• Default
  • Title
  • Date
الأربعاء, 30 آذار/مارس 2016

الدرفـش (درافشا) - شعار الصابئة المندائيين ورمزهم الديني

  تحسين مهدي مكلف
تقييم هذا الموضوع
(4 عدد الأصوات)

شعار الصابئة المندائيين ورمزهم الديني هو (درافشا آد يهيا يُهانا) والعبارة تعني - راية يوحنا المعمدان - ، ودرج الصابئة على تسميته في لهجتهم العامية (درفش) ، والدرفش (راية النور او راية السلام) كما يسمى ايضا في كتب الصابئة ، يرمز الى عالم النور (آلما دنهورا) ، كما يرمز الى شجرة الحياة .. وهو اليوم يرمز الى ديانة الصابئة المندائيين والى المؤمنين بهذه الديانة . حيث تذكر الكتب الروحية للصابئة ان الملاك هيبل زيوا اعطى راية السلام (درافشا) الى آدم الخفي (وهو ليس آدم الأنسان الأول) وان ادم هذا سلمه الى المندائيين ليكون رمزا لهم .

الدرافشا تتألف من غصنين متقاطعين على هيئة علامة زائد ، يؤخذان من اغصان شجرة مثمرة ، او من نبات (القِنّا) الشبيه بالقصب ، تُربط القطعتان الى بعضهما من منطقة تقاطعهما بواسطة حبل ابيض ، ويوضع عليهما رداء من الحرير الابيض منسوج يدويا ، يوضع الرداء بطريقة خاصة وثابتة يجيدها رجال الدين ولهذا الرداء أبعاد مُحدده وينتهي من احد جوانبه بمجموعة من الشراشيب ، كما توضع في اعلى الدرافشا على منطقة تقاطع الخشبتين سبعة اعواد (اغصان) من نبات الآس ، وهو من النباتات المباركة لدى الصابئة ، وليس للدرافشا ارتفاع أو مقاس محدد والمهم في الامر هو رمزيته وليس حجمه .

ان الرداء الأبيض الذي يعلو الدرافشا يُنسج يدويا من خيوط الحرير وفق حساب خاص ويراعى في صنعه وضع فتحات كبيرة نسبيا يمكن للضوء النفاذ من خلالها ، ونفاذ الضوء من هذه الفتحات له دلالات رمزية ، فهذا الضوء الذي يأتي من عالم النور (آلما دنهورا) يمر من خلال هذه الراية البيضاء ليسقط على ابناء النور من الصابئة المتعمدين بالماء فيمتلأون استنارة وبركة }هؤلاء هم المختارون الصادقون الذين يذهبون الى اليردنا وبضوئك الخاص يستنيرون انت تحرسهم وتقومهم وترفع صباغتهم الى العلياء{ ، ولهذا السبب يطلق على الدرافشا عبارة - راية النور او العلم المضئ - .

اما الحبل الذي يربط قطعتي الصليب الى بعضهما فتتصل به قطعة صغيرة من الذهب على هيئة حلقة تجمع طرفي الحبل الى بعضهما . وترمز اغصان الآس السبعة التي تعلو الدرافشا الى عدد ايام الاسبوع ، فكل يوم من ايام الأسبوع له ملاك خاص به ، والاغصان الخضراء السبعة المعطرة باريج الآس تمثل الملائكة السبعة هذه . والرقم سبعة مهم في هذه الديانة ويتكرر ذكره كثيرا في ادبهم الروحي ، اذ تُذكر باستمرار عبارات مثل الملائكة السبعة ، الكواكب السبعة ، الارواح السبعة، الايام السبعة ... الخ ، ولهذا الرقم دلالات عددية ودينية .

يتم احضار الدرافشا ونصبها عند القيام باجراء الطقوس الكبرى ، وينبغي لكل رجل دين ان يمتلك درافشا خاصة به . يستخدم هذا الرمز الديني على وجه الخصوص في مراسم التعميد ، اذ يُثبّت عند حافة النهر او قريبا منها وفي مواجهة الشمال . وهنالك نص ديني (بوثة) خاصة بالدرافشا يتم ترديدها باللغة المندائية من قبل الشخص المتعمد اثناء المعمودية بعد ان يمسك قائمة هذا العلم من جزئها الاعلى ثم من الاسفل وبيده اليمنى }وقف المختارون الصادقون على ارجلهم ومسكوك بيمينهم وذهبوا حيث اليردنا الماء الحي{ .
الكتب الدينية للصابئة تذكر ان هنالك ملاك خاص للسلام يُدعى ملاك السلام الكبير (شيشلام ربا) وراية هذا الملاك هي راية السلام البيضاء (الدرافشا) التي حملها يوحنا المعمدان فيما بعد وسميت باسمه .
هنالك سبعة تراتيل ينبغي على رجل الدين ترديدها عند قيامه بنصب الدرفش على ضفة النهر ، هذه نصوصها :
{باسم الحي العظيم ، حالما اشرق الضوء من الأرض البيضاء ، آرسفان الفتى الشاب ابن الضياء ، نصب الدرفش الذي نشر الضوء العظيم ، فأستنار الاثريون والمساكن . لقد استناروا بضوء الدرفش مثلما استناروا بالضوء العظيم في بيت الحي العظيم}
وجاء في الترتيل الآخر {في اليوم الذي فيه نصب (ششلام ربا) الدرفش ، تشكلت على اعمدته ثلاث مئة وستون عينا من الضوء والنور والوقار} ، اما الترتيل التالي فيوضح مكانة الدرفش واهميته بالنسبة لعوالم النور :
{في اليوم الذي نصب فيه درفش ششلام ربا ، شع ضوؤه على ثلاث مئة وستين عالما من عوالم النور } ، وهذا ترتيل آخر :
{في اليوم الذي نصب بهرام ربا درفش ششلام ربا ، شع ضوؤه على الماء ، ضوؤه شع على الماء فنبع الضوء من الماء ، نبع الضوء من الماء واشرق على العوالم ، حالما شاهدت العوالم والملائكة ضوء درفش ششلام كلهم قربه تجمعوا وتباركوا ببركة درفش ششلام ربا وقالوا له: مبارك انت يادرفش ششلام مبارك الرجل الذي نصبك اذ وهبك الكثير من الضوء ، ووهبك التاج النفيس والآسة التي تعززك .. الاثريون واليرادن بضوئك يرفلون وبعطرك يبتهج الاثريون من البداية حتى النهاية}
وبعد قراءة التراتيل السابقة يقبّل المتعمد الدرفش ويقول :
(الحق يطهرك ياتاجي ، الحق يطهرك ياعمامتي .. الحق يطهرك ايها النور .. الحق يطهركم ويقومكم جميعا )
ثم يمسك رجل الدين الدرافشا ويذهب بها الى ضفة النهر وهو يردد النص التالي :
{وقف المختارون الصادقون على ارجلهم ومسكوك بيمينهم وذهبوا حيث اليردنا الماء الحي ، وثبتوك ليشع ضوؤك على اليردنا ، الماء وضوؤك متحدان مع بعضهم البعض ، الماء وضوؤك مع بعضهم البعض متحدان ولشلماي وندباي مسخران ، هؤلاء هم المختارون الصادقون الذين يذهبون الى اليردنا وبضوئك الخاص يستنيرون انت تحرسهم وتقومهم وترفع صباغتهم الى العلياء .. والحي المزكي}

وقبل تثبيت الدرافشا يقرأ رجل الدين النص الاخير :
{ياور أخذ درفش ششلام ربا الذي تفاخرت به العوالم والاجيال وذهب الى ضفة اليردنا برياويس ، برياويس اليردنا عندما شاهد ضوء درفش زاهرون ، فرح فرحا عظيما من البداية الى النهاية}

يتم نصب الدرافشا في معظم المناسبات وخصوصا في طقس التعميد (الصباغة) ، وذلك من اجل اتحاد ضياء الدرافشا مع ضياء المياه الجارية (اليردنا). الا ان هذه الراية لاتنصب في عيد (دهفا آد يمانا) ، ففي مساء يوم (دهفا آد يمانا) وهو عيد التعميد ، تُلف الدرافشا وتوضع داخل صندوق وذلك لأن اليوم التالي يكون (مبطل ثقيل) وهي حالة احترازية ، لأن الماء الجاري قد يتعرض للتدنيس من قبل عالم الظلام الذي ينشط بعد كل مناسبة عظيمة للنور .

الدخول للتعليق