• Default
  • Title
  • Date
الثلاثاء, 30 تموز/يوليو 2019

الدرفـش (درافشا) - شعار الصابئة المندائيين ورمزهم الديني

  تحســين مهدي مكلف
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

شعار طائفة الصابئة المندائيين ورمزهم الديني هو مايلفظ في لغتهم المندائية بكلمة درافشا او درابشا، والكلمة تعني العلم او الراية، وهم يُطلقون عليه تسمية درافشا اِد يهيا يُهانا، والعبارة تعني راية يوحنا المعمدان، ويوحنا المعمدان (يحي بن زكريا) هو آخر انبياء الصابئة المندائيين. وهذا الرمز او الشعار الديني الذي درج الصابئة على تسميته في لهجتهم العامية (درفش) يرمز الى عالم النور والى السلام فيسمى أيضا راية النور. وهو اليوم يرمز الى ديانة الصابئة المندائيين والى المؤمنين بهذه الديانة.

النموذج الحقيقي للدرافشا يتألف من غصنين يؤخذان من شجرة مثمرة او من شجيرة (القِنّا) الشبيه بالقصب، تُجمع القطعتان الى بعضهما بشكل متقاطع على هيئة علامة زائد، على ان تكون القطعة العمودية أطول قليلا من الأفقية، تُربط القطعتان من منطقة تقاطعهما بواسطة حبل قطني ابيض، ويوضع عليهما قطعة طويلة شبيهة بالرداء منسوجة يدويا من الحرير الأبيض، هذا الرداء الحريري يوضع بطريقة خاصة يجيدها رجال الدين، تلك الطريقة تجعل الرداء ثابتا على الهيكل الخشبي ولايمكن له ان يسقط مطلقا بفعل الحركة او الرياح. ولقطعة الحرير هذه أبعاد مُحدده وتنتهي من احدى جوانبها بمجموعة من الشراشيب. توضع في اعلى الدرافشا وتحديدا على منطقة تقاطع الغصنين، سبعة اعواد (اغصان) خضراء تؤخذ من شجيرة الآس، وهو من النباتات المباركة والمهمة دينيا لدى الصابئة. وليس للدرافشا ارتفاع أو مقاس محدد والمهم في الأمر هو رمزيته وليس حجمه.

ان الرداء الأبيض الذي يعلو الدرافشا يُنسج يدويا من خيوط الحرير وفق حساب خاص ويراعى في نسجه ترك فتحات يمكن للضوء النفاذ من خلالها، ونفاذ الضوء من هذه الفتحات له دلالة رمزية، فهذا الضوء الذي يأتي من عالم النور (آلما دنهورا) يمر من خلال هذه الراية البيضاء ليسقط على ابناء النور من الصابئة المتعمدين بالماء فيمتلأون استنارة وبركة. جاء في نص مدون حول الدرافشا }هؤلاء هم المختارون الصادقون الذين يذهبون الى اليردنا وبضوئك الخاص يستنيرون انت تحرسهم وتقومهم وترفع صباغتهم الى العلياء{. ولهذا السبب يطلق على الدرافشا عبارة راية النور او العلم المضيء .

اما الحبل الذي يربط الخشبتين المتقاطعتين الى بعضهما فتتصل به قطعة صغيرة من الذهب على هيئة حلقة تجمع طرفي الحبل الى بعضهما. والأغصان الخضراء السبعة التي تعلو الدرافشا والمعطرة بأريج الآس ترمز الى الملائكة السبعة الذين يمثلون عدد ايام الأسبوع، فكل يوم من ايام الأسبوع له ملاك خاص به. والرقم سبعة له أهمية خاصة في ديانة الصابئة المندائيين (مثلما هو الحال لدى اديان أخرى) اذ يتكرر ذكره كثيرا في ادبهم الروحي، فتُذكر باستمرار عبارات مثل الملائكة السبعة، الكواكب السبعة، الأرواح السبعة، الأيام السبعة... الخ ولهذا الرقم دلالات عددية ودينية.

يتم احضار الدرافشا ونصبها عند القيام باجراء الطقوس الكبرى، وينبغي لكل رجل دين ان يمتلك درافشا خاصة به. يستخدم هذا الرمز الديني على وجه الخصوص في مراسم الصباغة (التعميد) ولايمكن الأستغناء عنه مطلقا عن القيام بهذا الطقس. اذ يُثبّت عند كتف النهر او قريبا منه وفي مواجهة الشمال. وهنالك نص ديني (بوثة) خاصة بالدرافشا يتم ترديدها باللغة المندائية في واحدة من مراحل المعمودية اذ يقوم الشخص المتعمد بلمس قائمة هذا العلم من جزئها الأعلى ثم من الأسفل وبيده اليمنى مرددا تلك البوثة التي نصها: }وقف المختارون الصادقون على ارجلهم ومسكوك بيمينهم وذهبوا حيث اليردنا، الماء الحي{.

هنالك سبعة تراتيل يقوم رجل الدين بترديدها عند قيامه بنصب الدرافشا على ضفة النهر، هذه نصوصها:

{باِسم الحي العظيم، حالما اشرق الضوء من الأرض البيضاء، آرسفان الفتى الشاب ابن الضياء، نصب الدرافشا الذي نشر الضوء العظيم، فأستنار الأثريون والمساكن. لقد استناروا بضوء الدرافشا مثلما استناروا بالضوء العظيم في بيت الحي العظيم}.

وجاء في الترتيل الآخر {في اليوم الذي فيه نصب (ششلام ربا) الدرافشا، تشكلت على اعمدته ثلاث مئة وستون عينا من الضوء والنور والوقار}.

اما الترتيل التالي فيوضح مكانة الدرفش واهميته بالنسبة لعوالم النور :

{في اليوم الذي نصب فيه درافشا ششلام ربا، شع ضوؤه على ثلاث مئة وستين عالما من عوالم النور}.

وهذا ترتيل آخر:

{في اليوم الذي نصب بهرام ربا درافشا ششلام ربا، شع ضوؤه على الماء، ضوؤه شع على الماء فنبع الضوء من الماء، نبع الضوء من الماء واشرق على العوالم، حالما شاهدت العوالم والملائكة ضوء درافشا ششلام كلهم قربه تجمعوا وتباركوا ببركة درافشا ششلام ربا وقالوا له:

مبارك انت يادرافشا ششلام مبارك الرجل الذي نصبك اذ وهبك الكثير من الضوء، ووهبك التاج النفيس والآسة التي تعززك.. الأثريون واليرادن بضوئك يرفلون وبعطرك يبتهج الأثريون من البداية حتى النهاية}.

ثم يمسك رجل الدين الدرافشا ويذهب بها الى ضفة النهر وهو يردد النص التالي:

{وقف المختارون الصادقون على ارجلهم ومسكوك بيمينهم وذهبوا حيث اليردنا الماء الحي، وثبتوك ليشع ضوؤك على اليردنا، الماء وضوؤك متحدان مع بعضهم البعض، الماء وضوؤك مع بعضهم البعض متحدان ولشلماي وندباي مُسخّران، هؤلاء هم المختارون الصادقون الذين يذهبون الى اليردنا وبضوئك الخاص يستنيرون انت تحرسهم وتقومهم وترفع صباغتهم الى العلياء.. والحي المزكي}.

وقبل تثبيت الدرافشا يقرأ رجل الدين النص الأخير:

{ياور أخذ درفش ششلام ربا الذي تفاخرت به العوالم والأجيال وذهب الى ضفة اليردنا برياويس، برياويس اليردنا عندما شاهد ضوء درافشا زاهرون، فرح فرحا عظيما من البداية الى النهاية}.

وبعد قراءة التراتيل السابقة من قبل رجل الدين، وفي خاتمة مراحل الصباغة (المعمودية) يقوم الشخص المتعمد بتقبيل الدرافشا ويردد العبارة التالية:

(الحق يطهرك ياتاجي، الحق يطهرك ياعمامتي.. الحق يطهرك ايها النور .. الحق يطهركم ويقومكم جميعا).

 

الدخول للتعليق