• Default
  • Title
  • Date
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    في لحظات من الخوف والقلق زاد من شدتها احمرار لون
  • بقلم. نعيم عربي ساجت
    المزيد
    اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في
  • صلاح جبار عوفي
    المزيد
      رنَّ جرسُ الدار..! تسابقت الصبایا الثلاث ( شھد ، تمارا ، مایا
  • فارس السليم
    المزيد
    في ليلة ممطرة شديدة البرودة والصواعق تنشر الرعب في نفوس
السبت, 21 كانون2/يناير 2017

رون وآسو وجانو

  عماد حياوي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

(رون كيرك) شاب إنكليزي وسيم يعمل مديراً لفرع شركة (ديكسون) للشحن والدعم اللوجستي للشركات البريطانية العاملة بالعراق بالسبعينات، تعرفنا عليه بعد أن أصطادته فتاة عراقية أسمها (آسو) وأوقعتهُ في شباكها خلال تواجدها هي وصديقتها (جانو) بالنادي الإيطالي بساحة الواثق. تعرفنا نحن الأصدقاء الثلاثة (صلاح وسالم وأنا) عليهما في دورة معرض بغداد الدولي عام 1978 حيث تعاقدتا للعمل كمشرفات خلال فترة أفتتاحه لقاء أجر، وبدورهما عرفنّا عليه عند تواجده لتمثيل مجموعة شركات تحت سقف الجناح البريطاني، فكوّنا معاً (كومبني) أصدقاء.
حين كنا نجلس معاً بالنادي الإيطالي أو أحياناً بنادي التعارف بالقصر الأبيض، كان يضع علبة سجائره الفاخرة (الروثمانز أنترناشيونال أو الدنهل) ويقول أن فنجان قهوة وسيجارة تعني له عدة معاني، بداية... أستمرارية... نهاية، ولادة... حياة... ممات. دخلنا عن طريق (رون) مكاتب شركته بالداوودي، وصرنا نتجول ونستخدم أجهزتهم وسياراتهم (إدخال كمركي مؤقت) الحديثة، ورافقناه كظلّه لفنادق بغداد الراقية ومطاعمها... فندق بغداد والقصر العباسي وصدر القناة والمدائن، ومطاعم الخمس نجوم... البرمكي وكولدن بليت (الإناء الذهبي) وفوانيس، وذهبنا بسفرات للملوية بسامراء وزقورة عقرقوف وأثار بابل وسدّة ديالى (الصدور) وبحيرة الثرثار...
(رون) شاب صحي ذو قوام ضخم، نشيط جداً يتمتع ببشرة بيضاء نضرة، كان بإمكانه من أجل إطفاء حر صيفنا، المراهنة بأن يحتسي عشرة أقداح بيرة بجلسة واحدة ليسكر وينطلق ويصبح بخفة الريشة. كان يكتفي بإرتداء (تي شيرت) رغم موقعه الوظيفي ورغم أن سياراتهم مكيفة ومكاتبهم مبردة مركزياً في وقت لم تعرف بغداد بعد التكييف المركزي إلا في البنوك والوزارات. مشكلة (رون) المستديمة حر صيفنا الذي يفوق تحمله، فيتحول لون بشرته أحمر وينقلب عصبي المزاج وخطير.
× × ×
في ليلة هادئة، كنا نحن الأربعة عائدون بعد منتصف الليل من سهرة (عزّابي)، وبينما كان (رون) يقود سيارة الشركة (الفولفو) قرب الجسر المعلق مقابل بدالة الجادرية، وإذا بسائق بيكب يضايقنا فيجبرنا أن نصعد بسيارتنا رصيف الجزرة الوسطية ونصطدم بنخلة صغيرة لتمتص زخم الصدمة وتُقتلع بعد أضرارها بمقدمة السيارة، نزلنا جميعاً وحمدنا الله أن الضرر كان بسيطاً بمقدمة السيارة فقط، لكن ألمنا مشهد اقتلاع النخلة المسكينة. لم نخفِ حزننا عليها، فقلتُ (لرون) أن النخلة عزيزة لدى العراقيين ويظنون أن فيها روح، وشرح (سالم) له كيف ورَدَ تحريم قطعها في شريعة حمورابي، بينما قال (صلاح) أننا كعراقيين نجدها تحمل في قمتها قلباً، مَثلها مَثل البشر،صحنا نحن الثلاث بألم... (لقد قتلناها)! لم يستغرق الأمر إلا دقائق حتى تحول هذا الرجل العملاق إلى طفلٍ صغير، وجلس على حافة الرصيف يبكي عمتنا النخلة (القتيلة).
كان سائق البيكب قد أركن سيارته وراقبنا ليقفل عائداً يتباكى على مصباح سيارته المهشم، وكان يدعي ذلك لأجل تعويضه، فتجمع بعض الفضوليين ليقسم أمامهم بأنه ضحية وأن مصباحه قد تهشم، لكن المتجمهرين سخروا منه وقالوا بأن المصباح مهشم منذ فترة، أما نحن فقد أجبناه بأن الذنب ذنبه وأنه قد دخل بسيارته أمامنا بشكل خاطئ. وهنا لاحظ أن (رون) سكران ويجلس على حافة الرصيف باكياً، مسك بهذا الأمر لحين ما وصلت سيارة شرطة، عندها أستقوى وشكى لهم السائق الأجنبي وقال بأنه سكران و(يبكي) بسبب فعلته. ذهبنا لمركز الشرطة لنجد المفوض الخفر وقد أنحاز لجانب القروي حتى قبل أن يسمعنا، فأجبروا (رون) على دفع غرامة مباشرة (بدون حق) بعد أن أستغلوا عدم مبالاته. ومع أن الأمر قد فضّ بتضرر السيارة ووفاة نخلة وعملية أبتزاز دنيئة، لكنهم لم يدعونه يغادر حتى وقعتُ لهم على كفالة بضمان سكني فيما لو يستدعوه مستقبلاً.
× × ×
آخر فترة عمل (رون)، طلب أن نذهب معه لخطبة (آسو) في شقة أهلها بعمارة بالبتاويين، وحكى لنا ما لم نفهمه، قال بأنه قد وجد فيها ما لم يجده بغيرها! كانت (آسو) قد حصلت بمساعدته على تأشيرة من السفارة البريطانية ورتبتْ مع أهلها ومع الكنيسة زواجها منه، إلا أن أبوها فاجأهم بضرورة تتبع بعض (الشكليات) أمام الجيران، وأشترط أن يأتي (رون) علناً لخطبتها كي لا يتهمون أبنته بأنها قد فرّت مع أجنبي! أجبرْنا (رون) أن يتبع طقوس تليق بالمناسبة وعلى لبس بدلة (ثري بيسز) وربطة عنق بعز الصيف وذهبنا معاً لشراء حلقة وخاتم (سولتير) وبعض ملابس الزفاف من شارع النهر وأن نأخذ (بوكيه) ورد طبيعي من (ريحانة) بالمنصور. كان (رون) سعيد جداً (بأتيكيت) وسالميات (سالم) غير مبالي بالصرفيات...
ومع أن الموقف كان محرج للغاية وكل شيء تمثيل أمام الجيران، لكن أول صدمة صادفناها أن العمارة كانت قذرة وبدون مصعد، فصعدنا سلالم الطوابق الثلاث المليئة بناس يدفعهم فضول مشاهدة هذا العريس الغريب، ومما ضاعف محنة الرجل أننا جلسنا ليلسعنا هواء المروحة بتموز. المشكلة أن (رون) يرتدي بدلة ورباط ضّبطه (سالم) بالمليم! ما أن جلسنا وسط (الهوسة) وتحت إيقاع الهلاهل والدبكات، حتى ذاب الرجل من شدة الحر وصار لونه أحمر، ثم تمدد ببدلته الجديدة على الأرض وصار يتنفس من فمه سريعاً أشبه بفاقد الوعي، أضطررنا لطرد المعازيم وحرصنا بسرعة على تهوية المكان وخلعنا عنه البدلة وغسلنا وجهه ولولا كرم الجيران ببعض (المهافيف) لراح هذا (الغول) من أيدينا!
بعد أيام عسل جاءا لتوديعنا وصمما أن نصطحبهما للمطار، أخبرَنا حينها أن بأستطاعته تدبير سفرنا للندن بأن يرسل لنا عقد عمل بشركته لو رغبنا، فضحكنا وهززنا أيدينا ليستمع نفس الجواب... (أي مجنون يفكر أن يترك دراسته وأهله وبلده... ويهاجر).
... مر نصف عام على سفرهم وجاءنا كارت ملون منهم وصورة لابنهم (بول)، باركـْنا لهم من القلب، فمولده السريع هذا قد فسّر لنا ما كان قد وجدهُ فيها، وأدركنا بأن (العالم) قد دخل فعلاً... عصر السرعة!
× × ×
في يوم جاء شرطي للبيت يسأل عني، (يا ستار يا الله، خيراً؟) سألتُ، بعد ساعة كنتُ بمركز الشرطة ليبلغوني بأن (أمانة العاصمة) قد رفعت دعوة وكسبتها ضد سائق (الفولفو) لأنه قد تسبب بقلع نخلة بتلك الليلة، وقرر القاضي تغريم (رون) بأن يدفع للأمانة مبلغين، الأول لقاء قلع الشجرة والثانية عن كلفة زراعة فسيلة جديدة. دفعت ا(عشرة دنانير) مُرغم وأمري لله، وعدت ندمان ليس على الدنانير العشرة بل على (الدموع) التي (ذرفناها) على النخلة (المرحومة)!
... كنتُ وعلى مدى ثلاث عقود لحين ما هاجرت من البلد وكلما أمر بمكان الحادث تأتي ببالي أغنية... (كل ما أمر على الدرب، عيني على الباب)*، لكن بدل عيني على الباب، تذهب عيني على مكان النخلة وأتساءل متى تفي الأمانة بوعدها وتزرع نخلة بديلة؟ لو أوفت من وقتها بالوعد وزرعتها لأثمرت اليوم، لكنها لم تفِ بوعدها، وبالتالي فهي لا تستحق دنانيري الخمسة، وعليه فأنني أطالبهم بالإسراع بشتلها وكلي أمل بأن لا يخذلوني، وإلا سأجد نفسي مضطراً لمقاضاتهم، وغداً لناظرهِ لقريبُ*!
عماد حياوي المبارك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
× غداً... ظرف زمان يعني باكر، ومجازاً فهو ظرفاً يعني فترة غير محددة من المستقبل وبحسب الجملة، بعد شهر أو سنة... وهكذا، فنقول غداً يأتي الربيع أي بعد أشهر، وغداً تصبح عجوزاً أي بعد سنين، وغداً يستقر العراق... أي بعد عشرات السنين أو ربما أكثر!
× كلما أمر على الدرب
كلمات هلال عاصم، ألحان جميل سليم، غناء المطربة الخالدة مائدة نزهت
كلما أمر على االدرب عيني على الباب
أنتظر نسمه تهب من عطر الاحباب
لما يمر الولف وتسهل الشوفة
عيني تغيب وترد ماتقدر تشوفه
والنار وسط القلب تسري لهب لو غاب

يا اللي تقول أبتعد ما أنصفت والله
شلون روض الورد والمغرم يلمه
روحي تروح وترد يم دار الاحباب
أنظر شعاع القمر لو نوّر بحبهم
وأسأل نسيم السحر لو هب عذب يمهم
واتمنى روحي تهب ويه النسيم الهاب
كل ما أمر عالدرب عيني عيني على الباب

الدخول للتعليق

مسابقة القصة القصيرة جداً

فارس السليم - حال الدنيا - 2.4%
إلهام زكي خابط - حبات اللؤلؤ - 4.9%
عزيز عربي ساجت - اليمامة - 0%
جمال حكمت عبيد - لمسة إصبع - 17.1%
فاروق عبد الجبار - موسيقى - 56.1%
هيثم نافل والي - الراقص - 19.5%
د. نصير عطا - حادثة تحصل يومياً - 0%

Total votes: 41
The voting for this poll has ended on: حزيران/يونيو 15, 2014