• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 27 نيسان/أبريل 2014

(العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق ) قانون اقتصادي

  توما زكي زهرون
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

                                             

إنَّ أحد سِمات المجموعات الأثنيّة او الدينيّة المنغلقة هي إنزواء مثقفيها عن ساحة العمل في مؤوسساتها المتنوعة ، وبالنتيجة تقودنا هذه الظاهرة إلى إبتعاد هؤلاء عن ساحة الصراع والجدل الفكري الذي هو ضرورة موضوعيّة لكلِّ مجتمع يُريد أن ينمو وينهض ويتماشي مع تطور ايقاع الحياة ويواكب متغيراتها المتسارعة.                                                                                                                                                              

إنزواء المثقف عن ساحة النضال  له أسبابه ومبرراته ، وهو يتم إما بشكل قسري ؛ بفعل التهديد أوخوفاً من التصفية الجسديّة كما في الأنظمة الشمولية او يتم بسبب  قناعة المثقف ورغبته المتأتية من اليأس والجزع الذي يصيبه منة جراء استحالة او صعوبة التغيير والأرتقاء بالواقع الأجتماعي  للمجموعة التي ينتمي اليها نحو المستوى الأفضل ، اوالأنزواء  وهذا هو السائد في الساحة المندائية الآن ، بسبب حرف الصراع والجدل الفكري عند قصد ودراية  تامة وتحويله الى صراع شخصي بحت تمهيداً لحل الخلاف بطريقة  (بوس اللحى) العشائريّة ومن يلجأ الى هذا الحل من حيث يدري أو لا يدري يرمي  طوق النجاة وحبل الأنقاذ ؛ لتخليص من يفتقد الى الحجة والبرهان في إثبات وجهة نظره في القضيّة من عنق الزجاجة التي وضع نفسه بها بملء رغبته وإرادته ، اذ في هذه الحالة وفي أحسن الأحوال سيكون محظوظاً من يُثير جدلاً فكريّاً حول قضية دينيّة أو إجتماعيّة أو فكريّة أو يُشير إلى قضيّة من قضايا الساعة الدائرة الساخنة في الساحة المندائية ، ويخرج منها سالماً مُعافى من مرمى رميه بسيل من عبارات القذف والسب والشتم وتشويه السمعة  ،ولكنه إن سلم من الأولى فسوف لن ينجو من التهمة الجاهزة الثانية التي هي بانتظاره باتهامه بالكفر والألحاد وتخريب الدين ومحاولة سيطرة المدنيين والعلمانيين عليه تمهيداً لسحب البساط من تحت أقدام رجال الدين .                                                                                        

تلك الظاهرة  السلبية  شاعت مع بداية الألفيّة الثالثة ؛ بفعل تطور تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وانتشار ظاهرة مواقع التواصل الأجتماعي والتي اُسيء إستخدامها مؤخراً بشكلٍ لافتٍ للنظر في مواقعنا المندائية ،  وسببها  من وجهة نظري  يعود إلى إننا نتاج الثقافة الشمولية التي عشنا في كنفها لعقود طويلة من الزمن التي بدورها اضعفت لدينا دور الرقيب الذاتي وهي بنفس الوقت رسخت ورغماً عنّا ثقافة عدم الإعتراف بالآخر ، وأضعفت لدينا قيمة الألتزام باداب الحوار الضروري لأنجاح اي جدل فكري  .                                                                                                                                     

فالملاحظ إذن :إن شيوع ظاهرة سيادة لغة التطرف على اللغة العقلانية المعتدلة  في مواقع التواصل الأجتماعي سبب خسارةً كبيرةً لا تعوّض للتجمعات المندائية في كل بقعة من بقاع الأرض التي هي الآن بأمسِّ الحاجة أكثر من أيِّ وقتٍ مضى الى الجدل الفكري الحيوي لخلق الوعي لدى الأغلبية الصامتة للعامة من الذين اختلطت عليهم الأوراق باسباب أزمتنا الفعليّة .

الجدل الفكري ليس ترفاً كما يحلو للبعض ان يسميه ، بل هو ضرورة حتميّة لامناص منه في عملية النهوض والأرتقاء نحو الأفضل لأي مجموعة

كما أنَّ خلق الوعي لدى عامة المندائيين يجلعهم على المحك في تحملهم المسؤوليّة الجماعيّة إتجاه قضاياهم ،  وعندها سوف يتلمسون بأيديهم الطريق الوعر والصعب لتأسيس وتجذير هويتهم  الدينية والأجتماعية في مجتمعات الغربة التي هي باعتقادي سبيلهم الوحيد في مقاومة وتيرة الذوبان المتسارعة والمتصاعدة ، وبالتالي يكونون هم السند القوي والمدافع بوعي  بوجه شخصنة القضايا المصيرية التي ستُلحق ضرراً بمصير ومستقبل الديانة المندائية في المهجر .

تأسيساً على ما جرى ذكره ، وتلازماً مع إتساع حجم التحديّات ، وبنفس الوقت تصاعد حدة ووتيرة الخلافات في الساحة المندائية عمودياً واُفقيّـاً بشكلٍ يُنذر بالتشضي والأنقسامِ دينيّـاً واجتماعيّـاً ؛لذا  أعتقد سيكون من الضرورة بمكان ، أن يُعيدَ النظر كلُّ من وضع قلمه جانباً ، وارتضى لنفسه الإنزواء عن ميدان الصراع الفكري الذي هو صفحة من صفحات النضال وبكل ما تعنيه الكلمة من معنى من إجل تثبيت أركان الديانة المندائية وديمومتها  وبقائها في بلدان تطحن وتهرس كل الثقافات المهاجرة إذا لم تتلمس المجموعة الأثنية او الدينية  المهاجرة دربَها الصحيح في مواجهة ماكنة الذوبان العملاقة ، إنها دعوة مخلصة الى كل من فضل الأنسحاب من مواقع النضال الفكري  للعودة الى الكتابة ثانية وبنفس الهمّة والمسؤوليّـة، وبعكسه سيصيب مواقعنا المندائية الرتابة والخمول والكسل الفكري ؛ فتتحول من ميدان للصراع الفكري الى ميدان لتبادل برقيات التعازي والتهنئة بالأفراح وفي ذلك خسارة لا تعوّض ستظهر نتائجها السلبيّة على تجمعاتنا في بلدان المهجر على المدى البعيد  .                                                                                                                                                        

 

 

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014