• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 31 آذار/مارس 2019

سيمفونيات فاغنر

  ثائر صالح

اشتهر ريشارد فاغنر (1813 – 1883) بتأليف الأوبرات وبكتاباته عن الموسيقى وابتداعه قواعد للدراما الموسيقية التي لم يسر عليها أحد سواه. لكنه ألف كذلك القليل من الموسيقى الصرفة، بينها قطع للبيانو وسوناتات كتب أغلبها في شبابه. وقد فقد الكثير منها أو لم يكمل الجزء الآخر، وهي حالة استمرت معه طول حياته، فكثيراً ما بدأ بتأليف عمل ما من هذه الأعمال لكنه يتركه جانباً ولا يكمله، لربما بسبب انشغاله بتأليف أعماله الدرامية الضخمة. مع ذلك يرتبط الكثير من هذه الأعمال الموسيقية الصرفة بالمسرح، مثل الافتتاحيات التي تفتتح بها الأوبرات، وكل هذه الأعمال ليست ذات أهمية كبيرة. الاستثناء الشهير هو عمله المسمى "إيديل سيغفريد" الذي كتبه سنة 1870 لشدة فرحه بوليده سيغفريد. وهو عمل رقيق وحميم فاجأ به زوجته كوزيما ليست وقدمته جوقة صغيرة من موسيقيي فرقة من زيوريخ بقيادة قائدة الاوركسترا الشهير هانس ريختر أمام بيته.

نجد بين أعماله سيمفونية في دو الكبير ألفها سنة 1832، أي قبل بلوغه العشرين من العمر، جاءت بعد تأليفه سوناتاتين للبيانو. من يسمع السيمفونية هذه سيحس فوراً بقربها من أعمال بيتهوفن، وسيمفونيته السابعة بالتحديد. إذ لم تمر سوى سنوات قليلة على وفاة بيتهوفن العظيم، ولازال الموسيقيون تحت سطوة اسطورة بيتهوفن وتأثيره. كما نلمس التأثير المباشر لموسيقى شوبرت الذي توفي بعد بيتهوفن بقليل، بالتحديد تأثير سيمفونيته الكبرى في نفس السلم. كتب فاغنر هذه السيمفونية في بحر ستة أسابيع، وهي فترة قصيرة بالنسبة لموسيقي في مقتبل حياته الفنية. استعمل فاغنر اوركسترا صغيرة، ثنائية، أي بزوج من الأدوات غير الوترية، لكن مع أربع من أدوات الهورن وثلاث من الترومبون. يستغرق تقديمها أكثر من نصف ساعة بقليل.

ويعرف عن هذه السيمفونية أن فاغنر أهداها الى الموسيقار العظيم فيلكس مندلسون بارتولدي، لكنه لم يستلم منه جواباً، ولم يقدمها مندلسون. ويعتقد الكثيرون أن هذا الأمر كان وراء تبلور آراء فاغنر المعادية لليهود (فقد اعتبر مندلسون يهودياً، رغم اعلان عائلته تحولها للمسيحية وتعميد فيلكس واخته فانّي). وكان للموسيقي الألماني اليهودي جاكومو مايربير كذلك حصته في تزايد كره فاغنر لليهود رغم كل ما فعله مايربير لمساعدته ودعمه خاصة لتقديم رينزي وهي واحدة من أول اوبراته الناجحة.

هناك سيمفونية ثانية في سلم مي الكبير تعود الى سنة 1834، أكمل فاغنر كتابة مسودة حركتها الاولى وجهز مخططاً لحركتها الثانية. لذلك يصعب الحديث عن سيمفونية ثانية، إذ ما نسمعه اليوم هو التوزيع الاوركسترالي أنجزه الموسيقي النمساوي فيلكس موتل (1856 – 1911) بعد وفاة فاغنر. على العموم تشير مادة هذه السيمفونية الى تجاوز فاغنر التعلق ببيتهوفن الى التأثير بالموسيقيين الرومانتيكيين مثل كارل ماريا فون فيبر، وبسبب تزايد خبرته في الكتابة في مجال الأعمال المسرحية، فقد كتب أول أوبرا كاملة بعنوان الجنيات، سنة 1933.

××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××

السيمفونية في دو الكبير

https://www.youtube.com/watch?v=m4_V7E__ehY

 

من أشهر أعماله الموسيقية الصرفة: إيديل سيغفريد

https://www.youtube.com/watch?v=ci8uNw-LzSE

 

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد