طويلٌ هو الدربُ صوبَ العراق
وصعبٌ على الأرجلِ الحافية
أحاطَ بهِ الموتُ والعاصفاتُ
فضاعتْ معالمُهُ الهادية
وجَمَّدَ أعراقَهُ الزمهريرُ
وعاثتْ بهِ الصرصرُ العاتية
وعششًَ في بابهِ العنكبوتُ
وأُغرِقَ في الظلمةِ الداجية
وطوقٌ النجاةِ بعيدُ المنالِ
وأضواءُ مرفئِنا خابية
****
طويلٌ هو الدربُ لكنَّني
تمزقُني الغربةُ القاسية
سأمشيهِ رغمَ جراحِ السنينِ
وبالرغمِ من قلةِ العافية
سأمشيهِ زحفاً على الركبتين
إذا عجزتْ ساقيَ الواهية
سأمشيهِ نعشاً قليلَ الوداعِ
وأغفو بتربتهِ الغالية
****
سلامٌ على كلِ ما في العراق
على النهرِ والسهلِ والرابية
على النخلِ أحنى شموخَ الرؤوس
فكلٌ على حالها باكية
وماتتْ فسائلُهُ الواعداتُ
وجارتْ فؤوسٌ على الدالية
لأنَّ العناقيدَ تُغري الطيورَ
تغني , وأصواتُها نابية !!!
****
أبغدادُ هل سكتتْ شهرزادُ
ونامَ المؤلفُ والراوية ؟
وهل نَضَبَ الزيتُ من كهرمان
ففَّرَ اللصوصُ من الحاوية ؟
وصاروا جراداً وعاثوا فساداً
وجرّوا البلادَ الى الهاوية ؟
****
ونهراهُ..هل بقيَ الرافدانِ
حبيبينِ في أُلفةٍ دافية ؟
اذا غاضَ دجلةُ , فاضَ الفراتُ
وأترعَ شطآنَهُ الخالية
وإن جفَّ ماءُ الفراتِ العظيمِ
وصاحتْ بساتينُهُ صادية
سعى دجلةُ الخيرِ للضامئينَ
وفجرَها أعيناً صافية
****
سلامٌ على النصبِ , دربِ النضالِ-1
وما فيهِ من مُثلٍ سامية
فليتَكَ تسألَهُ يا سليمُ -2
ألمَّايزلْ قمةً عالية ؟
أمازالَ ذاكَ الحصانُ الجموحُ
يهزُّ السلاطينَ والحاشية ؟
ومازالَ يكسرُ بابَ السجونِ
يطلقُ أحرارَها ثانية ؟
أم انقلبتْ مفرداتُ النضالِ
وضاعتْ دلالاتُها الوافية
وصارَ النواحُ نشيدَ الجموعِ
ولطمُ الصدورُ هو القافية
وعُدنا لأيامِ وأدِ البناتِ
وعصرِ الخليفةِ والجارية
****
سلامٌ على المُتحفِ المستباحِ
يندبُ آثارَهُ الغالية
لقد نهبوا كلَ مجدِ العراقِ
وتأريخَ أجيالهِ الواعية
هنا وُلِدَ الحرفُ حيثُ الشعوبُ
تغطُُُّ بعتمتِها غافية
هنا أرضُ سومرَ , أرضُ النبوغِ
وأولى الحضاراتِ في البادية
هنا مجدُ آشورَ يا نينوى
أتمسينَ مذأبةً دامية ؟
وأنتِ التي قال عنها الزمانُ
أمُ الربعين يا زاهية
هنا " أورُ " حيثُ الخليلُ الكبيرُ
يبثُ تعاليمَهُ السامية
هنا بابلُ المجدِ والعنفوانِ
وتلك مسلتُها العالية
وحيثُ جنائنُها الشاهقاتُ
يبلغُها الماءُ في ساقية -3
هنا بابُ عشتارَ يا حاكمون
- استغاثتْ أما من يدٍ حانية
هنا قادَ " كاوا " جموعَ الجياعِ
وهَشَمَ اسطورةَ الطاغية
أيهملُ هذا التراثُ العظيمُ
وتُنهبُ احجارُهُ الباقية
وتمسي دلائلُهُ الشامخاتُ
حضائرَ تملؤها الماشية
****
سلامٌ على كلِ طفلٍ هناكَ
يلوذُ بأسمالِهِ البالية
يفتشُ بين ركامِ الدمارِ
يخدعُ أمعاءَهُ الخاوية
عسى كسرةٌ من بقايا رغيفٍ
نستها القوارضُ في زاوية
فتسكتُ أحشاءَهُ قبلَ أن
تمزقَها الزُمرُ الباغية
****
سلامٌ لتموزَ والثائرينَ
ووثبةِ أبطالِهِ الشافية
سلامٌ لنوروزَ والراقصينَ
ونيرانِهمْ في القرى النائية
تنيرُ ظلامَ السنينِ العجافِ
وتطردُ اشباحَهُ الجانية
سلامٌ على عنفوانِ الشبابِ
يصنعُ أيامَهُ الآتية
تحدى الظلامَ وأهلَ الظلامِ
بجذوةِ أفكارِهِ الهادية
أحاطَ العراقَ بكلِ الوفاءِ
وبالحبِ والهممِ العالية
وقدَمَ منذُ استفاقَ الجياعُ
على رنةِ المعوَلِ البانية
ألوفَ القرابينِ والتضحياتِ
فصاروا لراياتِنا سارية
ديترويت -آذار-2008
1- نصب الحرية في بغداد
2-الفنان الخالد جواد سليم , صاحب نصب الحرية
3-اشارة الى هندسة الري في زمن البابلين , حيث تمكنوا من ايصال الماء
الى أعلى الجنائن المعلقة في ذلك الزمن , وكانت هذه المسألة موضوع دراسة
ومسابقة علمية بين علماء ومهندسين عراقيين وعرب في أواخر القرن الماضي
, وقد فاز في المسابقة الدكتور المهندس خلدون الجبوري على ما اتذكر , دون ان يستعمل
وسائل التكنولوجيا الحديثة .