• Default
  • Title
  • Date
  • موسى الخميسي-روما
    المزيد
     مدينة فاريزى الشمالية، وفي صالات قصر" ميرابيلو" التاريخي العريق، يقام
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    انتفض شباط من سبات شتائه و بدأ ينفض عنه غطاء
  • موسى الخميسي
    المزيد
    لم تكن تلك الحقبة الفريدة من تاريخ الحروب الحافلة بالأحداث
  • موسى الخميسي
    المزيد
    حادثة الاصطدام التي تعرضت لها الفنانة المكسيكية فريدا كاهلو، التي
الأحد, 27 كانون2/يناير 2019

من اللاشيء الى الحلم

  موسى الخميسي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

 

ثلاثة معارض فنية في آن واحد عن السريالة

قد يتفق في اغلب الاحايين ان نجد معارض او فعاليات فنية تعالج نفس المحور او الموضوع، تاريخ فنان ما او مجموعة من الفنانين. والامثلة لا تعوزنا هنا، فلنضرب مثلا على ذلك بالمعارض الثلاثة المقامة في ثلاثة مدن ايطالية عن السريالية. ويكفي التثبت من مصدر الاعمال ومن المنزلة العلمية للقائمين على المعارض كي نفهم وندرك اهمية وجدية هذه العروض الفنية. يذكر بان السريالية، نشأت في فرنسا، وازدهرت في العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين، وتميزت بالتركيز على كل ما هو غريب ومتناقض ولا شعوري. وكانت السيريالية تهدف إلى البعد عن الحقيقة وإطلاق الأفكار المكبوتة والتصورات الخيالية وسيطرة الأحلام. واعتمد فنانو السيريالية على نظريات فرويد رائد التحليل النفسي، خاصة فيما يتعلق بتفسير الأحلام.

المعارض تقترح سرديات مختلفة جزئيا: اثنان منها وقع الاعداد لهما مع مؤسسات عمومية مما يجعلنا نطمئن الى مصدر الاعمال الفنية؛ فاما احدهما فمخصص الى نزعة االـ"دادا' والنزعة السريالية وهو وارد من متحف "بويجمانز فان بيونينغن" في مدينة روتردام الهولندية والذي يحمل عنوان "من اللاشيء الى الحلم". تشرف عليه ومؤسسة فرّيرو، بجزيرة آلبا الايطالية، واما الثاني فقد خصص لسنة 1929 وللحظة الذروة للحركة السريالية واعماله وافدة من متحف "بومبيدو" بباريس تحت عنوان (من ماغريت الى دوشامب.1929: السريالية الكبيرة ). في مدينة بيزا، في قاعات القصر الازرق. واما المعرض الثالث فعنوانه (الشاعر أبولّينير والابداع . الشاعر واصدقائه في باريس الريادات) وتحتضنه مدينة تورينو.

ويدمج معرض جزيرة آلبا الى جانب الاعمال الوافدة من مدينة روتردام سلسلة من الاعمال المختارة والمستلفة من قبل القائمين على المعرض؛ وتجدر الاشارة هنا الى ان كل الاعمال المعروضة تتوفر على جذاذات تعريفية وتقديمية للاعمال تتسم بعناية فائقة. اما في معرض مدينة بيزا فنجد ان الجذاذات منسوخة من كتالوغ المتحف الباريسي الا ان بعضها تعوزها التحليلات الخاصة والمميزة.

ومن الجدير بالذكر ان في معرض جزيرة آلبا قد ركز على اصول الدادائية ، وللقاء الذي جمع بعض الفنانين المنفيين عام 1916 بكابريه فولتير بمدينة زوريخ، ثم مع نهاية الحرب ورجوع المجموعة الى باريس. والمشكل هو ان نفهم دلالة رفض الدادائيين وانتفاضتهم على الفن واساسا على التواضعات البورجوازية، واكتشافهم لابداع ينطلق من هذه "الصفحة البيضاء" . ويفسر لنا بيانهم(1918) مجمل اهدافهم الذي يستهلونة بالقول( يرتبط الفن، تقنية واتجاها، بالزمن الذي يعيش فيه، والفنانون هم نتاج عصرهم. وارفع فن ما كان مضمونه الفكري يعكس الالاف من قضايا عصره، وما يمكن القول عنه إنه قد اخضع لهزات الاسابيع الاخيرة، متحفزا من جديد تحت ضربات اليوم الاخير. إن افضل الفنانين، واكثرهم تفوقا، من ينتزع اشلاءه من دياجير كوارث الحياة،ويعضّ النفس بكف، وقلب دام، في فكر عصره. هل حققت " التعبيرية" ما كنا نتوقعه من وجود لمثل هذا الفن، الذي سيكون تعبيرنا عن الاهتمامات الاكثر حيوية واهمية؟ لا. لا. لا.). الدادائيون يقولون بان الفن لا يعني شيئا... وانه انعدام المعنى الخالص... بيد ان الامر على صعيد الواقعة فانهم يريدون ان يقولوا لنا بان هذا العدم ، ان هذا الفن، هو في الحقيقة متعلق بالمعنى القوي للاّشيء وللعدم. شيء ما يسمح لنا بتفسير الابداع، الخلق، اخراج شيء، كما لوكان من العدم، يدهشنا ويشد وثاقنا اليه . وهذا المشكل، مثلما يدقق الدادائي تريستان تزارا، هو الذي طرحه افلوطين في القرن الثاني: الابداع هو الابداع من عدم. وهكذا، في نهاية الحرب، اكتشف موقعوا بيان دادا خلب الاشياء اليومية فوضع اسس السريالية، التي ستعرف زمانين وبيانين بامضاء آندريه بريتون، الاول عام 1924 ويرمي الى وظيفة جديدة للفن في المجتمع واما الثاني فعام 1929 فيختار الانخراط في الماركسية الذي عورض معارضة قوية من قبل بعض السرياليين.

لكن لنات الان الى الموازنة بين معرضي مدينة بيزا ومدينة آلبا. فالاول نجده يبدا مع العمل الفني "الجثة الهامدة" الذي يعبر عن لعبة مؤسسة على التداعيات الحرة تحت رمز فرويد. فالجثث الهامدة قد خبرت اولا في الشعر ثم في الصور: ان تكتب او ترسم على نفس الورقة من دون معرفة سابقة منك بما فعله الاخرون قبلك، وهكذا اثمرت هذه المحاولات مصفوفة اعمال من جنس اعمال كل من الفنانين: جوان ميرو، ماكس موريزي، مان راي او إفيس تانغوي. اما المظهر الاخر المهم في معرض بيزا فهو القسم المخصص لـ 'اللعبة الكبيرة' (1928-1930) وهو عنوان مجلة وقطب مجموعة من الفنانين يبتدئ من رايمس في العشرينات ثم من بعد ذلك في باريس، ما بين 1926-27، يلتقي مع رسام براغا "جوزيف سيما" المشتهر باهتمامه بالفلسفات الشرقية. فهذه المجموعة لا يمكن ان تحظى باهتمام الماركسي آندريه بريتون الا ان رسم 'سيما' او لوحة "المشهد المزدوج العاصفة الكهربائية" (1928) التي نجد فيها فروع بينة لاشجار قبالة غابة وحشة مرعبة واجسام هندسية في ضرب من المجابهة بين اللاوعي والعقل؛ فلوحة كهذه لا يمكن لها الا ان تنال اعجاب اكبر عدد من السرياليين كماكس إرناست وأندري ماسون.

اما في معرض جزيرة آلبا فتتبين لنا الطرق المختلفة التي سلكها السرياليون. بداء من "ماكس إرنست" الذي في سنة 1929 وتحديدا في عمله "المراة 100 راس" نجده يخترع قصصا، ملصقات مقتطعات من كتب، من استكشافات، من كتالوغات علماء الطبيعة ومن روايات الرحلات: انها مشاهد واشكال اعيد تشكيلها وتركيبها واكتسبت تنضيدا في ما سمي بـ "الرواية المعثورة" التي تفرض على المبصر ان يخترع معانٍ جديدة. بينما نجد رينيه ماغريت يقترح علينا تعليق الزمان في عمله "اعادة الانتاج الممنوعة" (1937) : رجل يُرى ظهره واقف امام مرآة وكتاب يوجد تحت يُرى انعكاسه في المرآة، لكن في الجهة العليا للزجاج يبصر ايضا ظهر الرجل المرسوم؛ وهنا نجد الفكرة الاساسية للنزعة السريالية او ان الابداع يعني ان نمثل اللاموجود. وفي سنة 1938 رسم الفنان سلفادور دالي "اسبانيا" ، على شكل هندسي مسدس الواجهات باحجار، من صندوق تتدلى منه خرقة حمراء بجنب صورة شفافة وآلهة قديمة قبالة صحراء مسكونة بخيالات متصارعة وأفق من خراب ولخراب لبلد محطم.

بينما نجد ان موضوع معرض مدينة تورينو هو الحرب، تلك الحرب التي يعرضها لنا الشاعر أبولّينر في قصته "حلمات تريزياس " التي كتبها بين 1903 و1917 والتي قدمت في المسرح بباريس في 24 يونيو 1917. القصة تدور في زنزبار، ارض متصحرة من الاطفال، مجاز واستعارة لفرنسا المحطمة، حيث تريزا ترفض دورها كمراة فيطير ثدياها كما تطير كرات الهواء البلاستيكية وتتحول الى الكاهنة او الالهة تريزية. كما نجد في هذا المعرض خطاطات الملابس، التي هي من امضاء الفنان الروسي سارج فرات والتي هي منشدة الى بيكاسو في مرحلته التكعيبية، حيث الاجساد التي جزئت تستدعي، من جملة ما تستدعيه، ما آلت اليه في الخنادق. لكن بعد الحرب نجد تشابك بيّن بين دادا ما بعد الحرب ودادا السريالي وهكذا نجد الاستعاضة عن تحليل الواقعي بالصور التي صعّدت، والمختلفة، والتي عرضت عرضا جيدا في معرضي آلبا وبيزا.

ومن اليقيني، وقبل الجميع، نجد مان راي بغرافاته وبـ 'شمسياته' (1921) ثم ياتي من بعده جاك اندريه بوافّار وموريس تبار.. فمع هؤلاء نجد ان الضوء، الصدفة والتداعيات الحرة لا يزال جميعها ارحاما لصور كثيرة. لكن صورة فوتوغرافية تبين لنا طريقا مختلفا: ففي كابوس ليلة من وسط الصيف لدالي وفليب هالسمان (1944) نجد ان كل شيء قد حُدد بطريقة كاملة بالرغم من الليل؛ لذلك فنحن ازاء قراءة ساخرة لنص شكسبير. وهكذا فان الابداع من لاشيء، الذي اقترحته حركة دادا والذي غيره لاحقا ماكس ارنست، رينيه ماغريت، مان راي واخرون كثر، قد اصبح بناءً مراقبا مع الفنان التحليلي والوصفي والاكثر فرويدية من غيره من فناني المجموعة: سلفادور دالي. انه فنان فريد وفرادته تكمن في كون فكرة الابداع من العدم عند افلوطين التي حاول بها ان يفهم خلق الالهة لا نجد لها ما يناظرها هنا كما بعدت الشقة بين اعمال دالي وبين الجبهة والحرب المعيشة التي وصفها ابولّينر في الشعر وفي دراما 1917.

الدخول للتعليق

التجمع المندائي الثامن عشر


 
لاتفوتكم فرصة المشاركة في التجمع المندائي الثامن عشر هذا العام

مفاجئات وفعاليات الخاصة