعي، وابن حنبل، والسدي، ومالك وغيرهم، بل لعل مقتضى ما ذكرنا الجزم بخلافه"( 52).

ولعل الخامنئي في كلمته التالية قدم نقداً غير مباشر للفقهاء الذين لم ينظروا في أمر هذا الدين وهو حيٌّ بينهم، قال: "والحق الذي ينبغي الاعتراف به هو أننا لا نعرف من المعارف والأحكام الدينية لهذه النحلة التاريخية، والتي أصبح المنتمون إليها موجودين بين أيدينا وفي عقر بلادنا، شيئاً كثيراً تسكن النفس بملاحظته إلى معرفة أصحابها، والباحث في هذا الموضوع يجد في حقل البحث الموضوعي فيه فراغاً كبيراً لم يسدّ مع الأسف"( 53).

وبعد الاطلاع على ما نشر من "درفش"(كلمة فارسية تعني العَلَم وإحدى صحف الصابئة، قابلت فيما بعد محررها المندائي الحلالي سالم جحيلي من صابئة الأهواز) قال الخامنئي: "فمن جملة عقائدهم التي يدّعونها ويصرون عليها التوحيد"( 54). ويستشهد آية الله الخامنئي من بوثة التوحيد النص المندائي التالي: "إلهي منك كل شيء، يا عظيم يا سبحان، يا حكيم يا عظيم، يا الله المتعال الكريم، علا قدرتك على كل شيء، يا من ليس له شبيه، ولا نظير ، يا راحم المؤمنين، يا منجي المؤمنين، يا عزيز يا حكيم، يا من ليس له شريك في قدرته، اسبح بأسمك"( 55).

إن ما أكده مرشد الدولة الإيرانية في حكم الصابئة المندائيين هو "أن في عقائدهم جملة من العقائد التوحيدية الحقّة المقبولة، وزمرة من الأباطيل المنافية للعقيدة التوحيدية الخالصة"( 56). ويعني بالأباطيل المنافية للتوحيد الخالص هو "اعتقادهم بما يسمى مندادهيي الذي يقولون عنه بأنه أول منْ سبح الله تعالى وحمده، وأنه أحد الملائكة المقربين ويقرنون أسمه في بعض البوثات (الآيات) باسم الربّ تعالى، ومن ذلك ما يرى التوسل بالملائكة الذين يسمونهم بأسماء عندهم ويعتبرونهم من المقربين، ويذكرون اسم آدم أبي البشر ويحيى عليه السلام في عداد الملائكة، ويسلمون على الأنهار المقدسة والأماكن المقدسة وعلى الحياة وسكان عالم الأنوار وغير ذلك"( 57).

كل ما أفصح به آية الله علي الخامنئي في أمر الصابئة كان صحيحاً، لكنه ربما لم يسمع منهم تأويل علاقتهم بالماء الحي وتعريفهم لعالم النور، وأي دين يخلو مما لدى الصابئة من العلاقة بالماء والضياء؟ فهم إذ يجعلون للماء منـزلة في طقوسهم، كوسيلة للعبادة، لا يسلمون على الأنهار وإنما يذكرون الحي القديم وهم وسط النهر. وقد لا ينفصل اهتمام آية الله خامنئي بالصابئة المندائيين عن مهامه كمرشد لدولة يقطنها المسلم والمسيحي واليهودي والمندائي والزرادشتي والبهائي، وهو بذلك تفوق على سلفه آية الخميني في معاملة أهل الكتاب والأديان الأخرى، فالزرادشتيون بإيران يظهرون في المجالس الرسمية بثيابهم البيضاء الناصعة، مع أنهم على دين منسوخ بالإسلام.

كان هذا التجاهل والجهل قديماً بأمر الصابئة، والسكوت عما شاع بنجاستهم بين العامة في جنوب العراق، وعانى المندائيون ما عانوا، رغم ذكرهم في القرآن، والصداقة الروحية، التي كان يضرب فيها المثل، بين جامع "نهج البلاغة" ونقيب الطالبيين وتلميذ الشيخ المفيد الشريف محمد حسين الرضي (ت406هـ)وبين الصابئي أبي إسحاق إبراهيم بن هلال (ت384هـ)، التي أخبارهما ملأت صفحات التاريخ وأخبار الأدب، ورسائلهما الوجدانية استغرقت كتاباً صدر بعنوان "رسائل الصابئ والشريف الرضي".

كانت أشهر قصائد الشريف الرضي في رثاء إبراهيم الصابئ، التي استغرقت ثمانين بيتاً، ومطلعها المشهور:

أعلمت منْ حملوا على الأعوادِ
أرأيت كيف خبا ضياء النادي( 58)
ومن أبياتها ذات الوجد العميق:
ما مات مَنْ جعل الزمان لسانه
يتلو مناقبَ عُوداً وبوادي
فأذهب كما ذهب الربيع وإثره
باقٍ بكل خمائلٍ ونجادِ

وكتب الرضي معاتباً إلى بعض أصدقائه، عقب وفاة أبي إسحاق، يصف له ما لحقه من وجد وقلق بسبب فقده: "بلاغي بما لا أقوم له من أليم قطيعته، والأُولى صفته معي في الصديق الصادق، والحميم الموافق أبي إسحاق إبراهيم بن هلال الصابئ، فأنه كما لم يغير لي ودَّه في حياته رماني بالخطب الجليل من وفاته، وأنتزعه من يدي على حين انضمامها على إخائه"( 59).

وإذ كانت عاطفة الشريف الرضي تجاه صديقة الأثير، إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون الصابئ، ندية كما جسدها في قصيدته المذكورة كان أخوه الشريف المرتضى من خشونة الجانب أن رد على "أعلمت منْ حملوا على الأعواد" بالقول: "نعم علمنا أنهم حملوا على الأعواد كلباً كافراً صابئاً عجلَ به إلى نار جهنم"( 60). وعلى هذا تُقاس الهوة الروحية بين الأخوين الشريفين.

وكتب ابن أبي أصيبعة في ترجمة ثابت بن قره الحراني: "هو أصل ما تجدد للصابئة من الرآسة في مدينة السلام" وكان طبيباً من خاصة المعتضد، يمشي معه في الفردوس، وهو بستان في داخل دار الخلاقة للرياضة( 61). وقال ثابت بن سنان الصابئ في والده شيخ أطباء بغداد: "إنه لما كان في أول يوم من المحرم، سنة ست وثلاثمائة، فتح والدي سنان بن ثابت بيمارستان السيدة (شغب أم المقتدر)، الذي أتخذه لها بسوق يحيى، وجلس فيه ورتب المتطببين، وقبل المرضى، وهو كان بناه على دجلة. وكانت النفقة عليه في شهر ستمائة دينار.

قال: وفي هذه السنة أيضاً أشار والدي على المقتدر بالله بأن يتخذ بيمارستاناً ينسب إليه، فأمره باتخاذه، فأتخذه في باب الشام، وسماه البيمارستان المقتدري، وانفق عليه من ماله في كل شهر مائتي دينار. ولما كان في سنة تسع عشرة وثلثمائة أتصل المقتدر أن غلطاً جرى على رجل من العامة، من بعض المتطببين فمات الرجل، فأمر إبراهيم بن محمد بن بطحا بمنع سائر المتطببين من التصرف إلا مَنْ أمتحنه والدي، سنان بن ثابت، وكتب له رقعة بخطه بما يطلق له من الصناعة، فصاروا إلى والدي وامتحنهم، وأطلق لكل واحد منهم ما يصلح أن يتصرف فيه، وبلغ عددهم جانبي بغداد ثمانمائة رجل ونيفاً وستين رجلاً، سوى مَنْ استغنى عن مهنته باشتهاره بالتقدم في صناعته، وسوى كان في خدمة السلطان"( 62).

لم يكن سنان بن ثابت طبيباً فقط بل لرجاحته عقله وسدادة رأيه أن بعث له أمير واسط، بعد وفاة الراضي بالله، لتدبير بدنه وسلوكه، فقال له: "أريد أن أعتمد عليك في تدبير بدني وتفقده، والنظر في مصالحه، وفي أمر آخر هو أهم إليّ من أمر بدني، وهو أمر أخلاقي، لثقتي بعقلك وفضلك ودينك ومحبتك، فقد غمني غلبة الغضب، والغيظ عليَّ، وإفراطهما بيّ، حتى أخرج إلى ما أندم عليه عند سكونهما من ضرب وقتل"( 63).

فأين عاطفة الشريف الرضي، ووجدانه تجاه مَنْ ظل محتفظاً بدينه الصابئي من فقهاء العصر، وثقة الخلفاء والأمراء بالطبيب الصابئ، فأفتوا خارج كتب الفقه بنجاسة الصابئة المندائيين، وهم أهل دين، الماء عندهم بعد الله وقبل النور؟ هذا وليس لدي معطيات تسمح ببحث العلاقة بين الرجلين، الرضي والصابئ، خارج إطارها الصداقي الإنساني إلى إطار فكري، فهناك إشارات وتلميحات في شعر الرضي قد تفيد في وجود منحى عرفاني (أغنوصي) لديه، والصابئة بالأساس هم عرفانيون، لكن ذلك هم آخر لا مجال للدخول فيه الآن.

غير أن ذكرى العلاقة بين الشريف الرضي والشيخ الصابئي ظلت حية حتى عصرنا الحالي. أخبرني السيد محمد بحر العلوم عن آصرة الصداقة بين والده السيد علي بحر العلوم والشيخ الصابئي أبي بشير عنيسي بالعمارة فكان علي بحر العلوم يذهب إلى هناك لوجود أراضٍ موقفة له، وكانت تربطه بعنيسي صداقة وطيدة، فبعض الأصدقاء سأله:"كيف تكون لك صداقة وطيدة بشيخ صابئي؟ فرد عليه:

بيني وبين أبي بشير صداقة
تبقى مدى الأيام والأحقابِ
أني لأرجو الودَ يبقى بيننا
كودادِ سيدنا الرضي والصابي

بعد بيان آراء الفقهاء والعلماء المسلمين في أمر الصابئة المندائيين نود المرور على رسالة استلمتها عبر البريد موقعة باسم الشيخ ميثم العقيلي عن المؤسسة الإعلامية للسيد الشهيد الصدر بالبصرة، بعد التاسع من نيسان 2003، جاء فيها أن الصابئة يمارسون أعمال الدجل والشعوذة والزنا والتفريق بين المرء وأهله. قبل اتهام ديانة كاملة بمثل هذه الممارسات علينا التذكر جيداً ما يُتهم فيه الخصوم المذاهب الإسلامية الأخرى، وأخص بالذكر مذهبنا الشيعي.

فمَنْ ينسى تشويهات جريدة "الثورة" بقلم صحافي النظام السابق عبد الجبار محسن، ربيع 1991 ضد الشيعة في جنوب العراق، وأهل الأهوار عامة، كان المقال تحت عنوان "التعصب الشيعي، فساد أخلاق أهل الأهوار"، وجاء في المتن: "من المعروف أن الكثير من الذين أعدموا بقرارات من محمكة الثورة جراء الزنا بالمحارم هم من بين هذا الصنف من الناس"( 64).

ومَنْ ينسى ما نشرته جريدة عدي صدام حسين "بابل" من تشويهات وافتراءآت ضد الشيعة؟ لقد وردت في صفحة حوارات موضوع يبرئ هند بنت عتبة وزوجة أبي سفيان من دم الحمزة عم النبي، وموضوع آخر يشوه عقيدة الشعية في المهدي المنتظر، وفي طقوس عاشورا( 65).

وكان آخر هذه التشويهات ضد الشيعة ما جاء على لسان جريدة عربية صادرة بلندن، وهي من بقية تمويل النظام الزائل، حاولت تحسين صورة صدام حسين وعهده المظلم بأنه رفع راية الإسلام عالياً وبناء المساجد وقضى على الدعارة وأماكن الفسق.كتبت صحيفة "العرب" بالحرف الواحد: "أشتهرت العراق بتعدد أماكن اللهو فيها منذ الستينيات، وخاصة في المدن الجنوبية بحكم انفتاح الشيعة فيها، وقد حصل في مجلس صدام حسين حديث عما يحصل في هذه الأماكن من جرائم خلقية حتى أصبحت مرتعاً للفساد والإفساد"( 66).

فهل علم كاتب المقال ببواطن إفساد نظام صدام حسين وبواطن المذهب الشيعي، ومعاملاته! فلماذا يقع صاحب الرسالة في التوهم نفسه ويرى في المندائيين جماعة مفسدة دون أن يقرأ كتابهم وتشددهم ضد الشعوذة والزنا، ووداعتهم ومعاشرتهم الطيبة لأبناء المذهب الشيعي ومواطنيهم من العراقيين عامة، ولو حصل أن مندائياً واحداً أو مجموعة أفسدت فهل يعني هذا أن الدين المندائي راضي بما يفعلون، وهل أن أتباع الأديان والمذاهب الأخرى كافة يلتزمون تعاليم أديانهم ومذاهبهم؟
ولكشف الحقيقة نأتي بتعاليم المندائيين ضد الشعودذة والزنا وكل ما يضر المجتمع ويغضب الله. ورد في الكتاب المندائي المقدس "الكنز ربا" ما يفيد النهي عن الشعودذة والتنجيم: "لا تستشيروا العرافين والمنجمين والساحرين والكاذبين، في أموركم مخافة أن يرمي بكم أسوة بهؤلاء إلى الظلمات"( 67)، والظلمات تعني جهنم أو الجحيم. وجاء في النهي عن الربا: "لا تغالوا بفرض الفائدة والربا الفاحش خشية أن يقع عليكم الحكم بالنفي إلى الظلمات الدامسة( 68).

وفي النهي عن الزنا وإشاعته: "لا تعشقوا نساء الآخرين ولا تقترفوا الزنا، لا تغنوا غناء السكير ولا ترقصوا رقص الغجر، أحذروا أن يستحوذ على قلوبكم الشيطان المملوء بأحابيل السحر والخذاع والغواية، ذلك أنه يستطيع أن يقلب نوايا الصالحين المحمودة إلى عكسها ويجعل قلوب المؤمنين تتعثر وتتحول"( 69). هناك تعاليم أخرى تحرص على مساعدة الفقير وابن السبيل وأعطى حق الأحير والإلتزام بوحدانية الله، ومنها "لا تسبحوا للشمس والقمر الذاين ينيران العالم"، "لا تعبدوا الشمس التي اسمها شامش"، ويؤكد الدين المندائي على حب الخير والعمل به "لا تفعلوا شيئاً ضد الغير ما ليس تحبونه لأنفسكم". هذا شيء يسير من تعاليم المندائية.

الدخول للتعليق