• Default
  • Title
  • Date
الخميس, 30 أيار 2013

الطوفان - أللوح ألحادي عشر من ملحمة كلكامش

  سلام جاني الناشئ
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

ان حضارة الطوفان لم تعرف اي حصرية معينة لدى اي شعب او حضارة ما و قد تم ذكرها في معظم الحضارات على وجه الارض و قد تختلف التفاصيل لكن القضية الاساسية هي ذاتها طوفان يقتل الجميع إلا القليل من المحظوظين او المباركين هم و من معهم بالإضــافة ألــى الحيوانات للإبقــاء على النسل مثلاً

ربما القصة الاكثر شهرة هي القصة نوح التوراتية و سفينته و من خلال سفر التكوين و كيف قرر الله تدمير العصاة و انقاذ نوح و من معه و الحيوانات عبر حثهم على بناء سفينة بمواصفات معينة ولركوبها قبيل حدوث الطوفان و الرواية التي تسبق سفر التكوين و هي ملحمة جلجامش البابلية و رحلة جلجامش للبحث عن اوتناباشتيم الرجل العظيم الذي نجى من الطوفان الذي بعثه الآلهــة و بعد تحذير انكي له بخصوص ذلك الطوفان و بنفس الصورة عند قصة نوح كان اوتنابشتيم قد نجى و معه عائلته و الحيوانات ألــخ و في نسخة سومرية قديمة هناك ملاحظات دقيقة في عدة مواضع كالحمامة التي عادت للسفينة التي تدل على ان الطوفان قد انتهى في سفر التكوين هي في الاسطورة السومرية عبارة عن غراب عاد ليخبر بإنتهاء الطوفان مقارنة النص التوراتي بالنصوص في حضارات بلاد ما بين النهرين القديمة يظهر صورة التناسخ بقوة و لهذا يؤيد الكثير من الاكاديميين في معظم الدراسات التي تناولت قصة الطوفان و شخصية نوح "إينوخ" ان العبرانيين اقتبسوا القصة اثناء تواجدهم في بابل كما ذكر هايمرز الإبن في محاضرة حول تقاليد اسطورة الطوفان ان هناك اسطورة مصرية قديمة ذكرت تلك الاسطورة ايضاً
في الميثولوجيا الاغريقية و الرومانية القديمة تم ذكر قصة الطوفان شخصيتا ديوكاليون و بيهرا و الذين انقذوا اولادهم و مجموعة من الحيوانات من الطوفان عبر ركوبهم مركب يشبه صندوق عملاق، و هناك الاساطير الايرلندية ايضاً تتحدث عن الملكة ساسير و بلاطها الملكي و إبحارهم لسبع سنين ليتم تفادي الغرق عندما غمرت المحيطات ايرلندة و هناك نقطة مهمة اخرى و هي أكتشاف المستكشفين الاوروبيين لأمريكا ان هناك الكثير من الاساطير الهندية المشابهة لقصة نوح فقال بعض القساوسة الاسبان ان الشياطين زرعت هذه القصص في عقول الهنود لكي تربكهم نعم كان اكتشاف تلك الاساطير صعقة بحق للقساوسة الاسبان

نستطيع ان نصل للفترة التي حصل بها الطوفان عن طريق إجراء عملية حسابية في سفر التكوين من سقوط مدينة القدس (والذي صحح تاريخ ذلك الحدث إلى 588 ق م بدلاً من 586-587 ق.م ) حيث يشير العد التنازلي للسنوات التي تم التنبؤ بها بين هذا الحدث وانتهاء مملكة سليمان إلى 390 سنة + 40 سنة (طبقاً لسفر حزقيال 4: 4-7) ذلك كله يصل بنا إلى سنة 1018 ق.م
ومنذ نهاية حكم الملك سليمان (الذي استمر 40 سنة) إلى بداية بناء الهيكل في السنة الرابعة من حكمه يأخذنا الزمن إلى 37 سنين أيضاً للوراء لنصل إلى سنة 1055 ق.م
ومن بداية بناء هيكل سليمان في السنة 480 (سفر ملوك الأول 6: 1) بالرجوع إلى خروج شعب اسرائيل من أرض مصر (اي قبل 479 سنة) نصل إلى ما يقارب سنة 1534 ق.م
ومن الخروج من أرض مصر إلى دخول ابراهيم لأرض كنعان من حاران هناك بالضبط 430 سنة إلى هذا اليوم (تكوين 12: 10 فنصل إلى سنة 1964 ق.م تقريباً
وبما أن ابراهيم دخل أرض كنعان وهو في عمر 75 حسب (تكوين 12: 4) فقد ولد تقريباً سنة 2039 ق.م
وكان هناك 290 سنة بين مولد ابراهيم ومولد حفيد نوح أرفكشاد (ابن سام) وذلك يجعل بداية الطوفان تقريباً حوالي سنة 2331 ق.م بالتأكيد قبل 4,300 - 4,400 سنة من ألان

نستطيع الخوض بطريقة حسابية اخرى لتحديد الوقت المقدر لفترة الطوفان و هي ان حسبنا منذ خلق آدم في سفر التكوين الاصحاح الخامس من الآية الاولى لنتابع موته و من ثم نسله للوصول لنوح و فترة بناء السفينة و من ثم حدوث الطوفان سنصل الى وقت مقارب تماماً اذ لا اي إشكال حول حدوث الطوفان في ذاك الوقت المقدّر وهذا ما لم يؤيده العلم فلا اي طوفان شمل الارض في تلك الفترة بل كانت الحضارات مترامية في القارات قاطبة و هناك سجلات و وثائق اركيولوجية تجارية ما بين الشعوب في الشرق القديم بشكل خاص و التي كان لها تقويمها الخاص كالشعب المصري القديم الذي بدأ التأريخ و التدوين في فترات تتراوح ما بين 4000 ل 3000 ق.م و يتم ذكر الشعوب التي تربطهم بهم تجارات و غيرها من الامور

و عندما بدأ المصريين القدماء و غيرهم من الشعوب القديمة كشعوب بلاد ما بين النهرين و الهلال الخصيب و الكنعانيين بالتدوين كانوا عاشوا فترات طويلة من الازدهار لأن التطور البشري يحتاج لوقت للوصول لآلية اللغة و التقويم و التدوين و هذه المراحل التطورية و هذا ما اثبتته الابحاث و المكتشفات في مجال علم الآثار

ان الطوفانات التي حدثت قد ضربت المناطقة المنخفضة في العالم و المناطق المعرضة لها جراء ازدياد نسبة ارتفاع المياه اثناء الذوبان في العصر الجليدي ، و خرجت تلك القصص الميثولوجية المعتادة الغضب الآلهي على العصاة و المخلص و التي هي لا تختلف ابداً عن العقلية الميثولوجية النموذجية ، فمثلاً كان يعتقد الاغريق ان المرض هو غضب آلهي و استمر ذلك لوقت يعتبر حديث في فترة الفلاسفة السفسطائيين و حتى الفترة السقراطية و الآن سوف نطرح النظرية المنطقية و الاهم العلمية

النظرية المنطقية

يخرج العالمان الجيولوجيان في جامعة كولومبيا راين و والتر بيتمان بنظرية مهمة حول قضية الطوفــان و انتشارها الواسع تقول النظرية انه مع انتهاء العصر الجليدي و ذوبان الجليد و الانهار الجليدية أدى الى إندفاع جدار مائي منبعث من البحر المتوسط الى البحر الاسود

يقول راين و واتر بأنه اثناء العصر الجليدي كان البحر الاسود عبارة عن بحيرة مياه عذبة معزولة و محاطة بالمزارع و قبل حوالي 12000 سنة من نهاية العصر الجليدي اخذت حرارة الارض بالارتفاع بشكل متنامي ما أدى لذوبان الواح جليدية ضخمة كانت ممتدة على النصف الشمالي من الكرة الارضية و غدت البحار و المحيطات اكثر عمقاً نتيجة لذلك و قبل 7000 سنة فاض بإتجاه الشمال من خلال ما يعرف اليوم بتركيا ماراً في مضيق البسفور و اصطدمت بالبحر الاسود بقوة تعادل 200 مرة قوة شلاللات نياجرا مما أدى الى ارتفاع البحر الاسود بمعدل 15 سم يومياً الامر الذي أدى الى غمر المزارع الساحلية المحيطة بالبحر الاسود

هذه الاحداث التصقت بذاكرة الناجين المذعورين و اصبحت محور الحديث و تناقلتها الاجيال من جيل لآخر حتى اصبحت في مرحلة من المراحل ما تسمى بقصة نوح و هي نظرية مشابهة الى حد ما لنظرية هيربرت ويلز و سوف اقوم بإقتباس مهم للزميل ابيقور حول تلك النظرية

بمناسبة موضوع الطوفان أردت هنا أعرض رأي الكاتب الانجليزي الكبير هـ ج ويلز بخصوص هذا الأمر يرى الكاتب الكبير أن حوض البحر الأبيض المتوسط كان جافا لأن مضيق جبل طارق كان مسدودا ولذلك كان صالحا للمعيشة ولنسمى الجدار الحجرى الذي كان يسد مضيق جبل طارق سد الموت

ويرى هذا الحوض كان صالحا للزراعة و كانت تعيش فيه مجموعة كبيرة من الأقوام المتميزة وفي زمن ما قبل التاريخ بدأ سد الموت في التخلخل وبدأ يسرب المياه و في البداية كان هذا التسريب بسيطا نسبيا و بدأت الأقوام التي كانت تعيش في حوض البحر تشعر بالمشكلة رويدا رويدا و قامت المياه بإغراق المناطق الواطئة و ظلت المناطق العالية بمأمن منها و تحول الحوض الكبير لمجموعة كبيرة من الجزر يفصل بينها مساحات مائية تتفاوت في عمقها وبعد ذلك بدأ يحدث تسارع في معدل انهيار سد الموت و معه بدأ التسارع الشديد في اندفاع الماء و بدأت الكثير من الأقوام في الهروب من هذا الحوض الملعون و غرقت الكثير من الأقوام وبداهة أن كثيرا من هذه الأقوام عندما حوصروا إستطاعوا فك دائرة الحصار عن طريق بناء المراكب و عندما هربت هذه الأقوام من حوض الموت هذا حملت معها ذكريات الحصار المائي و الأشخاص الماهرين الذين استطاعوا أن يهربوا و من هنا نشأت قصة نوح و الطوفان و غيرها من قصصة الطوفانات و الميثولوجيا

خلاصة ليس من المستغرب ان تخرج العقلية الميثولوجية بأبعد من تلك الاساطير و بأن الطوفانات هي غضب آلهي ، فإفتقارهم للعلم في تلك الاوقات كان السبب في تفسيراتهم الميثولوجية لظواهر الطبيعية ، و لم يكن لأحد ان يعلم ان تلك الطوفانات هي نتيجة ظواهر طبيعية معينة و ذوبان الالواح الجليدية في العصر الجليدي كقضية المرض عند الاغريق كان يفسر على انه غضب آلهي علماً انه لا يعدو عن كونه علاقة الانسان بالطبيعة و فايروس ما تسبب بالمرض كما قلنا تلك عصور الميثولوجيا و ليست عصور العلم

الدخول للتعليق