• Default
  • Title
  • Date
السبت, 13 آب/أغسطس 2016

سيمفونية شوبرت الناقصة

  ثائر صالح

نجد في تاريخ الموسيقى عدداً من الأعمال التي لم يكملها مؤلفوها. والسبب هو الوفاة في الحالة الأعم، مع استثناءات بالطبع. السيمفونية الثامنة لفرانس شوبرت (1797 – 1828) بين هذه الاستثناءات. فقد بدأ بتأليفها سنة 1822، لكنه لم يكتب منها سوى الحركتين الأولى والثانية، وترك الحركة الثالثة بصيغة مخطط أولي للبيانو مع صفحتين فقط وزعت للاوركسترا، في حين لا نملك أدلة على وجود أي تخطيط للحركة الرابعة. لا يعرف المؤرخون سبباً مباشراً دفع شوبرت إلى التوقف عن كتابة هذا العمل الرائع، بل تتناقل الدراسات بعض التخمينات لا غير. وهناك ارتباك في ترقيم الكثير من أعمال شوبرت. إذ يعدها البعض السيمفونية السابعة، بينما تعرف في الولايات المتحدة مثلا بالثامنة.
هذه السيمفونية – رغم شكلها الكلاسيكي – تحمل في ثناياها مزايا العصر التالي، الرومانتيكي، من جهة تعبيرية ألحانها وطبيعة التآلف الصوتي فيها واستعمال التلوين الموسيقي الاوركسترالي (في الانتقال التعبيري وليس المقصود هنا استعمال النغمات الملوِّنة للسلم الموسيقي). فهو ينتقل من جوٍ داكن مظلم إلى جو مشرق برّاق أو بالعكس بشكل لافت. لهذا يصفها البعض بأنها أول سيمفونية رومانتيكية.
لم يحظ شوبرت بالشهرة في حياته، فقد عاش وأبدع في فترة تربع بيتهوفن على عرش الموسيقى دون منازع في فيينا. كما لم يحصل على عمل يدر عليه مورداً يكفل له حياة مناسبة، ولم يحصل سوى على مكافآت هزيلة لقاء طبع القليل من أعماله. لذلك اعتمد على مساعدات الأصدقاء عموماً. لكن هؤلاء الأصدقاء كانوا بالذات جمهوره الحقيقي، فأغلب أعماله كانت من صنف موسيقى الحجرة، أعمال للبيانو، وأغاني تربو على 600 اغنية، رباعيات وترية، ثلاثيات وخماسيات كلها من أجود الأعمال الموسيقية وأثراها من ناحية الابتكار اللحني. لذلك يعد شوبرت من أحيا فن الاغنية الفنية (المكتوبة لتلحين نصوص متميزة لشعراء كبار)، وأطلقه ليكون أحد الأشكال الموسيقية الهامة على مدى القرن التاسع عشر، رغم الأغاني الجميلة التي كتبها قبله آخرون، مثل هايدن. إذ كانت له القدرة على نقل أجواء القصيدة إلى الموسيقى والتعبير عنها بالنوطات، وكان يكثف القصيدة وأحداثها في بضع دقائق موسيقية لكنها غنية بالمشاعر والتعبير. ولديه مجاميع من الأغاني تعد قمة في هذا الفن مثل "رحلة شتوية" و"الطحانة الجميلة".


×××××××××××××××××××××××××


فرقة بودابست الاحتفالية بقيادة إيفان فيشر

https://www.youtube.com/watch?v=wtGOYQkZEuI

 

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد