• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 05 تموز/يوليو 2020

نهر الأردن

  تحســـين مكلف
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

نهر الأردن Jordan River هو أحد الأنهار التي ورد ذكرها كثيرا في كتب التأريخ والكتب المقدسة بسبب اهميته كمصدر للثروة المائية ودوره الحيوي في الحياة الروحية والأجتماعية لشعوب بلاد الشام وشعوب وادي الأردن وفلسطين على وجه الخصوص، وله مكانة جليلة في قلوبهم وضمائرهم فمنحوه اهتماما واحتراما كبيرين، كما منحوا جانبا من اهتمامهم الى الروافد العديدة التي تصب فيه لأستقرارهم على ضفافها واعتمادهم على مياهها في حياتهم الزراعية والمعيشية. ولهذا النهر قدسية ومكانة خاصة ايضا بالنسبة للعالم المسيحي، ففيه نال السيد المسيح معموديته على يدي يوحنا المعمدان مطلع القرن الأول الميلادي. ونهر الأردن مهم أيضا بالنسبة للصابئة المندائيين اتباع يوحنا المعمدان الذي فضّل الأقامة عند هذا النهر ومارس في مياهه معظم معمودياته وطقوسه الدينية، ومنه انطلقت رسالته ودعوته للبر والتوبة. لهذا اكتسب النهر مكانة رفيعة في قلوب المسيحيين والصابئة لا تضاهيها منزلة بين الأنهار الأخرى واضفت تلك الأحداث عليه قدسية ومكانة روحية مضافة ومنحته منزلة رمزية كبرى منذ ذلك التأريخ حتى يومنا هذا. ونوال المعمودية في مياه نهر الأردن يعتبر بركة كبيرة في ضمائر المسيحيين، فتَحجّ اليه لهذه الغرض جموع غفيرة من المؤمنين من كل بقاع الأرض. ونهر الأردن اليوم يعتبر حدودا طبيعية فاصلة بين الأراضي الفلسطينية والأردنية.

يبلغ طول نهر الأردن حوالي 360 كيلومترا (اذا ماتم حساب تعرجاته الكثيرة) اما طول سهله فيبلغ حوالي 251 كيلومترا، وهو اخفض نهر في العالم (تحت مستوى سطح البحر) لكونه يجري في منطقة غور الأردن المعروفة بكونها اعمق بقعة مأهولة على سطح الكوكب. ينبع نهر الأردن من (جبل حرمون) الواقع بين سوريا ولبنان ويصب في بحيرة طبرية Tiberias في الشمال وفي البحر الميت في الجنوب، ويتكون من التقاء ثلاثة روافد هي (بانياس) القادم من الأراضي السورية و (اللدان) القادم من شمال الأراضي الفلسطينية و (الحاصباني) الذي يجري من الأراضي اللبنانية وهو اطول تلك الروافد (حوالي 65 كيلومتر). هذه الروافد الثلاثة تصب في حوض نهر الأردن في الجزء الذي يجري شمالي بحيرة طبرية والذي يطلق عليه الجغرافيون تسمية (نهر الأردن العلوي) ثم ينحدر جنوبا نحو طبرية فيصب مياهه فيها. اما الجزء الذي يسمى (نهر الأردن السفلي) فهو الممتد من بحيرة طبرية نزولا حتى البحر الميت، وتصب في هذا الجزء ثلاثة أنهار او روافد هي )اليرموك( الذي ينبع من الأراضي السورية، ونهر الزرقاء (يسمى – يبوق - في التوراة) ، كذلك تغذيه المياه المنحدرة من وادي كفرنجة (وادي عجلون)، إضافة الى مياه (عين جالوت) التي تصب فيه وهي عين مياه كبيرة متدفقة تقع في الأراضي الفلسطينية قرب منطقة او (وادي بيسان) عند نهر الأردن .

يتميز نهر الأردن بتعرجاته الكبيرة والكثيرة بشكل لانجد له مثيلا في الأنهار الأخرى، لكن مياهه رغم ذلك تنساب في جريانها بسرعة وسهولة كبيرة بسبب انخفاضه عن مستوى سطح البحر انخفاضا كبيرا، لكونه واقع في منطقة منخفضة كما ورد ذكره اعلاه. يبلغ اجمالي عدد السكان القاطنين حول حوض او سهل نهر الأردن الذي يمر في أراضي سوريا ولبنان وفلسطين وإسرائيل والأردن، حوالي سبعة ملايين نسمة (عام 2005)، وتتوزع مساحة الحوض على تلك البلدان بنسب متفاوتة وكالتالي: سوريا %37 ، لبنان %4 ، فلسطين %9 ، إسرائيل %10 ، الأردن %40 . وبطبيعة الحال يستفيد السكان القاطنون حول هذا الحوض من مياه النهر وروافده وجداوله في حياتهم اليومية وفي ري أراضيهم الزراعية، لهذا يعتبر من اهم مصادر المياه الدائمة لديهم ولايمكن لحياتهم الطبيعية او الزراعية الأستمرار من دونه.

ان طبيعة مياه نهر الأردن تتغير من فصل الى آخر تبعا لكمية الأمطار الساقطة او كمية السيول النازلة الى النهر من المرتفعات المحيطة، ففي مواسم معينة تكون مياه النهر صافية نقية وفي مواسم أخرى يتغير لونها وتتحول الى اللون البني بسبب الطمى والتربة الحمراء المنجرفة الى النهر مع السيول النازلة والتي تختلط بمياهه. هذا الأمر ربما كان السبب الذي دفع يوحنا المعمدان الى تفضيل استخدام مياه العيون في بعض المواسم من خلال تحويل مجراها الى السواقي المرتبطة بالنهر، أي استخدام المياه الناتجة من مزيج مياه النهر مع مياه الينابيع. يقل منسوب نهر الأردن في مواسم الصيف وتزداد ملوحة مياهه عند اقترابه من البحر الميت الشديد الملوحة حيث يصب فيه. يبلغ عرض النهر (المياه وليس الأكتاف) في موقع المغطس (الذي كان يقيم فيه يوحنا المعمدان وفيه أجريت معمودية المسيح) في الوقت الحاضر حوالي 29 قدما (9 متر)، ولايغطي اسفل الضفة الأخرى التي ترتفع عن مستوى المياه بحوالي 10 اقدام، سوى الأحراش المتنوعة التي تزداد كثافتها وتقل من مكان لآخر. ونهر الأردن عموما ليس من الأنهار العريضة اذ لايزيد معدل عرض اكتافه عن 16 متر.

اما بالنسبة الى سبب اطلاق تسمية (الأردن) على هذا النهر ومعنى الكلمة في اللغات المختلفة، فقد اختلفت الآراء حولها وتعددت، فبعض الباحثين يرى ان كلمة (يردن Jordan) يونانية مأخوذة من اصل لاتيني، وتعني الماء النازل او السريع الجريان، وسمي النهر بهذا الأسم لكون مياهه متدفقة دائمة الجريان طيلة أيام السنة. اما الباحث كمال الصليبي فيذكر ان كلمة (اردن) المتداولة مشتقة من المصدر (يرد) الذي يعني انحدر، هبط "من ناحية علم أصول الكلمات، ان يردن التوراتية هي اسم مشتق من المصدر يرد، الذي يعني (إنحدرَ، هبطَ ، سقطَ). ومن الجذور التي تقابل يرد بالعربية (ردى) بمعنى (سقط، تهورَ من جبل عالٍ)." وفي اللغة العبرية يُطلق على النهر تسمية (ياردن) وتعني ينحدر او يتدفق. وفي اللغة المندائية الآرامية ترد كلمة (يردنا) مشتقة من الجذر اللغوي (ردى) بمعنى سالَ او جَرى، ومجازا يكون معنى الكلمة هو الماء الجاري، أي المتدفق، وهو عكس الساكن.

 

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014