اللوحةُ الأولى
ينعى شاةً بداءِ العصرِ ماتتْ
داءِ الطوائفِ، والتكفيرِ، والإرهاب
مررتُ براعٍ أبحثُ عن أُُنثى
تُكملُ نصفَ الدين
حدَّقَ بي ... وبَّخَني
عن ماذا تبحثُ ؟
عن دين ؟
الدينَ يُصادرُ هولاكو
شيخُ الدجَّالين
ريحاً، تخلعُ باباً، تهتكُ سِتراً
مآذنَ , أجراساً ، أعشاشَ طيورٍ
وبذور ...
حرَقوا الحرثَ، حَصيداً، وجذور
زرعوا الإيدزَ، داءَ العقم
ألا تدري ؟
أطفالُنا شاخوا
ولم يحبوا، بعد
أُنبئُكَ الضمائرَ ماتتْ كلُّها
فاقرأ عليها السلامَ، وأينَ السلام ؟
صنَّعوهُ، وعلَّبوهُ، مؤونةً
للآتينَ من الأوغادِ
وماذا يأكلُ الأوغادُ، غيرَ السلام
وكلُّ شيءٍ لديهم مُباحٌ
وليسَ في شريعتِهم حرام
ذبحُ الأطفالِ، دفنُ الأحياءٍ
تقطيعُ الموتى، تسميمُ الهواء
هُراء ...
كلُّ هذا هُراء
دعني أدفنُ شاتي، أبحثُ عن ذاتي
عن أُمِّيْ، بلا مأتمَ ماتتْ أُمِّي
أُخوتي تاهوا في الطرقاتِ
بئري جفَّتْ؛ جفَّفها التنِّين
وتبحثُ عن دينْ
وا دينْ!
طفلي فارقني جوعاً؛ يحلم
مجنونٌ كأبيه
لا يعلمُ ساعةَ مات
أنَّ القاتلينَ دُعاةُ حضارات
فتباً لها، تباً لها
ولتسقطْ
أتلكَ حضارات ؟ ؟ ..
اللوحة الثانية...
معه لم أهتفْ، لن أهتفَ
فالهتَّافونَ رعاعٌ، والطبَّالونَ خُواء
هولاكو لن تسقطَهُ الفوضى
لا صرخةُ ثكلى، لادعواتُ جياع
فارفعْ رأسَكَ , وافتحْ صدرَكَ
وادبغْ جرحكَ
بالملحِ ورملِ الصحراءِ ؛ وغنِّ
غنِّ، غنِّ، ارفع صوتكَ، غنِّ
( دنياك هالفاينة لاأقبلها، ولا أحبها
من حيث لن الظلم، والجور لاحبها
أم العلا انحنتْ للنذل، والنذل لاحبها
صبَّح غضنفر، وراسه للثريا وصل
لابس من الماهود، ستة وسبعة وصل
والله لو كطعوني بشفرات الهنادي وصل
ما أدنِّك على إيد النذل، لا والله، ولا احبها )
غنِّ، غنِّ، غنِّ
تكتظّْ الصحراء
حُفاةً، عُراةً، مساكينَ، جياع
تقومْ الساعةُ، تنهضْ أشلاءُ الشُهداء
سيلاً يجرف
ريحاً تعصف
تُسقِطْ هولاكو
تنتصبْ الحضارات...
1 - أبيات الزهيري مقتبسة من الموروث الشعبي
وقصتها معروفة لدى المُهتمِّين بها
2 - الماهود : صنف فاخر من القماش
الأمسية الشعرية ال31 ... نزوع نحو التألق
كتب : شاعر سبيل
أقيمت مساء السبت 24 يناير – كانون الثاني الأمسية الشعرية ال 31 في ميسيساغا بحضور جمهور عربي كبير من متذوقي الشعر والأدب العربي . وعلى ما يبدو استغل الشعراء كون الأمسية بدون عنوان فاختاروا ما جادت به قرائحهم مفضلين أجواء الاختيار وفضاء الحرية من تحديد وتقنين مواضيعهم بعنوان يختاره فرد . فضاء الحرية هذا دفع معظم الشعراء ودون تخطيط مسبق إلى الغرض الوطني حيث الهم والوجع المشترك القادم من حيث المنابع والأصول . ارتقت الأمسية هذه المرة الى مستوى متطور لم تشهده منذ فترة طويلة، ولا نعرف لماذا !! هل لأنها بلا عنوان أم لإزدياد أوجاعنا، أم تصادف لقاء قامات شعرية في تلك الأمسية المتميزة حقاً .
في بداية الأمسية رحب أصحاب الدار رباح ورضوان بالسادة الحضور والضيوف الكرام وشكرا كل من دعم هذه الأمسية والأمسيات السابقة، والاعلاميين العرب وخاصة جريدة ساخر سبيل والتي افردت في عدد سابق لها صفحات خاصة بمناسبة مرور 10 سنوات على الأمسيات .
الأبيات الأولى كانت لعميد الأمسيات الدكتور نجيب بجاتي والذي أبدع وأبكى عند الحديث عن الغربة
( يا رب سامحني تركت الدار ) هذه الغربة استمرت نصف قرن ويزيد . هذه الأمسية أيضا شهدت عودة الشاعرة ليلى الغزاوي والتي اتحفت الحضور بالشعر النبطي عن الوطن والأم وقصيدة لطيفة باللهجة اللبنانية عن أحوال العائلة العربية والتي يعيش افرادها بمكان واحد ولكن أصابعهم وعيونهم ورسائلهم موجهة للفضاء الخارجي حيث التكنولوجيا الحديثة الباردة . المشارك الثالث كان من المبدعين بالفصيحة الشاعر آصف منصور . تبعته السيدة ليندا عيد بقراءات مختارة بعناية وذوق راق عن الشاعر الراحل سعيد عقل . عاد الوجع من الوطن وعليه مرة أخرى من خلال ما قدمه الشاعر مديح صادق والذي قدم قصيدة بعنوان ( غنِّ؛ يسقطْ هولاكو ) وهي حسب السيدات والسادة الحضور من أروع ما قدم على منصة الأمسيات . عمّق جراحنا الدكتور نزار جبوري بقصيدة كتبها منذ 20 سنة ( آه يا بلدي ) تنبأ فيها بما يحدث ببلادنا العربية الآن ، وللأسف ما توقعه حصل ويحصل حاليا حيث لا شئ يسّر! الجميع أثنى على تلك القصيدة وصفق لها طويلا . السيد محمد ابو حمدان قدم قصيدة بعنوان (طيري مع النسيم ) . وختم القسم الأول من الأمسية الأستاذ محمد رباح بقصيدة مذهلة ( في العيد) زادت من أوجاع الحضور .
كانت الاستراحة التي توسطت الأمسية فرصة لالتقاط الأنفاس والبحث عن ما يبل الريق بعد أن جف من روعة وعِظم ما قيل !! . بعد الاستراحة قدمت السيدة خولة السنجري دراسة عن الشاعر الراحل حديثا جورج جرداق وغنت ابنتها الرائعة زينب مقطعا من أغنية "هذه ليلتي" للشاعر الراحل غنتها كوكب الشرق ام كلثوم . تلك الأغنية أعادت للحضور روح الطرب والأ شعار الشعبية الزجلية التي قدمها الأستاذ أبو فيصل أفرحت رواد الأمسية . علي محمد رباح شاعر شاب يشارك للمرة الثانية في الامسيات قدم أبياتا بالعربية والإنجليزية . الطبيب غازي جليل حدثنا شعرا عن تجربة مريرة مر بها عندما عمل بإحدى المستشفيات الحكومية العربية. تلاه شقيقه عطا الله جليل الذي استعرض قصائد قصيرة ولطيفة عن المرأة الصامتة والمثالية. الشاعر ناصر زين الدين قدم قصيدة رائعة بعنوان يا ربة الخصب . الشاعر المعروف كريم شعلان قدم كعادته قصائد ولا أروع، أبيات كريمة ومشتعلة في حب الوطن والمرأة. الشاعر أحمد التنور أبدع بقصيدة باللهجة المحكية اسعدت الحضور . تبعه الأستاذ علي ناصر الدين بِ ( لمن تشرق الشمس ) . الختام كان للأستاذ رضوان أبو فيصل وكانت الغربة وأوجاعها وأمل العودة للوطن الأم تراقص كلمات القصيدة.
ثم أعلن الاستاذ محمد رباح عن الأمسية القادمة ال 32 ستكون في 6 حزيران القادم وبعنوان العدل والظلم.
***