• Default
  • Title
  • Date

ولد يحيى في قضاء قلعة صالح في العشرين من كانون الاول لسنة 1933 وأطلق عليه إسم يحيى أولا تبركا بإسم النبي" يهيا يهانا " وثانيا لكي يعيش لأن والديه فقدا أول وليدين لهما قبل ولادته. وكما تصورت جداتنا في ذلك الزمان، فقد أعزوا وفاتهم الى عدم نقاوة حليب الأم؛ ولذلك منعوا والدته من رضاعته، وأستأجروا له مرضعةً غريبه لترضعه خوفا فنشأ مدللا من والديه، اجداده وأعمامه بيت رومي الناشي ، وأجداده وخواله بيت سيف المناحي.
أظهر علامات الذكاء والتفوق منذ صغره وتفوق في المدرسة الأبتدائية في مدينة العمارة، ثم أكمل دراسته المتوسطة في العمارة ،الكوت، بعقوبة والمدرسة المركزية الثانوية للبنين في محلة الحيدرخانه في بغداد وهي المدرسة التي أشتهرت بتخريج خيرة الأساتذة والأكادميين وكبار الفنانيين والادباء العراقيين .
وبسبب ذكائه وأجتهاده وحرصه على الدراسة نجح في أمتحان بكلوريا المدرسة الثانويه بتفوق، وحصل على درجات عاليةً، وكان من العشرة الأوائل في عموم المملكة العراقية سنة 1951، وعلى أثر ذلك رشح للبعثة العلمية الى انكلترا، لدراسة طب الأسنان ورغم قبوله في كلية الطب / جامعة بغداد، الا أنه فضل الخيار الأول، ولم تكن هناك كلية لطب الأسنان في العراق وكان أن أختارت وزارة المعارف أربعة طلبة لدارسة طب الاسنان ليكونوا النواة الاكاديمية للتدريس في كلية طب الاسنان العراقية المزمع تأسيسها في بغداد... وهذا ما حصل فعلا فيما بعد.
تخرج يحيى من كلية طب الأسنان من جامعة برمنكهام، في المملكة المتحدة سنة 1958، وعاد الى العراق في 1959 ، بعد ثورة 14 تموز المجيدة التي قادها الزعيم عبد الكريم قاسم ورفاقه الضباط الأحرار ضد الحكم الملكي في سنة 1958 ليخدم وطنه وشعبه، مثل الكثيرين من الشباب العراقي الذي درس وتثقف في بلاد الغرب وخارج العراق ليعود فيخدم وطنه وبلاده وأهله، وكجزء من واجبه الوطني .
وبعد أنتهاء فترة الخدمة العسكرية وتعيينه في وزارة الصحة قرر يحيى أن يعود الى أنكلترا، لأكمال دراسته العليا ، والتخصص في جراحة الفم والأسنان، وهكذا وبعد فترة قصيره من زواجه من إبنة خاله (خلود فرحان سيف) شد الرحال الى أنكلترا مع زوجته .1961
ثم سافر الى أسكوتلندا، وكان يكتب الى الأهل في العراق شاكياً بردها القارص، ولدت له في هذه الفتره أبنتيه( ناديه ودينا) ، وكان يدرس ويشتغل في إنكلترا، ويعمل ليسد نفقات المعيشة والدراسة، والعائلة... وبعد زمن من الجهود المضنية توجت جهوده بأعلى شهادة بأختصاصه وهي الزماله لكلية كلاسكو للجراحين الملكية ...
قرر وعائلته العودة للعراق سنة 1971 ، فعين إستاذا فيً
كلية طب الأسنان / جامعة بغداد وأصبح أستاذاً، ومساعد بوفسور ودرس أجيال من أطباء الأسنان في كلية طب الأسنان في بغداد، ونشر العديد من البحوث والمقالات في المجلات العلمية العراقية والأنكليزية .
وشد الرحال الى إنكلترا للمرة الثالثة، عندما دخل العراق الى الكويت سنة 1990 وأشتغل كطبيب أسنان في العيادات التابعة للصحة العامة، لخدمة المرضى رغم إمكانياته لفتح عيادته الخاصة، حيث كان يتبع مبادائه وحلمه لتحقيق الأشتراكية لخدمة الانسانية أينما كان.
وتقاعد سنة 2002 ولكن المرض الذي داهمه لم يمهله ليستمتع بتقاعده، وبقى عليلًا ، يعاني من أمراضه المستعصية لعدة سنوات حتى وافاه الأجل يوم 16 شهر كانون الأول 2017 قبل أربعة أيام من عيد ميلاده ال 84.
عندما نستذكرالدكتور والانسان يحيى غضبان ، نذكر ثلاث خصال من شخصيته النبيلة
أولا كأنسان محب وعطوف هادئالطبع ذكي، نعته كل من عرفه، بحسن الخلق، حاضر البديهية ، متزن وطيب وخلوق ، و كان أباً حنوناً وزوجاً محباً، وأخاً صديقاً . مخلصاً لعمله كطبيب أسنان ، وكان مثقفاً مطلعاً يحب قراءة الأدب العالمي وكتب التاريخ والموسيقى الكلاسيكية.
ثانيا سيبقى يحيى في ذاكرة الكثير من أطباء الأسنان العراقيين، الذين درسّهم في كلية طب الأسنان في جامعة بغداد.
ثالثا يتذكره الكثيرين من السياسين والناشطين العراقيين لمساهمته ونشاطه بين صفوفهم منذ شبابه وأثناء دراسته في إنكلترا في الخمسينات من القرن الماضي ، رغم خطورة المعارضة، في تلك الظروف الصعبة، وخطر التعرض للفصل من البعثه والأرجاع الى العراق كما حدث فعلا لبعض زملائه، ونشاطه لأنقاذ السجناء السياسيين بعد أنقلاب 8 شباط الرجعي 1963 وكانت نتيجة هذه الجهود مع زملائه المثقفين العراقيين في الخارج حملة عالمية للضغط على الحكومة العراقية في حينها، لأطلاق سراح السجناء السياسيين وكانت برقية خروشوف وموقف الفيلسوف الأنكليزي (برت راند رسل) لمساندة السجناء والضغط من أجل أطلاق سراحهم .
حورب يحيى كأستاذ في الجامعة بسبب ميوله اليسارية، ورفضه للضغوط من قبل السلطات لينتمي للحزب الحاكم، وحُرم بسبب ذلك من الأيفادات العلمية،ومن والترقية المهنية، وأضطر لترك العراق مفضلا سلامته وأمن عائلته سنة 1990 كما أسلفنا ...
الذكر الطيب والرحمة للفقيد الراحل .

الإثنين, 21 آب/أغسطس 2017 20:01

الشاعر سوادي جثير " الجزء الثالث "

الوصف:-

في قصيدة اخرى يدخل في حوار بينه وبين امراة حاولت اعابته لقذارة منظره وهو يرتدي ملابس العمل الملوثه بالقار من جراء عمل اكساء القوارب نلاحظ هنا ان الشاعر يصور مشاعره الانسانية في حضن الطبيعة التي صاغتها تلك المرأه في الوصف القاسي لقد حركت نفسه الولهه في نفخة موحية في الانفعال والتحدي والصبر المقترن بالتعقل والتهجم وهو يتألم ويعصر فؤاده شعرا فيه الم وحرقة ولوعة وشكوى كبيرة يخاطبها بلغة العطف والتقارب والاستفسار عن هذه الاساءات التي صدرت منها وهذا جميعه يشير الى عبقريته الشعريه المتمكنه الفذه ونضجه الشعري بعد ان عصرته محنة الاهانه والتهكم وتقليل الشان وعذاب الوصف البذيئ والتجافي والصدود فكانت كلماته الشعرية نفحة الم كبير وصرخة انسان موجوع من شدة الهول من هذا كله ارتفعت التجربة الشعرية عنده على جناح ذات مستوى رفيع وقد وضح للقاري والسامع مجال ابداعه الشعري الراقي التام في هذا المضمار هذه الصرخة الكبيرة عند اسوادي ارتفعت بتجربة السرد وتحسين حاله في المستقبل ليزف من جديد الى سلم الحياة فكلماته ذات تاثير نفسي ووجداني بصورة كاملة وقد برعه في اظهار جميع جوانب الجمال الشعري الشفوي ان الشاعر المندائي الملهم براعته ووصفه بشكل فائق تبين في ابيات القصيدة وفي تشخيص قوله فيما يريد ان يقول ويعبر لقد كان خياله وتصوره العاطفي المتوهج بنبض الحياة تفيض بالمشاعر بل تشاركه الامه واماله في مشاركة وجدانية رائعه وتلاحم عاطفي اكثر روعة يندر ان نشاهده عند شاعر اخر ان الحوار بينه وبين هذه المرأه ماهي الا رسالة او صرخة انسان بائس يصف محنته على شكل قصيدة وأعتقد ان القصيدة في الكامل هي من اقوال اسوادي وضمن خياله الشعري ولا توجد في الحقيقة اي امراة ولندرج القصيدة ...

عليج أمامچ الحسين

خويه مني أتفلين

بعد ساعه وأكض صابونتي وأسبح

وأصيرن خوش ولدا زين

عليج أمامچ الحسين

....

أجابته المراة ...

شعفتك عوزها أتزين

وخلي لحيتك أتبين

مامش عدكم أمزين

زين مني القرشين

...

ردها أسوادي

يعيني عالهضم هملي

بعد ساعه وذب هدمي

وأكض صابونتي وأجلي

وصيرن خوش  ولدا زين

عليج أمامچ الحسين

 

- هو عدم القدرة على توفير الحد الادنى من مس
تويات المعيشة البسيطة انذاك او حتى الخدمات الاساسية رغم انعدامها في ذلك الوقت ويعد الفقر افة اصابت جميع او اغلب الطائفة المندائية حيث لا يمكن توفير مصدر رزق لمعيشة العائلة وعدم توفر المصدر اليومي للعيش بسبب تردي جميع الاحوال القائمة انذاك ان الم الفقر والعوز له مكانته الخاصة والمساحة الواسعة في شعره فهو يمكن ان يتحمل اي شئ مهما كان ثقيل او صعب ويتحمل المر ومذاق العلكم الا ان الفقر اصعب شئ في الحياة ويؤمن ان العوز والفقر في ارضه وبين اهله وناسه واخوانه غربة قاتلة كيف لا وهو كريم النفس عزيز المكان الاجتماعي بين اهله وطائفته ورغم فقره وعوزه كان كريم يرحب بضيوفه ويقدم لهم واجب الضيافة والترحاب وله مضيفه الخاص به رغم بساطة المكان قال الشاعر يصف فقره وعوزه :
انه بكثر الشجر والشوك هميت
المفلس هم تحسبه عدل هميت
بغسل ثوبي يخوتي اليوم هميت
لبست البيت سديته عليّه
ان الشاعر سوادي شديد الاعتداد بنفسه ويشعر بعزة نفس رائعة لا يمكن ان يذل او يتكلم عنه بالسود وفي احدى الليالي الباردة المظلمة وكان المطر شديد اضافوه مجموعة من الغجر وكانت له القصة التالية معهم ان الغجر الذي يطلق عليهم اسم الكاولية وهم عبارة عن قوم يترحلون من مكان الى اخر طلبا للرزق والعشب الاخضر وتوفر الماء وكان اغلبهم يجيدون الغناء ويمتهنون الرقص واحياء الاحتفالات بكل المناسبات والافراح والمسرات حيث تقوم نسائهم في الرقص والغناء وهم يتنقلون بصورة مستمرة وطيلة ايام السنة لا يوجد لهم مكان ثابت وعادة ما يكونون هؤلاء الغجر مقربون من الشيوخ واصحاب السلطة والقوة واصحاب النفوذوهم يقولون وينشدون الشعر والاهاجيز والمقطوعات القصيرة والبستات وغالبا ماتكون على شكل اغاني ويكون هذا الشعرمنتشرا بين العشائر والمناطق المختلفة وبصورة سريعة وفي اجدى الليالي الباردة الممطرة وصلوا ثلاثة منهم الى مدينة المجر وعند وصولهم الى هذه المدينة الصغيرة ليلا اتجهوا الى كوخ في نهاية القرية ويقع هذا الكوخ على حافة النهر ومن غريب الصدف كان هذا الكوخ تابع الى الشاعر سوادي فقام لهم بواجب الضيافة كاملا فقد اوقد لهم النار للتدفئة وجلب لهم الاكل والشرب رغم فقره وصعوبة حياته المادية وبؤسه لكنه كريم بكل ماتعني هذه الكلمة مضياف وصاحب عزة متناهية معروف عند البعيد والقريب ولكن كان الفقر ملازما لحياته دائما فلم يستطيع تقديم الشاي لهم بسبب غلاء الشاي وسعره او ربما ان الوقت ليلا والجو ممطر ومظلم لا يستطيع الخروج لشرائه لهم وهنا ارادو هؤلاء الغجر تنبيه صاحب المضيف انهم بحاجة الى شرب الشاي ولكن بطريقة غير مباشرة عن طريق ابيات شعرية مؤثرة فقال احدهم قصيدة منها
خوش وگده وخوش نار
ورد الثاني
بس عوزها الچاي الحار
فلما سمع اسوادي شعرهم استشاط غيظاً ورد عليهم ..
خوش وگده من البرد
توه گضه راس القند
جنكم من اچلاب الكرد
كل يوم يعويله بدار
خوش وگده وخوش نار
ولما سمعوا الرد سكتوا وادركو انه شاعر فخافوا من لسانه ..ولما حان وكت النوم لم يكن لديه مكان يسعهم ففرش لهم على العرزال اي السوباط وهو يشبه التخت مصنوع من القصب ويعلو على الارض يحمي النائم من الرطوبه والحشرات فصعد الرجال الغجر وناموا ونام أعيال أسوادي تحت السوباط بسبب ضيق المكان ثم أطفأوا السراج فصارت الصريفه مظلمه وفي منتصف الليل أراد أحد الضيوف ان يتبول فشاور أخاه فقال له سرسحها ولم يعلموا أن العائله تنام أسفلهم فسال البول على العيال فأيقظت المرأه زوجها فقالت بهمس ( سخم الله وجه هل الخطار) بالوا على العيال فقال لها اسكتي ولما صار الصبح أشترى أسوادي سكر وشاي وعمل لضيوفه فطوراً وأثناء غسله الاستكانات أخذ يردد شعراً ليسمع ضيوفه ..
مال حظك مال مال
ليش بلت اعله العيال
خوش صوغه للجهال
وريحتها غدت كبار
خوش وگده وخوش نار
خطارنه وهاي الك جوخه
من عصر طشت أفروخه
أسوّي ابوه گطوه وألوخه
وبالسبچ يطلع شرار
خوش وگده وخوش نار
فلما سمعوا الشعر خجلوا وايقنوا انهم لا يستطيعون مطاولة الشاعر سوادي والاستمرار معه في المطاولة الشعرية فقاموا متجهين الى النهربحجة غسل ايديهم ومن هناك هربواومن دون فطور من النوادر الطريفه لسوادي مايلي :
كان في المجر شاعر اسمه ناصر بن مسلم وهو صديق الشاعر اسوادي وكان متزوج من امرأتين هما عطيه وبدريه وكانت شغلته في البيت ان يمسك العجل اثناء حلب البقر كي لا يرضع امه وكذلك كان اسوادي فقد أبتلي بالعجل أيضاً في بيته فكان ناصر يشكو حاله الى اسوادي فرد اسوادي انا مثلك في البلوه ومن رأيی ان نقول قصيده هزليه طريفه تصف معاناة الناس وتشيع بين العشائر من دراستنا الى القصيدة والحوار الذي يدور بين الشاعر سوادي وصديقه الشاعر ناصر نلاحظ مدى قسوة وصعوبة الحياة التي كانوا يعيشون بها وعليهم ان يواجهوا كثير من الصعوبات والمشاق فكثير ما يتعرض فيها الانسان في هذه الحياة الى البلاء والمشقة والتعب والمشاكل والضنك والشده في العيش وكثير ما نسمع اقوال كثيرة منها لاالصغير مرتاح ولا الكبير مرتاح وكذلك لا الغني مرتاح ولا الفقير مرتاح فلا احد يشعر بالراحة ان الانسان مهما بحث عن لجظات الراحة فأنه لن يجدها ولم تتحقق له في يوما ما وان تحققت انه يلاحظ ان تلك الراحة هي راحة نسبية ناقصة تتذبذب وتتفاوت من حين الى اخر وانه ياتي يوم وتختفي وتذهب هذه الراحة والسعادة وتحل محلها المشقة والتعب ان الحياة ليس فيها اي شعور بالراحة وستزول في يوم ما فالناظر لها بعين البصيرة سيعرف حقيقتها بلا شك ان الانسان قد خلق في مكابدة ومعاناة فهو دائما يعاني من مشقات الحياة والدنيا وخاصة صعوبة العيش ولمواجهة هذه الصعوبات عليه التحلي بالصبر وعيه ان لا يقطع صلته بناسه وأهله ومعارفه وهم ايضا يعانون من مشاكل كثيرة وصعبة ولقد كانت مجمل هذه المشاكل في تلك الحقبة الزمنية هي مشكلة الفقر وصعوبة العيش بسبب الفقر الشديد الجاثم على رقاب البشر وخاصة ابناء الريف ومن ضمنهم ابناء الطائفة نلاحظ الفقر والعوز والفاقة قد حلت بهم اينما وجدوا او حلوا وسكنوا حيث لا يوجد الا عدد قليل منهم يمكن اعتباره غني بالكلمة المعترف بها وقد اكتفى ذاتيا لسد حاحاته وقوته اليومي ونلاحظ هنا الشاعر يلتقي بصديق له اسمه ناصر يعاني من مشكلة في كيفية منع صغار البقر من شرب حليب امهاتهم وبالتالي معناه عدم حصولهم على مشتقات الحليب في ذلك اليوم ونفس المشكلة يعاني منها سوادي لذلك تدور بينهما حوار هذه القصيدة تقول بيتاً من الشعر وانا اقول بيتاً على شكل حوارحتى نكمل القصيده فقال أسوادي المطلع ...
سوادي : مريود العجل مني
ومن يرضع يكتلني
ناصر: مريود العجل كل يوم
ومن يرضع تگوم الگوم
من الغبشه لوكت النوم
يروحي من التعب ونيّ
سوادي: منهن شايف القصه
كل دگهن عله الگصه
أشوه چتلك بعصه
انا بعطبه يجوّني
ناصر: عدنا الظالمه أعطيه
أشوه چتل بدريه
كل ساع يگبن أعليّ
وبالربضه يشمرني
سوادي : يچتفني اچتاف الهوش
ويربطني ابنص الحوش
نخيت احسين بن مريوش
دوبح واشتمر عني
ناصر: أگللها درحمي الحال
موش انا ابو العيال
لبستچ حرير وشال
ونهاري كله امثني
سوادي : هالعجل خلاني حافي
امدرفس وملخ اچتافي
هنياله الليله غافي
ونهاره كله ايغني
ناصر : بلوه بلاني هل العجل
امدرفس وما ينحمل
جنيت ما عندي عگل
راح الفكر والراي مني
وهم يردون العجل مني
قد تكون السخرية بدافع ديني او اجتماعي او اقتصادي او غيرة وحسد او موقف معين كما هي عند الشاعر سوادي عندما سخر من الغجر واصفا سوء خلقهم وخبثهم والاهم من ذلك قد تصل السخرية والاستهانة بهم حتى وصلت الى ذكر نسبهم بسوء وذم وكل ذلك من ترديد الاوصاف الذميمة بسبب ان تلك الابيات نابعة من غضبه عليهم لانه اغاضوه وهكذا ارتبطت السخرية بالمجتمع ارتباطا وثيقا قويا فقد استمد الشاعر سوادي الصور الشعرية الساخرة من الواقع ومن المشهد الذي يشاهده امامه ومجريات الاحداث مضيف اليها كثير من روح الفكاهه الضاحكه فكانت سلاحه في الشكوى والتذمر والهجوم لذلك ان الناس تهابه وتخاف منه ولن تقترب منه في حل مشاكلهم كما انه لم يستخدم هذه الصفة في شعره من اجل الحصول على مكسب مادي او اقتصادي يذكر كما كان يجري في ذلك الوقت
ان شعر سوادي في الوصف وخاصة وصف الاحداث والوقائع الاجتماعية ةالنكبات الشخصية او الجماعية وكان يتخذ من الطبيعة والحدث مسرحا وواقعا لرسم صوره الشعرية كما يريد ان يقوم ويقوم بصياغة ومزج الاوصاف والكلمات والمرادفات ويربطها بالحدث المؤلم المؤثر الحزين التي تشد المستمع وتثير مشاعر المتلقي لقد كان بارعا في تصوير مشاهد الوصف الشعري ومزج مشاعره بها مما يجعل الصور التي يعرضها لهل طعم خاص ونبضا حي وروح الدعابة وهواجس تثير عند القارئ والمستمع خواطر وتاملات كثيرة قد تكون متعبة بائسة احيانا لقد وصف ظلم الانسان للانسان وظلم الحيوان للحيوان ويصور الصدف والقدر المحتوم بلسان المجرب الواثق الحكيم اليقين الاحساس كما نلاحظ ان طبيعة مدينته لها طابع الحزن الكبير والاضطهاد نلاحظ هنا ان قصيدة الگنبره يشبهها وكأنها انسان امامه يرثيه ويواسيه ويشعر بالحزن الشديد لما حصل لها ويخلق من مقتلها مشكلة عاطفية كبيرة يتناول فيها ظلم المجتمع والناس الى العنصر الفقير وهو يشرح بكلمات سهلة بسيطة مفهومه حتمية وقدر موت هذا الطائر بتلك اللحظه والمكان وفي هذه الصورة نلاحظ وصف تام لموتها وتفننه في وصف موتها واخذ يثير عواطفه وحزنه وبكل جوارحه ويسطر الخواطر والافكار الى جانب الصفات العامة المأساوية لقتل هذا البرئ ويستمر في انشاده وتحليله ورسم الصور الخيالية حيث نجد الصورة العامة للقصيدة متكاملة الجوانب لقد اجاد الشاعر الوصف لتكامل الحدث فهو يستجيب بجميع حواسه وبكل افكاره وعواطفه ويبث حزنه الشديد ويلوم البشر والحيوان على تسبب هذه المشكلة ان قصيدة الگنبره جاءت نسقا متكامل ذات شعاب بالعمل على اخذ الثار بشتى الوسائل ولنقرا قصة هذه القصيدة :-
كان في احد الايام جالس على حافة النهر عندما سقطت عليه گنبره كانت في فم حوم سقطت من الحوم الفاتك وتخلصت منه بأعجوبة وبالصدفه التقطها سوادي ووضعها على صندوق قديم قربه وأسرع لجلب الماء اليها وهنا وثبة عليها قطة وافترست الگنبرة ولما عاد وجد الدماء وبقايا الريش وهنا تاثر بصدق فقد نجت من الحوم بأعجوبة وماتت بأعجوبة فقال ....
اگلتي الگنبره أشمالچ يبزونه
وظل أسودي يلطم على أعيونه
......
ظل أسوادي يلطم ومامش الراي
لا زادي هني ولا عگبيت الماي
زماني والدهر سووا عكس وياي
حتى الطير ونسه ما يخلونه
....
ونسه ولليغندب فرهت باله
بچه أسوادي عليها وضجت أعياله
كلمن يفتهم هل الخبر وداله
وصدگان التحب كلهم يعينونه
....
ردت عليه الگنبره ..
جيتك خايفه من الحوم ماذيني
حسبالي يسوادي لاكون تحميني
الك جرعه على الصندوگ تخليني
لا هديتني ولا صرت مامونه
....
أجابها أسوادي ..
أن أنحفضت من الحوم ساعة اتظلين
قسمتچ هاي للبزون تنوكلين
متوسفچ أسوادي رادچ أتلعبين
يبچي ولولطم خايف يعيرونه
...
أجابته الگنبره ...
جيتك يا سوادي خايفه من الحوم
چا هديتني فطره لشهر الصوم
ماتدري العتاوي وياي يدگم گوم
منتم صبه ودخلكم عيب تحمونه
...
ردها سوادي ..
كل بزون صارت گوم ويانه
وكل عتوي لگضه لگصن السانه
أحترگ گلبي عليچ وثگل دخانه
وكلمن ما كضه عتبه يعيرونه

ويواصل عالِمنا الجليل ، أفكاره .. قائلاً .
وعندي أنّ نوعية العرف الجامعي ، وما يتحصل منه ، معتمدة على ثلاثة عوامل رئيسية مرتبطة بها ارتباطاً واضحاً : (1) الهدف الذي تسعى الجامعـة من أجلــــــه . (2) المواد الأولية التي تتكون الجامعة منها . (3) المحيط الخارجي الذي تعيش الجامعة في وسط
فأما الأول ، هدف جامعة بغداد ، فربما أستطعنا إجماله بأن تكون جامعة تخدم العلم عن طريق ممارسة العلم ، وتعد الشباب للقيام بواجباتهم في خدمة الجمهورية العزيزة ، وفي إداء ما يترتب عليهم من خدمة للعالم بوصفهم جزءًا من المجتمع الانساني ، وبالتحري عن المثل الفاضلة وتبنيها ، وقيادة المجتمع نحوها بالدعوة إليها والعمل من أجلها وأما الثاني ، المواد ، التي تكوِّن الجامعة ، فمؤلفة من طلابها ومن هيئتها التدريسية
وسائر المنتسبين الى اسرتها الكبرى . ثم من كافة ما تنتظمه من أسباب ووسائل . وبديهي أنّ هؤلاء جميعا بما يتميزون به من خواص وصفات ، يحددون نوعية العرف الجامعي واسلوب تكوينه ، كما تحدد متانة البناء بمواده الانشائية
أما العامل الثالث ، فالجامعة مخلوق يعيش وسط هذا المجتمع العظيم ، فلا بد لها من أن تستجيب لأحكامه ومن أن تتأثر بها ، كما أنها لابدّ من أن تؤثر فيه على قدر ما فيها من زخم وإذن فلابدَّ للعرف الجامعي من أن يجد أصوله في العرف العام ، ولابد للتقاليد الجامعية من أن تأتي منسجمة مع تقاليد المجتمع الخارجي القريب على الاخص والبعيد على قدر ما يتصل بها ، مما بدأ منها مناقضاً لتلك التقاليد أو نابيا عنها ، فقد حكم عليه بالانحلال قبل أن يتركز ، ولا يعيش من التقاليد إلا ما كان صالحا بذاته ، ومنسجماً مع التقاليد العامة ، قادرا على التفاعل معها والنمو في جوّها
وبلدنا الطيب هذا أعرق موطن لأنبل تقاليد جامعية . فما يتجدد لدينا ربما ترسَّمْنا جذوره في تلك التقاليد القديمة ، وربما بُعث بعض ما كمُنَ بعثاً عصرياً فكان ما إستجد كما أن بلدنا هذا ، جزء من هذا العالم الواحد المتقلص في أبعاده ، والمتمدد فيما
يكشف عنه من حقائق وآراء . وإذن فما عُرفَ في جامعتنا ينبغي أن ينسجم مع الدارج في سائر جامعات العالم الراقية ، وأن يكون مسايرا له ومنافساً لتقدمه
وعلى ذلك فنحن في جامعتنا نختص بميزتين رئيسيتين :ـ
الاولى : إتصالنا بماضٍ عريق في التقدم والابتكار
والثانية : وقوع خبرات العالم تحت تصرفنا ، ننتخب منها على قدر ما يوائمنا وبما يتفق وبيئتنا ويعمل لتحقيق أهدافنا إلاّ أننا ، لابد لنا من أن نعرف ، بأنّ هذه البلاد قد مرّت عليها قرون طوال رزحت
فيها تحت نير الاستعباد، وغرقت خلالها في ظلمات الجهل والتأخر . وهي حين إستيقضت مع من إستيقظ من الشعوب الحية ، تسلمت قيادتها زمرأ مرت بغير ارشادها . فهي لم تستكمل إستقلالها وتبعد المستعمرين عنها إلاّ قبل ثلاث سنوات قصيرات ملئت لها بشتى الأشواك والعقبات
ومن هنا نشأ ما طغى فوق ذلك ، التيار النقي الاصيل ، الذي هو تيار الشعب بجوهره ، وبما يتصف به من نبل وصفاء . ومن هنا إنبعث ما نبأ من نغمات تستخف بمبدأ التفرغ للبحث العلمي مثلا ، وتتنكر لسجايا العلم إجمالاً ، وتستهجن ما يستجد من تقاليد أو ما ينبث منها ، مما ينتظم في عرفنا الجامعي الناشيء ، وتحارب ما يتم من تنظيم عام في محيط أسرة الجامعة ، أو تنسيق في علاقات أعضاء هذه الأسرة بعضهم بالبعض الآخر . أو ما إلى ذلك ، مما يكوّن الصورة عن هذه الميول الجامعية
ثم أنني لأرى ، أنّ تأسيس العرف الصحيح وإنماءه وإرساءه ، كل ذلك ينبغي أن يتم بإسلوب منسجم مع العرف نفسه متفق وإياه . بل أنّ إسلوب الانشاء جزء من العرف
ذاته يتعذر فصله عنه أو تمييزه عن سائر أجزائه
ويضيف الدكتور عبد الجبار عبد الله
ونحن في الجامعة، قد أخذنا بمبدأ إطلاق الحرية الاكاديمية دون أن نقر طبع التهافت ، وحرصنا على مبدأ الاستقرار دون أن نؤيد طبيعة الاستفزاز ، وسعينا نحو إستكمال الاستقلال من غير ان نتجاهل مبدأ إحترام الاسس المرعية والعلاقات العامة بما ينبغي لها من إحترام . إلاّ أن لكل تلك أحكاما وجوانب لست أريد الدخول فيها ، بل اردت أن أضيف السير عما سبق لي أن ذكرته في مناسبات سابقة عن إستقلال الجامعة ، للتأكيد على أهميته ولتوجيه الرأي إليه
فللإستقلال الجامعي جانبان : إستقلال من التدخل الخارجي فيما يتعلق بالمراجع الرسمية والدوائر المعنية . وشعور بالإستقلال ينمو داخل أفراد أسرة الجامعة ، فيؤمنون به ويسعون لتعزيزه ويعملون بموجبه
يقول الأب " كولر " المعلم الأفريقي العظيم : " نحن في سيراليون نجابه صعوبة كبيرة في سبيل إستكمال إستقلالنا بعد أن تركَـنا الإنكليز وإعترفوا بسيادتنا ، تلك هي أن نقنع أنفسنا بأننا أناس مستقلون لا دخل للإنكليز بأعمالنا .. ونحن لا نأمل أن تُجدي
المساعدات الاجنبية نفعا في سبيل التغلب على هذه الصعوبة ، فلا بد لنا من أن نتروض حتى يصبح الاستقلال طبعا من طباعنا وحتى يستقر الشعور به في قرارة أنفسنا "
وإذن فإقامة العرف الجامعي الصحيح لا تستقيم إلاّ عندما ينبعث الشعور بالطمأنينة والاستقلال من داخل المحيط الجامعي نفسه ، وإلا إذا عاون المحيط الخارجي على إنماء ذلك الشعور . وذلك يتطلب بالطبع أن يؤمن المعنيون في ذلك
المحيط الخارجي بمبدأ الاستقلال الجامعي ، وأن يدعموه ويعملوا من أجله
فالإعتراف بالإستقلال الجامعي جزء من إعترافنا الذاتي بإستقلالنا الناجز العام
ويطرح الدكتور عبد الجبار عبد الله أفكاره فيما يخص البحث العلمي .. قائلا
أما أسباب البحث العلمي ، فرؤوسها في نظري ، ثلاثة :ـ
آ . المكتبة ب . المختبرات ج . الباحثون المدرّبون على البحث المتمكنون منه
فالمكتبة : فهي أهم الاسباب التي يطلبها الباحث . حتى أن بعض الجامعات قد بدأت بتأسيس مكتباتها قبل أن تؤسس كلياتها ومعاهدها
ولقد كانت جامعتنا خالية منها خلوا يكاد يكون تاما . نعم لقد كانت لدينا بعض المكتبات الصغيرة في بعض الكليات ، ولكنها كانت مكتبات قراءة ولم تكن مكتبات بحث . والفرق كبير بين النوعين ، كما تعلمون
ومن أجل ذلك فقد شرعت الجامعة بتأسيس مكتبتها المركزية التي توخينا فيها أن تكون مكتبة بحث تتوافر فيها المراجع والموسوعات والمنشورات والمجلات العلمية والكتب المساعدة ، إلا أننا لا نجد بداً من أن نعترف بأننا ما نزال في دور الباية في المشروع الذي نعتبره أهم ما في مشروع مشروع تأسيس الجامعة على الاطلاق . فعلى الرغم من ان هذا المشروع قد حضى بالرعاية والعناية الخاصة ، إلا أننا ما زلنا نتعثر فيه بسبب خلو البلد من الخبراء القادرين على النهوض به ، ولتعذر الحصول على خبير أجنبي لندرتهم في الخارج ايضاً
أما المختبرات : فقد عملنا الكثير من أجل إعدادها للبحث ، ومختبراتنا اليوم ، وإن كانت تفتقر الى الكثير مما ينقصها ، إلا أنها قد أصبحت صالحة لممارسة البحث فيها في الكثير من المواضيع . ونحن بالطبع ماضون في إستكمال ما بقي من النواقص ، كما أننا عاملون بجد على إنشاء معمل لتصليح الاجهزة ولصنع ما يمكن صنعه منهئ
وأما الباحثون : فقد تجمّع منهم في الجامعة عدد تعتز الجامعة به وتفتخر لوجوده ضمن أسرتها. وذلك بفضل منهاج البعثات العلمية الذي سارت وزارت المعارف عليه منذ زمن غير قصير ، والذي تضاعفت العناية به بعد ثورتنا مما يبشر بالخير الكثير
بقي عليَّ أن أقرر الصفات التي يلزم حصولها في الباحث وأن أذكر أهم ما يلزم من
أجل تيسير البحث له .. فالباحث في نظري من تجمعت فيه الشروط التالية :ـ
آ . شرط الدراسة والاعداد المتمكن من موضوع الاختصاص . وإني أرى أن أقل مرتبة يجب أن يبلغها الباحث في دراسته مرتبة الدكتوراه . فإن شهادة الدكتوراه تعلن أن حاملها أصبح مستعدا للقيام بالبحوث ، وإن كان لم يمارس هذه المهنة بعد ، إلاّ على سبيل التجربة والتمرين . ولابدّ له بعد ذلك من أن يتفرغ للبحث مدة كافية أقلها في رأيي ثلاث سنوات متصلة في معهد تخصص عال وتحت إشراف العلماء القدامى
على أنني أرجو أن لا يفهم من ذلك أننا ننكر فضل الكثيرين العباقرة الذين نبغوا في علومهم وبلغوا فيها الغاية ولم يحصلوا الدكتوراه . غير أن هؤلاء عباقرة ونحن نتكلم
عن الباحث
ب . والشرط الثاني : توافر المواهب الذاتية ، فلابد للباحث من أن يتصف بالذكاء الشخصي وبدقة الملاحظة ورهافة الحس ، وبصفة التركيز على التفكير العميق ، وبالأناة والعمل المتصل في معزل عن الناس ، وبالصبر الطويل وتحمّل ما قد يجرّهُ عليه الفشل في بعض محاولاته . وبالاضافة العلمية فيما ينقل عن الغير وفيما ينقل للغير من نتائج تجاربه . وبصفة التعاون مع الغير في عمل إجماعي يقوم بجزء منه ويقوم غيره ببعض أجزائه الاخرى . الى غير ذلك مما يؤهله لهذه المهنة السامية ، ويمكنه استعمال معلوماته ومهارته كأدوات أولية في فنه . والكثير من الصفات التي ذكرت تنمو في المرء بتأثير محيطه ، والكثير منها يولد معه مما يرثه من أبويه فلا قبل له بتغييرها
ج . والشرط الثالث : الرغبة الصادقة في إمتهان البحث والتوفر عليهدون النظر الى مكتسب ومن غير الالتفات الى مال أو جاه ، فالبحث العلمي كثير العناء مملوء بالمخاطر ، وكثيرا ما أدى إلى حوادث مفجعة والباحث من تلذذ بما يكشفه من خفايا الطبيعة ومن سعي لمقابلة المجهول وشعر بلذة الفوز عند هتك أسراره
وبعد فمتى حصل الباحث المتمتع بما ذكرتُ من صفات ، المتميز بما لديه من آراء يريد تحقيقها ، فلابد من حصول المحيط الذي يستطيع أن يعمل فيه ، ولابد من تهيئة الجو لعمله
فالباحث كالنبتة لا تغرس إلا حيث يلائمها المحيط ، ولا تنمو إلاّ إذا غذيت بما يوافقها من غذاء . فإننا نرى الواحد منا ربما أمضى من سنين عجاف عقيما لا يكاد ينتج حرفا ، ومنهم يفد الى الخارج فإذا به خصب كثير الانتاج . فهو لم يتغير بذاته ولكنه قد إنتقل الى أرض خصبة وجو صالح
والمحيط الذي يطلبه الباحث يلزم أن تتوافق شروط وصفات . فأول ما يطلبه وجود حركة علمية يسير في تيارها وينغمس فيها إنغماسا ، فلا شيء أدعى الى تولد الآراء
والأفكار العلمية مثل تزاوجها بعضها مع البعض الآخر

 

 

أحمدُ الله ، إنَّ حياتي كانت وما تزال حياة مُنتِجة ، موجَّهة نحو الخير والفائدة العامة ، وربما يريحكم أن تعلموا، إنَّ إسمي ونبذة عن حياتي ، قد دُوِّنت في فهرست " من هو ؟ " لأنني أضفتُ مصطلحاً جديداً لعلــــــم الأنواء الجوية
عبد الجبار عبد الله
المقدمــــــة

في شهر تموز ، هذا ، من عامنا الميلادي 2017 ، تمرُّ علينا الذكرى الثامنة
والأربعون لرحيل العالم العراقي الكبير الدكتورعبد الجبار عبد الله .. أول رئيس لجامعة بغداد بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 م .. وهو العالِم الفذ الذي تجاوزت شهرته وعطاؤه العلمي الغزير حدود العراق لتشمل العالم كله .. لقد حزن الوطن لفقد إبنه العزيز بعد غربةٍ شاقّة .. حزنَ الوطن والوسط العلمي العراقي والعالمي وطلبته ومعارفه على إنسان ومواطن بار ، حملَ بين جنبيه دائما وطنه وشعبه وأخلص أعمق الاخلاص في خدمتهما ، ولم يحن هامته أبدا أمام أعدائهما .. فكيف لا ، وهوالعالِم الكبير الذي قدَّم عصارة فكره المتدفق وعقله الفياض لأجيال متعاقبة من أبناء شعبه وأمته ومن غيرهم من طالبي العلم والمعرفة ، بكل تفانٍ ونكران ذات .. وهوالمفكر الكبير الذي حاول جهده ، رغم العراقيل والعقبات ، أن يضع اسس تعليم جامعي سليم ويؤسس لمجلس بحوث علمي وفروعه المتخصصة ، مستهدفا من كل ذلك خدمة الشعب ورفع شأن العلم والنهوض بالحركة العلمية في هذا البلد الذي عانى من التخلف زمناً طويلاً ، فوضع الخطط والبرامج العلمية والعملية ، ليعيد العراق السومري البابلي ، إلى موقعه الذي يليق به بين بلدان العالم المتقدمة ، كصاحب أولى الحضارات الإنسانية ، والذي منه إنطلق الحرف الأول وإنبثقت أول لائحة قوانين تُنظّم حياة البشر
ولأجل ذلك الوطني الجليل ، بادرت مجلة " الثقافة الجديدة " .. مجلة الفكر العلمي التقدمي .. ومعها مجلة " الراصد " ، قبل غيرهما ، بنشر عدد من المواضيع المهمة عن حياة وإنجازات وبحوث العالم العراقي الكبير عبد الجبار عبد الله ، بُعَيدَ رحيله ، ذلك الرحيل المبكّر في تموز 1969 عن عمر ناهز الثامنة والخمسين ، وهو في قمة عطائه العلمي وتفجُّر بحوثه وتلاحق نظرياته العلمية ، خصوصا في مجال " علم الانواء الجوية " الذي إنطلق فيه من خلال عبقريته الفيزيائية ــ الرياضياتية
ولمناسبة الذكرى الثامنة والاربعين لرحيل عالمنا الكبير ، ووفاءً له وإستذكاراً لتأريخه المجيد ، أنقل لكم بعضاً مما كتبَتْ (مجلة الثقافة الجديدة) آنذاك في 1969ــ 1970 م وسأنشر ذلك بعشر حلقات يومية ، إعتبارا من يوم غد .. وليتابع من له إهتمام بتأريخ وأمجاد علمائنا
وسأرسل الموضوع كاملاً ( الحلقات العشر ) بعد نشرة بالكامل ، إلى مشروع الذاكرة المندائية للتوثيق ، وإلى الموقع الخاص بالدكتور عبد الجبار عبد الله .. ولا مانع من نشره في أيَّة وسيله إعلامية ، لتطَّلع الأجيال الحاليّة ، على خارطة الطريق التي رسمها الوطني العراقي المخلص النزيه عبد الجبار عبد الله ، لبناء جامعة عراقية عصرية عريقة
لقد أدرك عبد الجبار عبد الله ، أنَّ نقطة الانطلاق في اصلاح التعليم الجامعي تبدأ من تغيير الذهنية التي تسيطر على الجامعة وتقيّد حركتها ، وإن كل حديث عن الاصلاح الجامعي وتطوير البرامج والمفاهيم الجامعية يبقى لغوا لا طائل تحته . واذا كان عبد الجبار عبد الله لم يستطع تحقيق آراءه وتنفيذ خططه وجعلها واقعا ملموسا ، فما ذلك إلاّ لظروف قاهرة أقوى منه ، لم تدع له حرية التصرف بشكل يسمح له بتحقيق هذه الخطط والآراء
قدّمَ عبد الجبار عبد الله ، آراءه القيّمة في الجامعة والتعليم الجامعي والبحث العلمي ، من خلال خطاباته ومذكراته وندواته ولقاءاته العديدة مع المعنيين في الوسط الجامعي ومع مسؤولي الدولة آنذاك ، خصوصاً بعد أن تبوأ رأس الهرم لجامعة بغداد.
وفي هذا المجال يقول الدكتور عبد الله :ـ
لقد تميزت السنوات الاخيرة بفيض من المنجزات التكنولوجية ، التي يسَّرت ما كان في عداد المستحيلات واضافت الى الانسان سيطرة على القوى الطبيعية ، ومكنته من ترويضها والتحكم بطاقاتها .
أما في العلوم الاساسية ، فلقد استطاع الباحثون أن يهتدوا الى الكثير من النظريات ، التي وان جلت قيمتها وسمَت منزلتها ، لم تعد كونها اضافات جانبية ، ولم تتجاوز صفتها هوامش تكميلية . فالعلم يتقدم بمراحل واضحة الحدود ، تنقله من مرحلة إلى التي تليها ، بضع نظريات جريئة ، تفتح ابوابا من المعرفة غزيرة الثروات التي تتكشف عنها .ونحن في العلم اليوم ما نزال في دور استثمار ما وقع تحت أيدينا . غير أن توفر الباحثين في السنوات الثلاث الماضية ( يقصد 58 ، 59 ، 1960 م ) على جمع المعلومات وإستقصاء الظواهر ، والدخول في رصد ما دق من تفاصيلها ، كل ذلك يبشر بأن العلم مقبل على فجر جديد . وقد لا يطول بنا الانتظار حتى تنبثق تلكم النظرية ، أو تلكم النظريات الجريئة التي سوف تنقلنا الى المرحلة التالية في سلّم الارتقاء.
غير أن هذه المنجزات التكنولوجية ، كانت قد نبتت في تربة الجامعات ومعاهد البحث التي تنتسب اليها ، ونمت في محيطها ، وتكاملت بما إستمدته منها من غذاء .. وتلك المعطيات ما تجمعت إلا في تلك الجامعات وتلك المعاهد . وإذن فنحن نقر الحقيقة إذا قلنا أنّ مدينتنا العلمية الراهنة كانت بعض نتاج الجامعات ومعاهد البحث والذين يرقبون الامور عن كثب ، ربما أعربوا عن بعض ما يخامرهم من شكوك وما يداخلهم من ريب . فهذا التقدم السريع في الانجاز التكنولوجي ، وتلك القفزات في نظريات العلوم الطبيعية ، ربما اعادت ذكريات القرن السابع عشر حين طغت الفلسفة الميكانيكية على الكثير من التصرفات الفردية وتصرفات الجماعات . فلقد ذهل البعض من المربين ومن قادة الشعوب المعاصرين ، لما ابصروه من التقدم في هذه الحقول ، فسارعوا الى الإيغال في التوكيد عليها ، وتوجيه الجامعات نحوها . وبذلك فربما اصاب الاهمال نواحي اخرى من المعارف ، هي نواحي العلوم الانسانية . تلك العلوم التي كان واجبها التعاون مع العلوم الطبيعية لاستكمال صورة الكون بعالمية الداخلي والخارجي ، وللتوصل الى تثبيت الوعي الصحيح ، ورسم المخطط العام لبناء المدنية الفاضلة
وعندي أن مَثل الجامعة التي تعنى ببعض نواحي المعرفة وتهمل سائر النواحي ، كمَثل من يعدم بعض حواسه فتنمو سائر الحواس . فهو قد عجز عن استيعاب الصور الكاملة لما حوله فخلق لها في مخيلته صورا مشوهة ناقصة

وإذن ، فالجامعة التي تريد ان تؤدي رسالتها وتنهض بواجباتها في خدمة مجتمعها وتوجيهه نحو المدنية السليمة ، لا بد لها من أن ترسم لنفسها منهجا متزنا معتدلا ، لا يطغي فيه فن من الفنون أو علم من العلوم على حساب سواه . ففي هذا العالم حيث تباينت الأهواء ، وأستقطبت النزعات ، يترتب على الجامعات واجب جليل ليس له ند في تأريخ التربية والعلم ، هو أن تعمل على إعادة التوازن والتقليل من الاستقطاب لتقود الشعوب نحو مدنية خيرة ، يستخدم فيها العلم والتكنولوجيا ، كأدوات لنيل السعادة ووسائل لبلوغ الرخاء والسلام

لقد سلمت جامعة بغداد بهذا الرأي ، وأخذت بهذا المبدأ ، وهي شاعرة بعظم واجبها ونبل أهدافها . فقامت وهي في سني تأسيسها الاولى ، بوضع مخطط عام يهدف إلى إنشاء دراسات عالية في مختلف العلوم والفنون ، بحيث يتألف من مجموع خطوطها هيكل شامل متزن . ثم أقدمت على تنفيذ ذلك المخطط بخطوات رصينة ، مفضلة الأهم على المهم ، مما تتضح قيمته على ضوء دراستنا لحاجة الجمهورية ، وعلى قدر ما يتيسر لنا من أسباب . وعلى ذلك فقد بدأت الجامعة بالعناية بواجب التدريس وإعداد المهنيين ممن تفتقر اليهم الجمهورية في تنفيذ مشاريعها الآنية . فإستحدثت عددا من الاقسام ، وأنشأت بضعة معاهد وفتحت حقولا جديدة . وقد كان للعلوم الطبيعية والهندسية ، الاولوية في ذلك التوسع وذلك الاستحداث ، لما لها من علاقة مباشرة ببناء الجمهورية الفتية
غير أن الجامعة لم تهمل العلوم الانسانية ، بل أولتها ما تستحقه من العناية ، لا سيما ونحن في هذا البلد المبارك الذي يزخر بالتراث الانساني ، ومما تم في هذا الاتجاه ، تأسيس قسم الأدب الكردي ، والعناية بقسم الفلسفة ، وإنشاء قسم السياسة ، وتوسيع الدراسات الاسلامية الموجودة في الكليات المختلفة ، والقرار بإلحاق كلية الشريعة بجامعة بغداد ، حالما تتم الدراسات الاولية التي يقوم بها الخبراء

يقول الدكتور عبد الجبار عبد الله
لقد كان شعار الجامعة ، التحري عن الحقائق العلمية واختبارها والدعوة اليها . ولذلك فلقد شرعت بتنظيم حركة البحث العلمي بما يتفق وهذا الشعار ، وبما يتوائم مع اهمية البحث في رفع مستوى البلد والاضافة الى تراثه وإنماء ثرواته ، وبما تحتمه مشاركة العالَم في بذل الجهود لهتك اسرار الطبيعة واستغلالها لمصلحة البشر المشتركة

وقد أخذنا بمبدأ اطلاق الحرية في البحث لعلمائنا ، على ان تنتظم بحوثهم التطبيقية ضمن المخطط العام الذي نحن بصدد دراسته . فنحن لا نرى فرض القيود على المواهب ، ولكننا نرى وجوب تنظيم الانتاج العلمي للإستفادة منه في سد حاجاتنا الملحّةالملحّة

ولقد شرعنا في هذه السنة بتنظيم الأقسام العلمية الاساسية وتكوين نواة المجلس العلمي . كما أقررنا تأسيس مجلس بحوث المناطق القاحلة ومعهد التأريخ الطبيعي .وسوف نمضي في هذا السبيل بتؤدة وحذر ، على قدر ما يتيسر لنا من الاسباب
إنني لأنظر، فارى بلدا غنيا بثرواته الطبيعية ، زاخرا بما تجمّع لديه من التراث الانساني المجيد ، وشعبا عريقا بالمجد معتزا بما تطبَّع عليه من النبل ، وما إتّسم به من الصفات السامية ، مقدرا إنطلاقته العظمى على أثر ثورته الكبرى . إنني لأنظر الى كل ذلك ، فيغمرني التفاؤل بمستقبل جامعة بغداد ، الموطن الرئيس للعلم والمعرفة.. أنظر فيغمرني التفاؤل بما تقدم عليه جمهوريتنا العزيزة من الازدهار والرخاء
ونحن اليوم ، نعيش في عالَم سريع التطور دائم النمو ، يسير على هدى العلم ، ويتكيف بما تتوصل اليه أساليب التكنولوجيا . وهو فوق ذلك ، عالم تتحكم فيه الشعوب ، وتسعى لاستكمال سيادتها وتستهدف غاياتها في الحرية والاخاء . ولقد ادركت جامعة بغداد هذا المغزى ، واستهدفت الكمال لنفسها ، فإتخذت شعاراً لها ( النمــــو والحريــــــة )ا
لقد كان الشعار الثاني الذي التزمت به شعار الحرية . فالجامعة ما برحت تعمل من اجل تحقيق الحرية الفكرية ضمن حرمها ، وما فتئت تسعى لإنعاشها ورعايتها ، كما أنها تحرص على الحرية الفردية ضمن أحكام الضرورة ، وتسعى الى تحقيق ما يتيسر تحقيقه منها ، مؤمنة بأن ذلك أضمن الى إظهار المواهب وصقلها وتوجيهها ، ومن أبراز النبوغ ووضعه في خدمة المجموع . والمجتمع الحر قادر على أن يكيف نفسه بنفسه بما يتم التوافق بين ميل الفرد والصالح العام
على أن الحرية الاكاديمية لا تتأتى بالرغبة المجرّدة ولا تتحقق بالنسبة وحدها ، بل لابدَّ من ممارستها أبدا ، ولابد من التوصل إليها بالتجربة المضنية الطويلة . وكثيرا ما يكون الدرب إليها مملوءًا بالمصاعب التي تنشأ لسوء إستعمالها ، ولقد طالما وئدت الحرية الفكرية طفلة بسبب ذلك قبل بلوغها النضج والكمال
غير أننا نؤمن بأن الحرية الفكرية ذاتهاهدف سامٍ من أهدافنا ، ومثل مشرّف من مثلنا ، وان ما قد يعترض سبيلنا اليها من المشاكل مظهر طبيعي ناتج عن حداثة العهد بالجامعة ، وحداثة العهد بالعرف الجامعي الذي لا بد له من زمن حتى ينمو ويترعرع فيفرض سلطانه على السلوك العام ، حتى يضفى النظام فوق الحرية فتظهر سجاياها الأخّاذة
وفوق كل ذلك فالكثير مما يبدو من الارتباك في تطبيق الحرية الجامعية ناشيء عن حداثة العهد بالاستقلال الحقيقي الكامل ، وبممارسة الشعب له وامتلاكه زمام نفسه ومحاولته ترويضها حتى يتم التوافق بينها وبين الكون ويحصل بينهما الانسجام الموصل الى مرتبة الكمال
ومن أجل ذلك فالجامعة عاقدة عزمها على التمسك بشعار الحرية الفكرية ضمن حرمها الآمن ، وهي ساعية الى تدريب طلابها على ممارستها تحت إرشادها وبما يتفق وضرورات النظام العام ، لتعد منهم جيلا قادرا على القيام بواجباته في قيادة الشعب نحو اهداف جمهوريته السامية
ولقد حددنا واجباتنا ، منذ أن بدأنا ، فسلمنا بأنها ذات شقين متميزين، يكمل أحدهما
الآخر ، ولا يستقيم أولهما بغير الثاني وليس له أن يستقل عنه
فالواجب الأول : إنجاز تنظيم الجامعة تنظيما ماديا وتنسيقها تنسيقا علميا بما ينسجم وأهداف الجامعة وبما ينطوي تحتها ، وفق الخطوط العامة التي رسمها القانون . وأحسب أننا قطعنا في ذلك شوطاً ، وأحسب أننا أنجزنا فيه مرحلة ، ولست أقول أننا قد بلغنا الغاية في هذه الفترة ، فقد بقى الكثير مما يتطلب الانجاز . غير أنّ معالم العمل واضحة والخطوات من أجله بيّنة لا أخال فيها إلتباساً . وقد سبق لي أن أتحدث عن الفلسفة العامة التي سرنا على هديها ، عند قيامنا بهذا الواجب ، في المناسبتين السابقتين اللتين كانت هذه ثالثتهما ، فلا أجد مناصا من أن أعدى عنها دون الدخول في تفاصيلها
والواجب الثاني : من واجباتنا كما حددناها ، فقد كان إقامة العرف الجامعي الصحيح ، وإنشاء التقاليد الجامعية السليمة .. فكل مجتمع ، كما تعلمون ، خاضع لقوانينه المدوّنة ، وإلى أحكام قوانين متعارف عليها لا تحتاج الى تدوين أو تشريع
وكذلك الامر في الجامعة ، فهي لابد خاضعة الى احكام من نسميه بالعرف الجامعي ، ذلك الشيء الذي يتمنع على التعريف ، وإنما يتحدد بكامل صفاته وآثاره . فهو منها كالطاقة من المادة . فالجامعة تظل جامدة حتى يدخلها العرف الجامعي الصحيح ، فتستحيل مخلوقا يتمتع بصفة الحياة
ويتحدد بحكم العرف الجامعي السلوك العام لاعضاء الجامعة والمنتسبين إليها ، واسلوب تعاملهم وعلاقتهم بعضهم بالبعض الآخر ، وعلاقتهم بمحيطهم الخارجي ، وما يعلنونه من تصرفاتهم واحوال سلوكهم وما يخفون . كما تتحدد بموجبه سائر مظاهر الحياة ، ومختلف أوجه النشاط البادية في هذا الكائن الحي الذي نسمّيه الجامعة
وفي العرف الجامعي ، شأنه شأن سائر الصفات .. منه ما يورث وراثة ، ومنه ما يكتسب إكتسابا ثم ينمو نموا تدريجيا
فأما ما يورث فلابد من تقبله كما يأتي ثم تناوله بالتوجيه والارشاد، ليجري في المجرى الذي فيه للناس نفع ، وفيه للمجتمع فائدة
وأما ما هو مكتسب ، فمرده في العادة الى عوامل كثيرة كل يضيف اليه على قدر ما يتعلق الامر به . والغالب عليه انه أطوع الى التغيير والابدال ، ويسير في عملية التوجيه والارشاد
وكل خطأ في عملية التكوين والارشاد والتوجيه ربما أدى إلى وأد الجامعة كرسالة وقتلها كفكرة أو تشويهها كهدف ومثال . وكل مرض يلحق بالجامعة كفكرة أو كرسالة أو كهدف ، يعود بدوره على الجمهورية بأسرها بعواقب ربما فاقت التخمين والحسبان ومن هنا يتبين مدى خطورة هذا الامر وضرورة التظافر على تثقيفه وتقويمه.

السبت, 01 تموز/يوليو 2017 21:44

الشاعر سوادي واجد جبير " الجزء الاول "

لا يختلف اثنان ان الشاعر الشعبي المندائي سوادي واجد جبير يعد من المع شعراء الطائفة على الاطلاق واحد نوابغ عصر ازدهار الشعر العامي في التراث المندائي والذي انتشر في مدينة المجر فقد كان مدرسة كبيرة واسعة وفيرة في هذا النوع من الشعر وله طريقة خاصة في نظمه والابداع فيه والمحاكات الفورية والتجاوب مع الحدث والارتجال وعلى الرغم من فطريتها وعفويتها وبديهيتها وقد جمع في اسلوبه بين اللغة الدارجة في منطقته واللغة العامية المنتشرة في تلك الاماكن وقد ربط الاحداث التاريخية باسلوب شعري بسيط يصل بكل سهولة ويسر الى المتلقي وسرعة الانتشار والنقل ويعتبر اسلوبه في هذا الادب العامي اسلوبا مميزا في ايصال مايريد ان يقوله للمستمع .

الشاعر سوادي واجد چبير المسودني :-
ولد عام 1870 وتوفي سنه 1945 في المجر الكبير العمارة وكان يمارس مهنة النجارة عاش في المجر وكان فقير الحال قضى عمره كادحاً متعباً وكان يتمتع بشاعرية ساخرة كما كان يعرف القراءة والكتابة وقد علم نفسه
بنفسه في وقت لم يكن التعليم شائعاً وكان الناس يخشون لسانه وقصائده وكان الشعر في تلك الحقبة الزمنية له اعتبار كبير ويطرح في الدواوين والمضايف
وكانت اقواله تنتشر بين الناس بسرعة لما تملكه من لغة بسيطة ومعاناة من الفقر و العوز و الشكوى يعتبر الشاعر سوادي احد الشعراء المتميزين بين شعراء المندائي وعلى مر الزمن جاءت بدايته في مستهل القرن الثامن عشر وهو شاب وقد قال الشعر بلغة دارجة محلية سهلة مفهومة وعلى سلم ايقاعي قد يكون غنائي في بعض الاحيان وهو واحد من الفاعلين النشطين على الساحة المندائية في ذلك الزمان حيث تخشاه الناس وتبتعد عنه وقد قال كثير من القصائد من حيث الكم و النوع فقد ورد اسمه في كل ناحيه وصوب ويعد من اهم الشعراء في ايحاء وبناء وقول القصيدة الساخرة الناقدة بدون منازع وكانت قصائده تعبر عن قصص متكاملة في شكوى الحال و البئس و الشقاء لشرح مفردات السيرة الاجتماعية والاقتصادية لبعض الاشخاص او الجماعة او الطائفة وقد كشف في قصائده كثير من المستوى والعرف السائد في ذلك الوقت واغلب قصائده تعبير عاطفي او اجتماعي او هجاء وهو يعبر بشعر منطقي ومأخوذ به في تلك الايام لذا جاءت قصائده مسيرة شجاعه لشخصيته الفقيره ان الشاعر بهذا الاسلوب قد حول الشكوى الى ايحاء وتعبير بكل معانيه وكشف الحقائق وبسطها امام الناس والعشيرة وان كانت تلك القصائد تحتوي الشتم و الذم لبعض الناس والشيوخ ولكن من خلال قصائده يكشف الشاعر سوادي ان هؤلاء الشيوخ والحكمام وبعض الناس أثمون ضالمون قسات ينشرون الظلم والطغيان بحق البشر .
كما وحقق شاعرنا بدون قصد او تمعن ديباجة وبساط شعري من اروع تراث المندائي القديم وذاع صيته وشهرته فأن اسلوبه انيق وحلاوته سميكة يختار الكلمات بصورة متقنة وبحرقة و ألم فقد قال في التداعي الاخلاقي المندائي والفساد و الريبة والتهجم من خلال كلمات تعبيرية هادفة واضحت المعاني ومتزامنة التوقيت ان قصائده مرتبة بعناية وبلغة مفهومه على السامع فكان شاعرنا بحق شاعر وقته ويومه وساعته .شاعر مبدع واسع المعرفة والاطلاع كثير الانتاج صاحب بديهية شعرية فورية غنية المعاني والسبك الابداعي الساخر كلماته سهلة قوية المعاني سهلة الالفاض لها وقع السياط على السامع . لقد كان شاعرنا يجابه الخطأ بقول الشعر وكذلك يهجي كل الظواهر المغلوطة وكأن شعره سيف قاطع فاصل يدين به كل الاخطاء التي حدثت ان القصيدة وحروفها جعل منها السلاح الوحيد الذي يجابه الايام القاسية والفقر والعوز .وأغلب أشعاره يطغي عليها طابع السخرية والضحك والاستهزاء والهجاء القاسي المقصود او الغير مقصود ولنبدأ بدراسة وتحليل كل غرض من الاغراض التي كتب فيها الشاعر :
1 – السخرية : في الادب فن مهم ينم عن ألم دفين ويشف عن وجع خفي
يريد اللجوء اليه ليداوي ألمه في الضد ويشفي نفسه بالنقيض ومن هنا كان ألألم الذي يشعر به الشاعر وعدم قدرته على الغاء اسباب هذا ألألم هو الدافع وراء السخرية التي يصطنعها وتتطلب السخرية التلاعب بمقاييس الاشياء تضخيما او تصغيرا يتم خلال معايير فنية ملمعة من قبل الشاعر وهي تعرض نقد لاذع في جو من الفكاهة والامتاع والضحك والسخرية واحيانا التجريح المتعمد في اظهار بعض الصفات ، غير ان أسلوب السخرية يختلف من مكان الى آخر ويتغير تبع الزمان والمكان والاشخاص ويتفاوت من شاعر الى اخر فالادب الساخر يعكس لنا اوجاع الشاعر او المواطن والحالة السياسية والاجتماعية والثقافية الموجودة وكذلك الفقر والعوز ويقدمها بقالب يرسم البسمة على الوجوه ان بعض الشعراء يلجأ الى السخرية للحصول على حقوق مستلبة ومنهم يرى فيها طريقا مناسبا لتنبيه الظالمين الاشرار والحد من ظاهرة معينه سلبية دون المخاطرة بأنفسهم وأخرون يرون فيها أسلوبا للتعويض عما فقده من جمال او الفقر المادي او المكانه الاجتماعية او عمل غير قادر على عمله وأدائه وقد تكون طريقة لكسب العيش والحصول على مردود مادي معين من اشخاص يخافون لسان الشاعر لذا تكون السخرية من الاساليب الاكثر افصاحا مقارنة بغيرها من الاساليب والاغراض ونلاحظ ان الشاعر سوادي غير قادر على صيد حيوان الواوي ( ابو أرويشد ) والاستفادة ما ديا من بيع جلده والحصول على المال كما يفعل اهله واقاربه وناسه بسبب ضعف بصره وعدم امكانية قيامه بعملية صيد تلك الحيوانات نلاحظ انه يهاجم جميع رجال الطائفة الذين يقومون بعملية الصيد ومنتفعين من اثمان جلودها ووصف تلك العملية في قصيدة مشهورة وتم اشراك عدد من الشعراء معه وقد سخر من ناسه ورجال طائفته وحتى اهله والمقربون اليه لنتأمل هذه القصيدة :
اشرد يبو رويشد شوف لك نيه
وكل ذراع من جلدك بربيه
******
اشرد يابو رويشد شوف لك مطفار
وهل عملو بيك الصبه عمل ما صار
جلدك غالي وهل طلبته التجار
من العشره يصعدونه على الميه
******
يكلي خصر ب الجوار شفت ثنين
من الصبه وگالو غصب مطلوبين
ابن درباش اعرفه وذاك مدري منين
من يرمي ایتنخه غلام ربيه
******
فضه تبچي وتعتب على التاوه
اتگول لو یا باطلين اخذولي اجداوه
تجار الجلود ربيج وشناوه
فليفل وگشيش رجل بدليه
صايود ابو كويز بالك لا تمر بيه
يكضه كضوض بيده جنه مربيه
واحد چاتفه و واحد صلخ رجليه
غير الضامه بوسطة البرديه
******
خمسة من بيت جوده راحوا الشدود
يقاول ريسهم منصور يطّي اسنود
حمل دانگ اسعيدون كله جلود
ودانك ارشودي ذب بيه خمسمية
******
مهلچ يا اكريمه شمالچ تلومين
وصارت سولتي كله رمس بالطين
من دون الجماعه اطبج اثنين اثنين
يحصل صيد ما تحصل حلاليه
فرد عليه منصور بن درباش قائلاً :
عمچ يا سليمه ما خذ النهاران
وكل واوي اليمر يركض وراء عريان
انا يا سليمه عيب ارد فشلان
ولا جيبنلچ واوي من الحبنتيه
******
فرده سوادي
اشرد يا ابو رويشد شوف لك ديره
وكل ذراع من جلدك بنص ليرا
شفت سلوم يصلخ شوفته شهيرا
احصينيه اثنين چاتفهمن بالثنيه
******
فرد عليه سلوم
أمن يا ابو رويشد جازت التجار
اخلافك كل فقير بعيشته محتار
سوادي خاب حظه ورافك الشعار
ومكحل عيونه وكاض عوچيه
******
ورد عليه منصور بن درباش ايضاً
منك يا بو رويشد راحت الحيله
اليشوفك يگول كضولي ابو جعيله
بعد عيني يا سالم چلب بذيله
يگله آ شلون اهدك بيك خرجيه
******
وقال رابع بن صغير مخاطباً سوادي
انا بشوري سوادي يذب الفاس
يگطع الصجم بيده ويلزم المگراص
اله بالواوي شطفه وفتيل وقندره والباس
وزخمه وزبون وثمن خاجيه
******
ومن الشعر الشعبي في نفس الموضوع وهو بيع جلود الحيوانات وخاصةً الثعالب فقال احدهم بعد ان شاهد احد اقاربه عارض في السوق جلد واحد من الواویه بعد ان كان هذه الحيوان يسرق طيور الرجل الموضوعه في الدكان فقال
الك روح اليواوي وتوصل الدكان
ولك روح التبوگ ا بشوش ابن شنان
ادوايه لازمه الفاس
رجلها كاض الفاعوس
تگله جلده كله آ فلوس
حس لا تسمع الجيران
الك روح الیواوی وتوصل الدكان
بينما الشاعر اسوادي معروف بفقر حاله والعوز بصورة دائمة ولكنه عزيز النفس كريم يجود لضيفه بالعطاء ومن صفاته الكرم وفي احدى المرات كان يقوم دعوة عشاء الى احد اقرباءه فأشترى طيور البش وفي الليل هجم الواوي واكل ذكر البش وهنا حزن سوادي وانشد يقول قصيدة لا تخلو من السخرية والضحك وهي نوع من الشكوى بسبب الفقر يقول :
أنهجم بيتك يواوي أشوصلك لينه
خوفت الذكر ماعن مصارينه
خوفت الذكر موعت شحم البيه
يا ملعون عضك من فخذ رجليه
نتوّله على الواوي و ياهو اليحميه
وأحنه اولاد الابيض ولك ناسينه
ناسينه يواوي لو لزمنه الفوس
وابن شنان فلش راسك أبفاعوس
ماتدري عشه أمخصص لبن حسحوس
عضتك صارت سبب هالاثرت بينه

كرّم عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، صحبة محمد القصير مدير الشؤون الثقافية في الدائرة، صباح أمس في متحف الشارقة للفنون الفائزين بجوائز الدورة السابعة من «جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي»، وفاز بالمركز الأول: يوسف الريحاني عن بحثه «فن البيداغوجيا وبيداغوجيا الفن، من الخطاب إلى التطبيق»، ، وبالمركز الثاني موسى الخميسي عن بحثه «التربية الجمالية في الفكر المعاصر»، كما كرّم العويس أيضا لجنة التحكيم المكونة من الدكتور محمد بن حمودة، وموليم العروسي، وإسماعيل الرفاعي.
اختارت الجائزة لنسختها السابعة موضوع «مناهج التربية الفنية في المدارس والمعاهد ودورها في خلق فنان تشكلي مميز في الوطن العربي»، وذلك سعيا إلى الانفتاح على الجمهور، ومن أجل أن يقدم البحث التشكيلي رؤية معاصرة للاهتمام بالنشء وإعداده جيداً في الجانب الفني في الفنون البصرية، حتى نخرج أجيالاً تتذوق الجمال وتمتلك روحاً عبقة بالفن.
وجاء في كلمة الدائرة التي ألقاها قصي بدر من لجنة الجائزة: «تحتفي الشارقة اليوم بمن وهب أفق خياله فكراً متوهجاً، في دورة جديدة ضمن سياق جائزتنا التي تمهد في حقل النقد الفني طريقاً جاداً في عالمنا العربي، فبتنا ندرك مع تتالي دوراتها أن آلية عملها في اجتذاب مبدعي الفن، والكشف عن مواهب الأجيال الجديدة، عالم الفكر والفن، والأخذ بيدهم وتشجيعهم ومتابعتهم، حقيقة تتعزز يوماً بعد يوم، وكيف لا وهي ثمرة توجيهات وفكر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي أرادها رافداً للمكتبة العربية، ونافذة للناقد العربي، وقاعدة لتألق الفكر الجمالي النقدي، ونحن في الدائرة نحاول أن نتمثل رؤاه ونضعها قيد التنفيذ بكل وسيلة».

وقال محمد بن حمودة رئيس لجنة التحكيم إن الجائزة هي الوحيدة في الوطن العربي التي تختص بالنقد التشكيلي، وهذا يجعلها نادرة من نوعها، وقد استطاعت عبر دوراتها الماضية أن تتحف المكتبة العربية ببحوث نقدية تشكيلية جادة، كان الفكر الفني والفنانون وعموم القراء بحاجة إليها، وأصبحت اليوم من أهم دوافع البحث في مجال الفنون، واستفزت عقول وأفكار الكثير لكي يبدعوا وجهات نظر جديدة تنطلق من خصوصية الممارسة الفنية العربية، وفتحت للمرة الأولى مجال البحث على الجمهور والمبدعين خارج أسوار البحث الأكاديمي.
حفل توزيع الجوائز تبعته ندوة حول «مناهج التربية الفنية في المدارس والمعاهد ودورها في خلق فنان تشكلي مميز في الوطن العربي»، اشترك فيها الفائزون الثلاثة: يوسف الريحاني، والدكتور كاظم نوير، وموسى الخميسي، وأدارها إسماعيل الرفاعي.
وتحدث الريحاني عن موضوع بحثه «فن البيداغوجيا وبيداغوجيا الفن» مؤكداً ضرورة إعادة النظر في مفهوم التربية الفنية بالوطن العربي، سواء من حيث توسيع مكوناتها لتشمل التعليم والفنون والوساطة الثقافية معاً، أو من حيث الانفتاح على أشكال الفنون البصرية الجديدة لمجاراة التحولات المتسارعة في الفنون اليوم، فلا يمكن للمعاهد والجامعات العربية اليوم أن تسهم في تخرج فنانين جدد يكون بمقدورهم اختراق سوق الفن العالمية، من دون اكتساب بيداغوجية فنية عصرية ومتجددة.
موسى الخميسي تعرض لموضوع بحثه «التربية الجمالية في الفكر المعاصر.. سراج المنهاج والخيال الوهاج»، وقال فيها إن العديد من النظريات السيكولوجية حاولت تقديم تفسيرات لشرح ظاهرة تربية الأطفال والكبار فنياً، والارتقاء بالتذوق الجمالي.
وأضاف الخميسي أن التربية الحديثة هي إعداد الإنسان للحياة ورسم السمات الشخصية للإنسان المعاصر بتنمية القيم والميول وتحويل الفرد إلى كائن يفكر ويتخيل ويتصور ويخطط ويبدع، ولهذا فإن التربية الفنية تأتي في المرتبة الأولى، وتعتبر فنون الرسم والمسرح والموسيقى والأدب والسينما والخط والعمارة، تشكيلات فنية ومعرفية بالغة الأهمية في صناعة خيال وعقل ذلك الإنسان المعاصر الذي نريد إخراجه للحياة.
الدكتور كاظم نوير تحدث عن «بين الفن والتربية»، وقال فيه إن الفنون ما هي إلا نتاج لمخاض النفس والعقل والبدن جميعاً، وإن التفاعل بين هذه الثلاثة ينتج فناً، وقدرة على الإفصاح عن المكنونات الداخلية، وإظهار القدرات الإبداعية، فضلاً عن التنمية الاجتماعية الثقافية التي ينتمي لها الفنان، والفن من الناحية النفسية يعطي الفرد الفرصة للخوض في حوار فني داخلي، ليفرز تعبيراً ظاهراً بعدة أشكال، وإن تنمية القابلية الفنية لدى الأفراد من العوامل المهمة في تطويره، ولهذا يولي التربويون أهمية قصوى للبرامج التي تعمل على تطوير الذوق الجمالي لدى الإنسان.

فازت رنا حلمي الخميسي للمره الثانيه في مصر اول مشاركه لها كانت مع الفنانين العرب التشكيليين
وفازت على الجائزه الاول والشهادة التقديريه والثانيه هي بمناسبه مرور اربعين عام على انتصارات حرب اكتوبر
ونالت ايضا على هذه الشهادة التقديريه في هذا الشهر مع وحيد البلقاسي
بالاضافه بفوزها من ممثلة المندوبه البريطانيه
ولرنا هناك اعمال فنيه اخرى وهو ابداع في عمل فن الخدع السينمائيه والمسارح
وتعتبراول فنانه مندائيه تحصل على شهاده مثل هذا العمل وسوف ينشر لاحقا
وكذلك عندها شهاده ثالثه وهي التجميل بالبشره وكيفيه العنايه بها

فمبروك الى رنا الفنانه
ولها كل الشكر والتقدير بالفعل لقد رفعت راس العراق
وخاصه المندائيين
هذه السنه ثلاث مرات
بمناسبه العيد السعيد

قرأتُ هذه القصة قبل عامين تقريباً وأعجبتني، لأهمية المضمون الذي يحتوي على ترميز فذ، فاختيار المضمون والرمز في هذه القصة يقول الكثير عن الكاتب.
الواقع أنها ليست قصة متكاملة بقدر تعلق الأمر بتقنية القصة القصيرة، إنما هي "ومضة ذاكرة"، كما يُقال، وُضِعتْ بإطارٍ فني ناجح. لذا فإنها تقول لنا أمرين: أهمية الرمز، وصدق التجربة، صدق الكاتب، لأنه ليس قاصاً.
إذاً، بغض النظر عن اللغة البسيطة، الواضحة، أو تسلسل الأحداث المعقول الذي يشير إلى مستوى رفيع في منطق الكاتب، فإن الأسلوب يُعطينا لمحة مشرقة، غير مباشرة إطلاقاً، عن وجهات النظر السياسية والطبقية التي يحملها. وهكذا يمكن الاستنتاج، بمساعدة هذه القصة الفريدة بأن اللغة ليست بنفس أهمية الأسلوب. لكن ما يتفوق على الإثنين (الأسلوب واللغة) في الأهمية، في رأيي، هو ما تطرحه القصة من المفاهيم السياسية والطبقية، حيث في هذا المثال قام الكاتب بصياغتها بدقة مذهلة بوضعها على شكل رمز كبير. هذا الرمز يستطيع القارئ بسهولة أن يدرك بأن الكاتب يعنيه ويعني أن يضعه بوضوح أمام عيني القراء، كواحدة من تجاربه، وهو يقول في نهاية القصة (وهو ما يتعلق بالجانب الايجابي في شخصية عبدالكريم قاسم): "وكنت ارقب وجوه عمال البلدية الفقراء وكأنهم يريدون تقبيل يد التمثال." فالترميز هنا يشمل التاريخ الطبقي لأهم حقبة في حياة الشعب العراقي، مثلما يشير الى الانتشار الأخير لأفكار متباينة عن رؤساء الأنظمة التي تعاقبت في حكم العراق. هذه الأفكار التي تحمل نوعين من التناقض، النوع الأول تناقض بسيط: وضع الشرير (نوري السعيد مثلاً) موضع الخيّر، أو محاولات إضفاء طابع الوطنية والاستقلال على سلوك صدام السابق واللاحق للإحتلال، والنوع الثاني معقد وهو ما يتعلق بالدرجة الرئيسية بشخصية عبدالكريم قاسم الشديدة التناقض.
ليس في القصة رمزٌ صارم، إن صح التعبير! بعبارة أخرى انها ليست قصة رمزية من البداية الى النهاية، أو ما يمكن أن يقابل الأليغورية في الرواية، أي ليس العمودُ الفقري للقصة رمزاً، لأن الرمز فيها مختصر وفي نهاية القصة؛ لكنها على العموم توحي بالافكار التالية:
أولاً – هذه القصة تقول لنا كثيراً عن الطاقات الكامنة لأناس كان من الممكن أن يكونوا كتاباً أو روائيين أو شعراء او علماء رائعين لولا الظروف الاجتماعية او الاقتصادية أو السياسية لبلادهم والتي منعتهم من أن يكونوا كذلك. الخسارة واضحة. هذا الكاتب لم يصبح قاصاً معروفاً، للأسف الشديد، ليس فقط لأنه مضى في تخصص جامعي مختلف حيث تبع ذلك تجنيدُه القسري حسب القوانين العسكرية السائدة في العراق، وهذا ما يقوله في بداية القصة، وإنما أيضاً يبدو أن نوع الحياة السياسية والاجتماعية قد منعه من تحقيق بعض أو كثير من أهدافه بقدر تعلق الأمر بالطموح لتحقيق بعض المنجزات الفكرية. إن ادراكنا لأصالة اختيار هذا النوع من الرمز وهذا الأسلوب الأدبي genre هو إدراكٌ لحجم الخسارة التي تتضح في أهدافٍ فنية نستطيع رؤيتها من خلال قراءتنا للقصة والتي لم تتحقق رغم أنه كان من الممكن للقاص أن يحققها في ظروف مغايرة.
ثانياً – الرمز في القصة القصيرة، عموماً، هو اهم مكوّن فيها، بل هو أهم مكوّن قصصي بشكل عام.
ماذا أعني بهذا؟
أعني به الفرق في ما يمكن ان يتحمله من رمزٍ كلّ ٌمن القصة القصيرة أو الرواية (بأنواعها)، فالرمز في هذه القصة مثلاً جاء طبيعياً، لذا صار مفهوماً على التو، متيناً ومعقولاً لأنه صادق، ففي الأليغورية allegory يتسم الرمز بالعرض المفرط الذي يكاد يحتل جميع مساحة الرواية وهو في بعض الروايات (أو المسرحيات) رائع، يدخل رويداً وبتؤدة إلى لاوعي المتلقـّي لكن بدون تكلف وبلا تنازل من الكاتب، حتى ليبدو أن الكاتب لم يكن يعني أيَّ ترميز إطلاقاً: ذلك هو شأن الكاتب العراقي رفيع المستوى عادل كاظم، ففي "الذئب وعيون المدينة" مثلاً، قادر بك هو الدولة أو النظام القديم؛ رجب هو موظفو الدولة: آني رجب، باجر (أو "بكره" أي غداً، تعال غداً، وهي العبارة الأثيرة لموظفي الدولة العراقية والمتوارثة من زمن العثمانيين)؛ أفراح هي الجيل الجديد ..إلخ من التفاصيل في الأسماء مثلما في نوع الشخصيات والأحداث.
(هناك مزيد من الآراء في الأليغورية في الهامش أدناه بعد قصة طارق حياوي المباركي)
ما يقابل هذا في الرواية المصرية هو رواية "أولاد حارتنا" للروائي الكبير نجيب محفوظ، التي هي، للأسف، تحتوي على فصول تبعث على الملل الذي يمكن أن يُعزى في اعتقادي إلى الوضوح المفرط في الرمز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"صفعة عبد الكريم قاسم القاضية" قصة طارق حياوي المباركي المنشورة في بعض المواقع الخاصة

في بداية سنة 1970 وتنفيذا لقرار من الجهات المختصة تقرر ان نخدم كجنود لمدة سنة واحدة وبعد فترة التدريب تم تنسيبنا الى مديرية المتحف الحربي في الباب المعظم والتي كانت محكمة الشعب ابان ثورة تموز وكانت قبل ذلك البلاط الملكي في العهد الملكي .
وخلال عملنا انا وزميل لي خريج نفس الدورة جاء كتاب من المراجع العليا يقضي بجلب تمثال الزعيم عبد الكريم قاسم ونصبه في حديقة المتحف العسكري وقام المدير بتنسيبي وزميلي مع سائق وسيارة امريكية قديمة جدا من نوع ريو لانجاز هذه المهمة وتم تزويدنا بجادر كبير لتغطية التمثال خلال نقله كي لايراه الناس وسافرنا الى المقداديه او شهربان وعند الاستفسار عن موقع هذا التمثال قيل لنا انه مدفون في بلدية المقداديه وذهبنا لنجد ان التمثال تعلوه اطنان من الانقاض والازبال وتمت الاستعانة برافعة لاخراجه.

كان التمثال من البرونز، مجوف يتكون من قطعتين القطعة الاولى من الحزام حتى الراس والقطعة الثانية من الحزام حتى القدمين وبالملابس العسكرية الانيقة وهو ثقيل جدا ويزن كم طن لا اتذكر على وجه الدقة. بعد اخراج التمثال استعنا بسيارة اطفاء لغسله تماما من العوالق والاوساخ وهكذا خرج الى النور مرة اخرى وقمنا بتنظيفه تماما وبدات المرحلة الثانية وهي رفعه على ظهر السيارة اللوري وكان هناك احد موظفي البلدية باللباس العسكري ويضع جنبه مسدس كبير وكان يصرخ هنا وهناك ويكيل الشتائم والسباب للتمثال ويمشي مزهوا منفوخا منفوش الريش وبين الحين والحين يبصق على التمثال ليثبت لنا وللاخرين مدى وطنيته وتم رفع النصف الاول من التمثال ليستقر في وسط السياره ولكن لوجود الكثير من الخشب كان التمثال غير مستقر ويحتاج الى ان يرفع قليلا وتزاح من تحته الخشبه كي يتوازن.
ونحن بصدد انجاز العمل واذا بصاحبنا الغيور يقفز على ظهر السيارة ونحن نتابع حركاته البهلوانية وما كان منه الا ان بصق على التمثال وضرب جبين التمثال براحة يده وهنا اختل توازن التمثال ليسقط الى الخلف وبذلك ارتفعت يده اليسرى لتضرب هذا البهلوان ضربة قاضية رمته ركاما خارج السياره وقد تكسرت اسنانه وتشوه وجهه وبقي نائما حتى نقلته سيارة الاسعاف وكنت ارقب وجوه عمال البلدية الفقراء وكانهم يريدون تقبيل يد التمثال.
واخيرا نقلنا التمثال لنضعه في حديقه المتحف العسكري.
كان من عمل الفنان خالد الرحال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش
أولاً
الرمز: واحد من أهم الأبعاد التي يمكن أن يمنحها الكاتب لقصته، لذا فإن من أنجح روايات نجيب محفوظ هي "اللص والكلاب" التي قرأتـُها مرة واحدة عام 63، في رأيي المتواضع تكاد تكون أكثر نجاحاً من "أولاد حارتنا" ذات الأليغورية الصارخة، المملة.
في الرابط التالي مثال واحد عما يُنشر حول الرمز في القصة القصيرة العربية
http://www.nashiri.net/component/content/article/1657.html
ثم موضوعان بالإنجليزية
1
في الرمز
http://www.ehow.com/how_2095782_understand-symbolism-literature.html
2
Allegory في الأليغورية
http://en.wikipedia.org/wiki/Allegory

ثانياً
يعطي منير البعلبكي allegory المعاني التالية:
مجاز، إستعارة، قصة رمزية

ثالثاً
الفقرة التالية تشكل إساءة الى فكر همنكَوَي، لذا ينبغي الحذر عند قراءة تحليلات كهذا.
:The Old Man and the Sea has often been read as a Christian allegory
.The battle between man and fish lasts for three days
.Hemingway filled the lines of his novella with crucifixion imagery
لماذا أعتبرها إساءة؟
لأن الأليغورية في هذه الرواية القصيرة ينبغي أن يُنظر إليها باعتبارها شاملة وليس فقط لمجرد إحتوائها على رموز هنا وهناك. فقياس الأليغورية في رايي هو الشمول، مثلاً: لنتساءل هل يمكن للقارب أن يكون الأرض والشيخ هو الإنسانية والصبي الذي لم يصاحب الشيخ ذلك اليوم كعادته هو الأجيال الجديدة الاتي تبتعد عنا، لذا يكون البحر هو الكون، والسمكة هي العمل (أو عنصر الخير) والأقراش هم الطبقات الاقتصادية العليا من كبار "رجال الأعمال" او الشركات الكبرى في الراسمالية..إلخ مع بعض الإحتمالات لتفسيرات ورموز أخرى، هل يمكن كل هذا؟ طبعاً يمكن، لأننا لا يمكن أن يدور في خلدنا أن نغتال هذا الروائي العظيم مرتين: الأولى بقتله برصاصة في فمه، والثانية إغتيال أعماله، بل خيرة أعماله (الشيخ والبحر) بالادعاء بأن الأليغورية فيه هي ذات طابع ديني، لأن هذا الادعاء غير طبيعي بل يشكل نوعاً من التجني أو الجريمة الأدبية على اعلى المستويات.

من الطريف أن أذكر أني كنتُ أقدم تحليلاً مشابهاً بالإنجليزية لطلابي (في الرابع الاعدادي) في العراق أواسط َالسبعينات وكانوا يتلقون كل عبارة بشغف وتفهم كبيرين. لقد كانوا جيلاً رائعاً، لكن كثيرين منهم للأسف الشديد قـُتلوا في الحروب العَبَثية!
أرى من الضروري أن أضيف أن الرمز، من أجل أن يستقر باطمئنان (دون افتعال) في نفس القارئ، ينبغي أن يستند إلى كثير من الواقع، أو من التجربة الشخصية، وهذا ما فعله طارق حياوي المباركي في القصة القصيرة التي اخترتها هنا.

الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2013 04:06

الفنانة اشراق عريبي افتتان لوني بالاشياء

الفنانة اشراق، هي فنانة ديكور عذب ورائع تلحن في اعمالها تيارات كثيرة تمارس في الفن الحديث، لتبحث من خلالها عن سطوحها الفنية الزخرفية كنماذج واضحة بالوان اصطلاحية براقة، تضيء بها عتمة الارواح، من خلال اتساعها وخروجها عن وحدة اللون الاحادي، فتكثر في اعمالها التمايزات اللونية بين السطوح الخلفية والامامية، بتقنيات مقتدرة، اعتمدت على تداخل الاشكال الاساسية الخطية والتضادات اللونية كالاسود والابيض، والبني والرمادي، والازرق والاحمر.. الخ مع بعض الصبغ اللونية الحارة كالبرتقالي، او الباردة كالازرق والاخضر.


لوحاتها التي تمثل موضوعات شعبية ، تضمنت العديد من الرموز والتعاويذ العراقية القديمة هي عبارة عن موضوع يمكن النظر اليه من زوايا مختلفة على مساحات ذات بعدين، اعتمدت فيه الفنانة على دمج الشكل والمدى التشكيلي بمزيد من تكرار السطوح الداخلية داخل وحدة العمل، وبالاضاءة الاصطلاحية للمظاهر المميزة للبنية الهندسية. فاللوحة عندها تحتفظ حتى بعد تفكيكها الى مقسمات او سطوح صغيرة، تظل محتفظة بعناصرها الاساسية التي تتيح لنا امكانية التعرف اليها.
منذ بدايات عملها الفني في اواسط السبعينات من القرن الماضي، وحتى اخر تجاربها وهي تعيش في احدى بلدان الاغتراب، تنطلق من رغبة لا تظاهر فيها تهدف الى رفع الحواجز بين الواقع المادي والواقع الذاتي، من خلال اكتشاف اللاوعي الشعبي الغني بامكانيات غير محدودة،نفذتها بمزيج من المبادىء التكعيبية حينا والسيزانية حينا اخر برؤية تحتفظ بخصوصيتها كامرأة عراقية اولا وكفنانة حريصة على امتلاك مساراتها الاسلوبية الخاصة بها ، وببراعة فنية تفسر على الدوام تمسكها بالاشياء التي تحيطها ولم تفقد صلتها بكل الظواهر التي عاشتها منذ زمن الطفولة وحتى مراحل النضج الحالية معرفيا ومهنيا.


تتمثل مقدرتها على الجمع بين التأليف المستمد من الطبيعة والبنية المستقلة للاشياء، لتصوغ اشكالها بدقة ووضوح، وبتجريدية في بنية اللوحة وتنظيمها هندسيا، بقدرة آخاذة في مس القلوب، من اجل ان تساهم في تحقيق كشفا لجمال وانسانية افكارها، لتنطلق من الخاص الى العام بواسطة الفعل التجريدي، للوصول الى الحدث الحقيقي. فنها تركيبي، استدلالي، واحيانا ايهامي، وبات لا يرتبط بظواهر الاشياء بقدر ما يرتبط بعالم الافكار والمعتقدات وادوات السحر، والتعاويذ الشعبية المستمدة من فلكلور بلادنا وتراث تاريخنا وطننا ، على الرغم من علاقة كل هذه الاشياء بطبيعة معتقداتنا وافكارنا وممارساتنا التي تشكل خزائن في افكارنا وقناعاتنا الحالية.


 

اكملت الفنانة دراستها الفنية في معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1970
حصلت على شهادة البكالوريوس من اكاديمية الفنون ببغداد عام 1974
حصلت على شهادة في التصميم من معهد زويرخ في سويسرا عام 1976
اقامت عدد من المعارض الشخصية في كل من بغداد والكويت ومدريد وكندا
كما شاركت بعشرات المعارض الفنية في عدد من دول العالم
مارست تدريس مادة الرسم في بغداد والكويت ومدريد وتورنتو بكندا

الصفحة 1 من 2