1
من يعرف شيخ دخيل جيدا ، سيدركُ تماما أن الأهرامات لها جهةً واحدة صوب الشمس تناجي الضوء برمش غزالة ، وأن النور سرور ، وأن الحلم له عراب صوفي يتحكم في رمش الغيب وصوت العصفور وخواطر شاكيرا...
وأن الله يحب المندائيين...!
من يعرفه ، خاصرته لن توجعهُ بغرام ، والحلم بعينيه سيصبح نهارا لندنياً ، وقرى المعدان ستصبح أجمل من تصميم أوبرا سيدني ، وأبي سيلبس قبعة القش ، ويمشي في نزهة نهر الراين ، وفي المساء يمشي الى كربلاء مع الحفاة ليبحث عن روحه في دمعته...
أعمامي المندائيون معه خطوة بخطوة ، النور يسكن عباءاتهم والظلمة تسكن ليل الأرهابيين .
طيف وبارقة أمل وبساط مزخرف بأسرار جدتي في غرامها الخفي لمدحت باشا ، والبيوت التي ترتوي من الشط طقسها السومري ، تنانير البنات القصيرة واغاني عبد الحليم وموسيقى الغجر الجوالين بشوارع البصرة ، وأمي التي تحب سارتر ، وأساور الفضة ، والسفر بطائرات الكونكورد.
الأن عكازها معها ، فيما اعمامي المندائيين معهم المنفى...
من يعرف شاهين خبير مصرف الرهون .سيدركُ تماما أن الذهب بورصته نحيب نساء حروب الغفلة .
وأن العطر الشنايل ، يقل روعة عن الطين خاوه وبخور عرس أبي القاسم .وصدر أبي المكشوف أمام واجهة النيل البحرية .
من يعرفه ...
العراق فيه نشيد أممي سابع.
والرؤيا ذهب التيزاب.
والدمعة قصة لماركيز...
قبل أن تخلد للنوم . أقرأ سورة يوسف ...
أقرأ ....
وفي الكنزا وتعاليم يحيا سورٌ يوحي المعنى فيها أن الله أجملُ من كل شيء.......!
2
جوبان ، نعيم ، ربح ، بدري ودهله قمر ، عبد الرزاق أبو فرح وصلاح ، عبد الكريم فرحان أبو زميلي في الصف المتوسط ، الذي غرق في دجلة منذ أعوام بعيدة ...
ذياب سرحان ، بيتهم في زاوية شارع الفريجية ، يمتلكُ طيبة تمناها خناجرا في صدور الأوغاد الذين أعدموا أبنته زاهرة...
المعلم حزام والمعلم خليل وصائغ أمي أنور سوكاوي ...
حربي والد صديقي قاسم ، عربي مريوش والد صديقي ماجد .
أسماء نسيتها ...
فالذاكرة الألمانية لن تشبه أبدا ذاكرة القراءة الخلدونية..!
جدي مهلهل يعرفهم أكثر مني . وهو من ساعد كاسترو في تهجي أسماءهم ، وآية الله عباس الخويبراوي كان جارهم ويصافحهم بحرارة...
أنا كنت أصافح طيف واحدة لها نعومة الكهرمان في نعاس لينين.
أتأمل الفراشات في اللحى الطيبة...
أتذكر لوركا .
وأنشتاين مكتشف الجاذبية ، وروحي شعلان مكتشف الطور الصبي .
أتذكر عشق أبي لصداقتهم...
وأذهب مع أمي ، تصلح خلخالها وأنا أصلح أملاء كلمات رسائل الحب........!
كل هؤلاء ، صنعوا مجد روما وأور وصباحات قلعة صالح .
وبسببهم وافقت صوفيا لورين أن تعود الى التمثيل بفيلمٍ غرامي حتى والشيب يملئ رأسها...!
3
أعمامي ....
طيبون كمذاق الحلاوة الشعرية.
كمذاق عطر الهمسة الخريفية في عناق معاطف الجوخ.
الصورة تجملهم في تخوم المنفى.
والأرائك تستعيدهم كومانات ومتاريساً ورقصات باليه وطورا شطروايا.
لهم .
ما للقيمر من حليب وموسيقى خلخال بائعته.
لهم ما لليابان من جمال حدائق الكرز
لهم ما للديكة من سعادة موسيقى فيروز في صباحات محلة الصابئة.
لهم كل شيء...
حتى دمعة الزعيم عبد الكريم والرصاصة في رأسه.............!
4
والأن ...
وكل آن له أذان ..
أصغي إليكَ ...
تسألني ...
هل في التاريخ هناك شهرزادا مندائية .؟
أقول نعم :جارتنا المندائية داليدا...
تبتسم كل فرنسا وتغني : بلدي يا بلدي ..حلوة يابلدي
5
أعمامي المندائيون .أسماءهم في قلوبنا. مساحة الورد في ورقة القصيدة ، حنين أيوب لصبره ، فلا بد أن يجزع ، لقد هاجروا جميعهم من العراق.
والآن بدون المندائيُ .ماذا سيفعل العراق ليصير نخلة وموجة فراتية وبحة من حنجرة سليمة مراد.....!
6
لهم مديح بخارى وطقشند وشيراز والمدن التي تحدث عنها أيتاليو كالفينو..
لهم دمعة البرازيل حين تصير القهوة مرة ، ورونالدينهو عطار في سوق بهارات العشار
لهم ...
غابات كروم شتوغارت ، وقبلة الفم من حنين الملكة البريطانية لأجفان ديانا.
لهم مواعظ الشيخ الوائلي ، وتعاليم الدرس الأول في توراة النبي العزير.
لهم شوق أبي يوم اراد أن يكون عمدة مدريد...
لهم الحب....
قداس ذبح الطير وزفاف على ضفاف أهوار ميزوبوتاميا.
أنتم أعمامي....
ربما ليس بصلة الدم...
ولكن بصلة الروح...
ومن تصل روحه بروح غيره ...
سيصلي مع الآلهة السومرية في معابدها هذا المساء.............!
دوسلدورف 11 أكتوبر 2014
الحوار المتمدن-العدد: 4600 - 2014 / 10 / 11