• Default
  • Title
  • Date
الجمعة, 19 كانون1/ديسمبر 2014

الصابئة المندائيين شعلة سومرية أزلية بإمتياز

  مهدي المالكي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

ما من أحد يطّلع ولو بشكل بسيط على الحضارة السومرية ولم يُصبهُ هوَسا يكاد يكون مزمنا بالتفكير بأن ينتمي لأولئك الناس الذين عاشوا في حدود "قارورة الحضارة" لتي رسمها السيدان دجلة والفرات منبطحة لتكون فوهتها عند بابل- الحلة ومرتكزة على قاعدتها في البصرة. حتى أن المفكر المرحوم "علي الوردي" تطرق لها في وصفه لحركة القبائل العربية التي تتوطن العراق من جزيرة شمال الغرب في سامراء تبقى على طبيعتها البدوية إذا واصلت توطّنها هناك، لكنها تتحول إلى شيء آخر مجرد أن تواصل سيرها بإتجاه البصرة؟ وتطرّقَ أيضا إلى حوض لفرات الأوسط والجنوب وشبهه بـ "بودقة صهر" تدخل فيها القبائل العربية مجرد أن تنزل جنوب بغداد لتتحول إلى قبائل عراقية؟ ما أروع العراق!!
الغريب أن الإطلاع على حضارة سومر يمتلك بعدا إنسانيا غير محدود وغير متوقّع. ففي قراءة مذكرات منقبي الآثار الذين عملوا في العراق تجد أن صاحب هذه المذكرات يحمل حِسا عراقيا وبالتحديد "جنوبا" يحن للمشحوف وسمك الهور والخريّط واللحن الحزين. ففي السويد مثلا نجد منقب الآثار "تورة سيتّرهولم" يعتبر أن حضارة سومر هي منع للمعرفة الإنسانية، وهي مصدر أصلي للقوانين الوضعية، وهي ايضا الأصل للديانات اليهودية والمسيحية وحتى الإسلام؟ وعندما ترجمت له كتاب "رحلة إلى أصلنا" إلى اللغة العربية شعرت بالإنتماء أو بالقرابة إليه! كان هذا المفكر السويدي- السومري الأصل يتفنن في عرضه للعالم بأن الناس الموجودون حاليا في الجبايش والفهود وهور الحمار بكل ماتعكسه اليوم بيئتهم يعيشون حياتا " سومرية"! وكثيرا ما يستخدم عبارة "هذه سرّها في أرض سومر" عندما يعجز عن تفسير ظاهرة معينة؟ وسأستعير من قريبي الإنسان- تورة سيتّرهولم هذه العبارة في موضوعي أعلاه.

الصابئة المندائيون عراقيون أصلاء. هم أهل أرض ساحرة تحكي قصة الحياة " وخلقنا من الماء كل شيء حي". هم أهل سِلم ومعرفة وفطنة وذكاء وطيبة. هم موحدون دينيا، ويعبدون كل إله يحرس ويحرص على العراق! هم الأوائل في الحركة اليسارية لفهمهم أن موجة الشيوعية ممكن أن توحّد مكونات العراق! لم يتدنّسوا بالبعث إلا القليلون. أحبوا قضية الحسين وتفاعلوا معها بصدق عندما فهموا أنها وشيجة إرتباط بالأرض وبمكارم الأخلاق والتضحية . عشنا معهم وتتلمذنا على يد انبل المعلمين في طفولتنا، وأقدر الأساتذة الجامعيين. عشنا معهم في الغربة ولعمري لم أرَ رابطة عراقية ترقى لرابطة الصابئة المندائيين في طرح ومناقشة هموم العراق والعراقيين.

هم قبل زمرة مسعود البرزاني وبقية الأكراد في ساحات السياسة النظيفة، هم قبل عمار الحكيم ورهطه المنافق، هم قبل حزب الدعوة وبقية أشكال الإسلام السياسي المراهق، هم قبل هذا وذاك ممن يريد أن يحوّل العراق بؤر ومواخير للسمسرة والرذيلة والأنبطاح لعكل الخليج وتركيا.
ورغم هذا وذاك لكننا لانجد لهذه الطائفة العراقية الأصل والتوجّه أي تمثيل سياسي في عالم الديمقراطية الذي نزل غضبا إلهيا على العراق. ورغم تعدادهم المبارك في العراق لا نجد لهم ممثلا سياسيا ولا حتى نائبا في البرلمان أو في مجالس محافطات الوسط والجنوب. أليس هذا لُغزا من الألغاز التي يجبرنا أن نعتقد أن " سرّه في الطينة السومرية" ؟
لكن
هل يمكن لأحد أن يُطفيء شعلة الشعيبة أو الرميلة أو شعلة كركوك؟
كذلك سيبقى المندائيون العراقيون شعلة سومرية أزلية بإمتياز

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014