وضع الموسيقار الروسي دميتري شوستاكوفيتش 1906-1975 الموسيقى لنحو 36 من الأفلام الروائية الطويلة، والعديد من أفلام الكارتون السوفيتية، وأصبح عدد منها أعمالاً موسيقية منفصلة بشكل متتابعة موسيقية (سويت).
من بين هذه الأعمال الموسيقية تلك التي الفها لفيلم "عشرة أيام هزت العالم"، هو عنوان فيلم صامت بالأسود والأبيض لسرغي آيزنشتاين انتجه في 1927 بمناسبة الذكرى العاشرة لثورة اكتوبر يوثق، ولو بصورة متأخرة، أحداث العام 1917 من الثورة البورجوازية في شباط، حتى قيام ثورة بتروغراد (ثورة اكتوبر). أعدت نسخة ثانية مع تسجيل مؤثرات صوتية ومصاحبة موسيقي لدميتري شوستاكوفيتش لاحقاً. وألف شوستاكوفيتش عن ثورة اكتوبر سيمفونيتين، هي رقم 2 في سي الصغير عنوانها "إلى اكتوبر" (1927)، والسيمفونية رقم 12 في ري الصغير وعنوانها "إلى سنة 1917" (1961).
كما ألف الموسيقى المصاحبة لفيلم هاملت (1964) من اخراج كوزنيتسيف وشابيرو، استناداً إلى ترجمة بوريس باسترناك لمسرحية شيكسبير هاملت. أما موسيقى فيلم "ذبابة الدواب"، والمتتابعة التي تكونت منها، فهي من أشهر أعمال شوستاكوفيتش في هذا المضمار. والفيلم من اخراج الكسندر فاينتسيمر (1955) اقتبس نصه من دراما أتل ليليان فوينيج (صدرت في 1897).
http://www.youtube.com/watch?v=BWReGCOFCGo
يعتبر شوستاكوفيتش من أهم المؤلفين الموسيقيين في القرن العشرين، تأثر اسلوبه بموسيقى العديد من العباقرة. وإذا أردنا تصنيف موسيقاه فهي رومانتيكية متأخرة عموماً، مع استعمال الموسيقى اللامقامية والكروماتية (التلوين). ونجد في أعماله ميلاً للغرائبيات (غروتسك) وقدراً كبيراً من السخرية.
إلى اللقاء السبت المقبل
اخترت لكم اليوم من افتتاحيات الألماني گيورگ فيليب تيليمان 1681-1767، أحد أهم موسيقيي عصر الباروك وأغزرهم انتاجا. لديه أكثر من ثلاثة آلاف عمل موسيقي، ويتميز اسلوبه بالتنوع، فكان مطلعاً على التقاليد الموسيقية الايطالية والفرنسية، وكذلك الموسيقى البولونية التي تعرف عليها واعجب بها أثناء عمله في خدمة الكونت ايردمان الثاني في قصوره في بولونيا.
تكلمت عن الشكل الموسيقي المعروف باسم الافتتاحية (في عصر الباروك) أو المتتابعة في مناسبة سابقة، وقلت أنه سلسلة أو متتابعة من المقطوعات الموسيقية الراقصة، وتؤدى في نفس المقام (لذلك تبدو مملة أحياناً وطويلة). وقد تكون مكتوبة لأداة ذات لوحة المفاتيح أو للوتريات أو لمجاميع مختلفة من الأدوات. وتنوع اسم هذا الشكل الموسيقي حسب البلد والهدف: متتابعة (رقصات) Suite de danses، نظام (رقصات) Ordre، افتتاحية Overture الخ. اشتهر الكثير من الموسيقيين بالكتابة في هذا الشكل الموسيقي، أهمهم تيليمان الذي كتب عشرات المتتابعات للاوركسترا، والفرنسيان فرانسوا كوبران وجان فيليب رامو (للكلافسان). وتبرز في هذا الجانب متتابعات هيندل المسماة موسيقى الماء وموسيقى الألعاب النارية، وكذلك متتابعات باخ للبيانو أو متتابعاته الاوركسترالية الأربع.
لكنني أود أن اوجه الانتباه الى مؤلفين آخرين أبدعوا في هذا
الجانب مثل الألماني يوهان فريدريش فاش (1688-1758). وبحلول نهاية عصر الباروك فقد هذا الشكل أهميته مع بروز أشكال السيمفونيا والسوناتا، ألا أن المتتابعة استعادت شيئاً من عافيتها وماضيها المجيد في القرن التاسع عشر، وبمحتوى جديد هذه المرة، عندما قام المؤلفون بتجميع مقطوعات موسيقية من أعمالهم الناجحة مثل الأوبرا والباليه أو الموسيقى المصاحبة للأعمال المسرحية، لكتابة متتابعة تقدم في صالات الموسيقى وليس المسرح أو دور الاوبرا. مثلاً متتابعات چايكوفسكي التي كتبها من باليهاته، أو أدفارد گـريــگ (افتتاحية پير گِـنت التي أشرت إليها في 5 أيار الماضي)، أو متتابعة البنت من أرليه لبيزيه (تحدثت عنها في مناسبة سابقة).
افتتاحية- متتابعة في فا الصغير
http://www.youtube.com/watch?v=UpgAPFz0noY
افتتاحية - متتابعة في ري الكبير
http://www.youtube.com/watch?v=OWs7CzIgzX4
إلى اللقاء السبت المقبل
يعد الفرنسي موريس جار (1924-2009) من بين أشهر مؤلفي الأفلام في هوليود، حاز على الاوسكار ثلاث مرات، على موسيقى أفلام أخرجها ديفيد لين هي: لورنس العرب (1962) ودكتور جيفاكو (1965) والطريق إلى الهند (1984). وإلى جانب الاوسكار حصل على ما يمكن الحصول عليه من جوائز سينمائية وموسيقية عالمية.
بدأ جار دراسته في حقل الهندسة سيراً على خطي أبيه مهندس الراديو، لكنه ترك السوربون ليبدأ بدراسة الموسيقى التي استهوته أكثر. عمل في تأليف الموسيقى المصاحبة للعروض المسرحية في فرنسا، وكان فيلم لورنس العرب أول فيلم عالمي يؤلف موسيقاه، فأصبح شهيراً بين ليلة وضحاها.
عمل مع مخرجين كبار مثل هيتشكوك، وفي قائمة الأفلام الرائعة التي وضع موسيقاها نجد مثلاً فيلم الرسالة (بطولة انتوني كوين وإيرينه باباس 1977) والشمس الحمراء (بطولة تشارلز برونسون وآلان ديلون واورسولا أندرس 1971) والشاهد (بطولة هاريسون فورد 1985).
يتميز باستعماله الاوركسترا واقتباسه من الموسيقى المحلية التي تدور فيها أحداث الفيلم، مثلاً استعمل الأبعاد الموسيقية العربية في فيلم الرسالة، مثل الكرد والحجاز، والدفوف والمزاهر. وفي فيلم ابنة راين (1970) استعمل الألحان والأساليب الموسيقية الأرلندية. وفي الثمانينات بدأ يستعمل الموسيقى الألكترونية وأخذ يمزجها مع الاوركسترا، لأنه بدأ يكتب موسيقى أفلام الخيال العلمي. على أية حال لم تكن هذه نقطة القوة الرئيسية عنده، لكنها أصبحت كذلك عن ابنه جان ميشيل جار الذي يعد أهم مؤلف للموسيقى الألكترونية اليوم.
الأفلام التي حصل بها على الاوسكار
لورنس العرب (1962)
http://www.youtube.com/watch?v=irPSvEkQl8Q
دكتور جيفاكو (1965)
http://www.youtube.com/watch?v=3X-Q4nmYqc4
ومن أشهر ألحان هذا الفيلم لحن لارا:
http://www.youtube.com/watch?v=3RGWE6zJKXk
الطريق إلى الهند (1984)
http://www.youtube.com/watch?v=N9bFvf1JtW0
المفاجأة، هو عنوان سيمفونية النمساوي فرانس يوزف هايدن (١٧٣٢-١٨٠٩) المرقمة ٩٤ في صول الكبير، التي قدمها في لندن يوم ٢٣ آذار ١٧٩٢. كتب هايدن هذه السيمفونية في ١٧٩١ إلى جانب أعمال اخرى في لندن، خلال زيارته الاولى لها في ١٧٩١-١٧٩٢. وقد اكتسبت صفتها التي اشتهرت بها، المفاجأة، من استعماله كورد (مجموعة نغمات متآلفة ومتزامنه) مفاجئ راعد بمساهمة كل العازفين في الفرقة بعد مقدمة بطيئة بإيقاع اندانته (إيقاع السير الاعتيادي) في الحركة الثانية. ومن المعتاد أن تكون الحركة الثانية في السيمفونية الكلاسيكية بطيئة، وغالباً ما تكون فيها ديناميكية الصوت معتدلة وهادئة. ويقال أن السيمفونية لم تضم هذا الجزء المفاجئ غير الاعتيادي في الأصل، ألا أن هايدن أضافه إليها قبل اسبوع واحد من تقديمها بعد أن رأى عدداً من المستمعين يغطون في النوم أثناء تقديم حفلة موسيقية، فقرر أن هذا لن يحدث أثناء تقديم سيمفونيته الجديدة. وقوة صوت الاوركسترا الراعد في هذا الكورد الفريد، علاوة على عنصر المفاجأة كفيلان بإيقاظ من قد يغط في إغفاءة بسبب الايقاع البطيء للحركة الثانية.
ونعرف عن هايدن ولعه بابتكار الغرائب وابتغاء التجديد في أعماله حتى يفاجئ جمهور مستمعيه، ولا تعد مفاجأة السيمفونية الحالية المفاجأة الوحيدة. ولعلنا نذكر طرفته المليحة في سيمفونية الوداع (رقم ٤٥) التي تحدثت عنها في مناسبة سابقة قبل سنتين، عندما انسحب العازفون في الحركة الأخيرة تدريجياً حتى اختتم هايدن السيمفونية بعازفين اثنين فقط. استناداً لذلك تقول مصادر اخرى، أنه لم يقصد إيقاظ النائمين بقدر ما ابتغى استعمال عنصر المفاجأة لاكتساب الاعجاب والحصول على استحسان المستمعين كعادته وهو أمر كان هايدن لا يفشل في تدبيره بدون شك.
هذه فرقة هايدن النمساوية-المجرية بقيادة المايسترو المجري آدام فيشر مع سيمفونية المفاجأة لهايدن
http://www.youtube.com/watch?v=9PSIumklRO8
ولد هذان العملاقان في نفس اليوم، وإن بفارق 7 سنوات. كلاهما ولد في السابع من أيار، الأول في 1833، والثاني في 1840. الأول من أعمدة الموسيقى الألمانية وكذلك النمساوية إذ أمضى سنوات طويلة في النمسا، قد يكون محافظاً في نظر البعض، لكنني اغامر بالقول أنه كان من أبرز الرومانتيكيين، سوى أنه سار على التقاليد الموسيقية الألمانية القائلة: الموسيقى يجب أن تكون جادة. أما چـايكوفسكي فكان أهم وأبرز الموسيقيين الروس في القرن التاسع عشر ممن حازوا على شهرة أوروبية، ويعود لنشاطه الموسيقي والتربوي الفضل في ظهور أجيال من الموسيقيين الروس، وظهور الموسيقى القومية الروسية ذاتها.
ملاحظة صغيرة عن الموسيقى القومية الروسية، أقول أن احتلال روسيا القيصرية لإمارات آسيا الوسطى الاسلامية في أواخر ستينيات وفي سبعينيات القرن التاسع عشر، بتواطئ بريطاني، أعطى النبض القومي في الموسيقى الروسية دفعة قوية، في انعكاس لتزايد الشعور القومي الروسي بعد هذا التوسع الامبريالي. من جانب آخر أسهم ذلك في إيصال سحر الشرق إلى الموسيقى الأوربية، فقد تناول أشهر المؤلفين الروس المعروفين باسم مجموعة الخمسة موسيقى أواسط آسيا في أعمالهم. من بينهم الكيماوي بورودين، إذ من مِنّا لم يستمع إلى قصيدته السمفونية الرائعة المعنونة في سهوب آسيا الوسطى التي الفها في 1880، أو الضابط ريمسكي-كورساكوف ومتتابعته الشهيرة شهرزاد؟ لربما اتناول هذا الأمر في سبت قادم، لكن نعود إلى برامز وچـايكوفسكي. هذه مختارات سريعة لبعض أعمالهما، وهو اختيار لا يفي بحق هذين العملاقين بأي شكل من الأشكال.
من أعمال برامز الجميلة والشهيرة، تنويمته تصنيف 49 رقم 4
http://www.youtube.com/watch?v=t894eGoymio
وكذلك اشتهرت رقصاته المجرية وبالخصوص الاولى والخامسة، برغم قناعتي بأن كل السلسلة تستحق التنويه. هذه الرقصة الخامسة بتقديم فرقة الغجر المجرية ذات المائة عازف، بنكهة مجرية وغجرية حقيقية
http://www.youtube.com/watch?v=TwRKZ1a167Q&NR=1
لابد من ذكر سمفونيات برامز وكونشرتو الكمان الرائع، هذه الحركة الثالثة بعزف اسطورة الكمان دافيد اويستراخ في تسجيل يعود إلى العام 1958
http://www.youtube.com/watch?v=yFW5-TKt9SI&feature=related
أود كذلك أن تشاركوني متعتي في الاستماع إلى هذا المقطع الجميل والجليل من قداس برامز الجنائزي
http://www.youtube.com/watch?v=yg7sU5B_ibM
ننتقل الآن إلى چـايكوفسكي، الذي نعرفه من خلال موسيقى الباليه الرائعة التي الفها، وسيمفونياته الجميلة وكونشرتاته وحتى الرباعيات الوترية وموسيقاه الغنائية. برغم تناقض كلمات الجملة سأقول: سأبدأ بخاتمة افتتاحية 1812 الشهيرة
http://www.youtube.com/watch?v=u2W1Wi2U9sQ
بعد هذه الموسيقى الحماسية القومية، ننتقل إلى السمفونية السادسة، بالتحديد الحركة الرابعة، التي تأسرنا بهدوئها وحزنها وعمقها العاطفي
http://www.youtube.com/watch?v=3ebQYH6EpJ8&feature=related
وما دمت ذكرت كونشرتو الكمان لبرامز، يتعين أن أشير إلى عمل چـايكوفسكي الممائل، وهو برأيي واحد من أعظم أربع كونشرتات كمان كتبت في التاريخ، مؤلفوها هم: بيتهوفن وبرامز وچـايكوفسكي ومندلسون. هذا دافيد اويستراخ مرة ثانية
http://www.youtube.com/watch?v=77DgEqwRnrA&feature=related
أخيراً، هذا عمله الشهير تنويعات على لحن روكوكو للـچلو والأوركسترا
http://www.youtube.com/watch?v=c2PQo6aAi44&feature=related
أتمنى أنني أثرت شهيتكم للاستماع إلى المزيد من موسيقى هذين العبقريين.
ولد في سانكت بيترسبرگ سنة 1906، حيث درس في كونسرفاتوارها، وقدم فيها أول أعماله، السمفونية الاولى سنة 1925. قدم سمفونيته الثانية في 1927، في نفس الفترة ألف اوبراه "الأنف" استناداً إلى رواية گوگول الساخرة بنفس العنوان. غير أن الإدارة الفنية الستالينية هاجمت العمل وانتقدت شوستاكوفيچ عند تقديمها سنة 1930، واعتبرتها "شكلانية". ومنذ ذلك الوقت تميزت علاقته بالسلطات الستالينية بالتصادم فالنقد، ثم التصالح بعد تقديم النقد الذاتي المطلوب. قدم اوبراه الثانية "ليدي ماكبث" في 1934 بنجاح. ألا أن ذلك لم يمنع السلطات الستالينية من مهاجمته علناً سنة 1936 واتهامه بالشكلانية-التجريدية والتحلل البرجوازي، ولا غرابة في ذلك، إذ شهد هذا العام تصاعد وتيرة القمع الستاليني الذي تمخض عن تصفيات رهيبة لقيادات الجيش الأحمر، أدت إلى خسارته في الحرب الفنلندية لاحقاً أمام الجيش الفنلندي الضئيل، وانهياره السريع أمام الجيش النازي صيف 1941. سمفونيته الخامسة كانت محايدة، مع أنه كتب حركتها البطيئة في ذكرى صديقه الماريشال توخاچفسكي، الذي ذهب ضحية للارهاب الستاليني.
ثم جاءت الحرب العظمى، فألف سمفونيته السابعة أثناء حصار لينينگراد، في المدينة المحاصرة بادئ الأمر، وأكملها بعد إخراجه منها وعائلته لاحقاً. أصبحت هذه السمفونية التي قدمت في لينينگراد للمرة الاولى في 1943 رمزا للمقاومة ضد النازية وبث الراديو السوفيتي حفلتها الاولى على الهواء، ومن مكبرات صوت ضخمة ليستمع إليها الجيش الالماني كذلك. ويقول أحد الجنود الألمان أنه أيقن عندئذ بأن ألمانيا ستخسر الحرب.
تصادم مع الستالينية من جديد سنة 1948 ومنع تقديم اعماله وحورب بقرار من جدانوف، واجبر على تقديم النقد الذاتي علناً. جاءت وفاة ستالين في 1953 لتسرع من إعادة الاعتبار للموسيقار الكبير، حتى أنه انتمى للحزب الشيوعي السوفيتي سنة 1960، وانتخب عضواً في مجلس السوفيت الأعلى. ألا أن الدافع وراء ذلك التغير غير معروف بدقة، فقد يكون بسبب الاجبار. ومع ذلك، استمر في تأليف أعمال مثيرة للنقاش، مثل سمفونيته الثالثة عشرة التي لحن فيها قصيدة ليفتوشنكو عن معاداة السامية. وكان العالم الغربي يترقب تقديم أعمال شوستاكوفيچ بمنتهى اللهفة، ويعده النقاد الغربيون أحد أهم موسيقيي القرن العشرين.
أمضى سنواته الأخيرة عليلاً، وتوفي في 9 آب 1975 بسرطان الرئة.
ألف العديد من الأعمال بينها 15 سمفونية، وأعمال للبيانو منها مجموعتين من 24 پرليود (مقدمة) وفوگا، ومن موسيقى الحجرة التي الفها نجد 14 رباعية وترية تعتبر من بين أهم التراث الموسيقي للقرن العشرين في هذا المجال. ولديه سويتات أي متتابعات الجاز، والكثير من موسيقى الأفلام وأفلام الكارتون.
تأثرت أعماله بالتراث السمفوني لچايكوفسكي، وبالروح الدرامية لموسورسكي، وبموسيقى النمساوي مالر والروسيين سترافنسكي وپروكوفييف. لكن بعض أعماله للبيانو ورباعياته تعود بجذورها إلى البناء المتين الذي ميز أعمال باخ.
نبدأ أولاً بالحركة الثانية من كونشرتو البيانو رقم 2 في فا الكبير، عمل رقم 102 من أداء دمتري شوستاكوفيچ حفيد الموسيقار، وقيادة ابنه مكسيم لفرقة موسيقيي مونتريال:
http://www.youtube.com/watch?v=JlMHjo7Jwhk
وفي التسجيل التالي يعزف شوستاكوفيچ عمله "پرليود وفوگـا رقم 4 في مي صغير"، العمل مؤلف في 1950-1951:
http://www.youtube.com/watch?v=_jFT9BCq8x4
الحركة الثالثة "آلّگـرتّو" من رباعيته الوترية رقم 8 في دو صغير تصنيف العمل رقم 110، رباعي كرونوس:
http://www.youtube.com/watch?v=6OtqABpuV-s&feature=related
من أعماله الجميلة متتابعة سويت بعنوان ذبابة الخيل، قدمت لأول مرة سنة 1955، بعد وفاة ستالين. إليكم أولاً الافتتاحية
http://www.youtube.com/watch?v=ab2FB_dyG-k
وهذه الحركة الثانية من المتتابعة، من بين أرق ما سمعت:
http://www.youtube.com/watch?v=968R082v-Ts&feature=related
الحركة الثالثة، العيد الشعبي (العيد الوطني):
http://www.youtube.com/watch?v=OA9OF5wahEQ&feature=related
الحركة العاشرة، نوكتورن (قطعة ليلية)
http://www.youtube.com/watch?v=LIYl0xuEfsM&feature=related
وأخيراً الخاتمة التي تذكرني بسيمفونيته السابعة، سمفونية لينينگراد:
http://www.youtube.com/watch?v=E9jnoouXrhw&feature=related
أما هذه فهي رقصة فوكستروت من متتابعة (سويت) الجاز رقم
1:
http://www.youtube.com/watch?v=eyjxUFS7GiE
أخيراً إليكم الإفتتاحية الاحتفالية تصنيف رقم 96، تسجيل احتفال نوبل للعام 2009 في ستوكهولم:
http://www.youtube.com/watch?v=1gDZTah8J2A
اعتبر الفنانون الأوروبيون القيثارة رمزاً للموسيقى، ولاحقا للشعر. ويمتد هذا التصور في جذوره إلى عصر الاغريق الذين صورت منحوتاتهم البارزة ورسومات مزهرياتهم الأدوات الموسيقية التي كانوا يستعملونها. فنجد صوراً ومجسمات الناي والقيثارة (الهارپ) التي كانوا يسمونها λύρα، وتقرأ ليرا، وهي كلمة اصبحت في اللغات الأوروبية مرادفاً للغنائية، لأنها كانت تصاحب المغني أو قارئ الشعر، وحتى الملاحم الاغريقية القديمة كانت تؤدى بمصاحبة القيثارة. لكن القيثارة منبعها سومر، وقيثارة اور الشهيرة التي عثر عليها وولي تعود إلى 4500 سنة خلت، وكان للمصريين القدماء أدواتهم الموسيقية كذلك، بينها القيثارة.
استعملت القيثارة منفردة، ولمصاحبة الغناء، وفي العصر الرومانتيكي أصبحت من الأدوات المكملة للأوركسترا، وتؤدي مقاطع هامة في الأعمال الموسيقية لما يمتلكه صوتها من جاذبية وتأثير عاطفي هائل. وأبدع في استخدامها عدد من الموسيقيين، مثل تشايكوفسكي الذي استعملها في باليهاته. بالمقابل هناك عدد من المؤلفين الذين خصوا هذه الأداة الجميلة بأهمية قصوى، وكتبوا لها كونشرتو مع الاوركسترا، اليكم باقة من أشهرها:
كونشرتو الهارپ والأوركسترا لجورج فريدريك هاندل، من بين الأعمال المفضلة عندي:
http://www.youtube.com/watch?v=bp7fPvWks3c
كونشرتو الهارپ، للنمساوي غيورغ كريستوف فاغنزايل (1715-1777):
http://www.youtube.com/watch?v=whWWrm3RAbw
الحركة الثالثة من كونشرتو الهارپ والوتريات للفرنسي فرانسوا بوالديو (1775-1834)، كثيراً ما نسمع هذه الحركة:
http://www.youtube.com/watch?v=Ba4WzGC692c
ونتقدم في الوقت إلى عصر متأخر، هذا الموسيقي الاوكراني-الروسي ثم السوفيتي ذو الأصل البلجيكي راينهارت غْليير (1875-1956) مع كونشرتو الهارپ والاوركسترا، وهي واحدة من أجمل الأعمال:
http://www.youtube.com/watch?v=N1CdBxGurCI
أخال أن الجميع سمع بأسم يوهان سباستيان باخ (1685-1750) أحد أعظم الموسيقيين الأوروبيين على مر العصور. وهو أحد أفراد عائلة موسيقية عريقة اشتغل أعضاؤها بصنعة الموسيقى منذ القرن السادس عشر، وبرز بينهم إلى جانب يوهان سباستيان باخ الكبير العشرات من الموسيقيين الموهوبين.
ويقال أن جد باخ الأكبر فايت (أو فيتوس) كان يعيش في مدينة فسپريم الواقعة في غربي المجر (هنگاريا)، وهي مدينة جميلة صغيرة عزيزة على قلبي، فقد أمضيت فيها سنوات دراستي الجامعية للحصول على ماجستير الهندسة البتروكيمياوية. ولد فايت في 1550، وهاجر إلى تورينگيا بألمانيا بسبب الاضطهاد الديني الذي وقع عليه لمعتقده البروتستانتي، في خضم الهجمة التي قام بها آل هابسبورگ النمساويون الكاثوليك لإعادة كثلكة المجر التي اعتنقت البروتستانتية في القرن السادس عشر. كان فايت خبازاً ويهوى العزف على أداة موسيقية تشبه القانون (سيترن)، أما ابنه هانس، فكان أول أفراد العائلة الذين احترفوا الموسيقى.
لنبدأ اليوم بيوهان برنهارت باخ (1676-1749)، إبن العم الثاني ليوهان سباستيان، وكان يوهان سباستيان معجباً بموسيقاه التي لم يصل إلينا منها سوى القليل، أربع سويتات للأوركسترا (متتابعة أو افتتاحية)، وبعض القطع الاخرى للأورگن. وكان باخ يحتفظ بمدونات يوهان برنهارت ليدرس اسلوبه وطريقته في التأليف. من أعماله الباقية استمعت ذات مرة إلى عمله سويت رقم 1 (صول الصغير) من راديو وسط ألمانيا MDR، بإداء عازف الكمان البارع آنتون شتَك، وكان من الأعمال النادرة التي يمكن للمرء أن يقول عنها أنها أحد الأعمال المفضلة بالنسبة إليه. كانت ذلك الصنف من الأعمال الموسيقية التي يستمع إليها الانسان يومياً عدة مرات ويكررها دون أن يملها. لنستمع اليوم إلى مقطع من السويت رقم 3 (صول الصغير) بأداء فرقة برازيلية من ساوبالو:
http://www.youtube.com/watch?v=ZTmNLf95QDk
وحتى نتعرف على أناقة اسلوب يوهان برنهارت، لنستمع إلى هذه المقاطع القصيرة من سويت رقم 2 (صول الكبير)
http://www.youtube.com/watch?v=X65eGKylnvM
للأسف، لم أعثر على تسجيلات أكثر لهذا الموسيقي الكبير، بالخصوص سويت رقم 1 التي اعتبرها جوهرة ثمينة من جواهر الموسيقى. لقاؤنا القادم في أول أيام العام المقبل 2011، مع باخ آخر. كل عام وأنتم بخير وسلامة،
أتمنى لكم عطلة هانئة
كان ظهور الاوبرا في السنوات الأخيرة من القرن السادس ثورة في الموسيقى بمعنى الكلمة. لأن هذا الشكل الموسيقي الغنائي كان يعني ظهور فن جديد بما يحمله الأمر من معاني. فن يجمع الموسيقى والشعر والمسرح في وحدة عضوية متكاملة، تعطي الفنان امكانية جديد للتعبير الفني لم تكن معروفة من قبل. والاوبرا فن ايطالي خالص، عنوانه يدل على المسرح، وكانت تسمى كذلك دراما موسيقية، في إشارة واضحة إلى المسرح.
برغم تأليف جاكوبو بري أول اوبرا سنة ١٥٩٧ بعنوان دافني (فُقدت موسيقاها) وثاني اوبرا بعنوان يوريديتشيه، فإن كلاوديو مونتفردي (١٥٦٧-١٦٤٣) كان أول من ألف اوبرا بالمعني المعروف، لذلك تعتبر اوبراه اورفيو أول اوبرا حقيقية، ألفها سنة ١٦٠٧. ولحق مونتفردي اورفيو باوبرات ثلاث آخرها أعظمها، هي تتويج بوبيا (١٦٤١). في تتويج بوبيا الكثير نجد الكثير من الاشارات إلى الدور المستقبلي للاوبرا، كأداة فعالة في التأثير على الوعي الاجتماعي. فهذه الاوبرا تعبير مبطن عن الصراع السياسي والاقتصادي بين فينسسيا ومنافستها روما، عبر توظيف رواية نيرون وحبيبته بوبيا في هذا الاتجاه. وفيها استعمل مونتفردي قصة تاريخية لأول مرة، بعد أن كانت الأساطير هي المواضيع المستعملة في الاوبرا. وأصبح الثنائي العاطفي الختامي لنيرون وبوبيا من أشهر آريات الأوبرا، وهي واحدة من أجمل ماكتب.
لكن التطور الحقيقي في الاوبرا حصل على يد كريستوف فيليبالد غلوك (١٧١٤-١٧٨٧)، ويا للعجب، فهو موسيقي ألماني، وليس ايطالي. ويتلخص جوهرها، أن غلوك أدخل تغييرات واسعة على شكل الاوبرا ووضع اسس الاوبرا الحديثة. من التغييرات التي ادخلها اعتبار الافتتاحية جزءاً من الأوبرا وليس عملا منفصلاً كما كان في السابق، وخدمة الموسيقى النص وليس العكس، وتحرير شكل الآريا (الأغنية) من قيودها، وادخال شكل الالقاء الملحن بمصاحبة الاوركسترا، وإعطاء الكورس دوراً أكبر (والعودة إلى الدراما الاغريقية في هذا الشأن). وحملت أوبرا غلوك الجديدة اسما قديماً، هو اورفيو ويوريديتشه. لكن خلف هذه الاسطورة الاغريقية القديمة توارت الاوبرا المعاصرة. هذه رقصة الأرواح المباركة، وهي بين أشهر مقاطع هذه الاوبرا
مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح
شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.
ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.