آدم عبـر الزمــان

المشاهدات: 6940
تقييم المستخدم: / 5
ضعيفممتاز 

قراءة

كُتب بواسطة Salam Jani

صدرت عن دار الرواد المزدهره رواية جديدة للروائية المندائية د.خوله ألرومي
وتحمل الروايه عنوان { آدم عبـر الزمــان }

وهي النتاج الأدبي الثالث في مجال الرواية الطويلة وكانت قد سبقتها روايتان هما قصة الرمال التي صدرت عام 1999 ورواية الصمت حين يلهو عام 2004
ومن جميل الأحداث أنه في بداية هذا العام 2014 كان أن أهدتني الروائية خولة نسخة من هذه الروايه وعليها أهداء مكتوب بخط يديها وما أن استلمت هذه الهديه حتى انهمكت في قراءتها وسرعان ما شدتني اليها بوثاق قوي لاحداثها واسلوبها المتميز
وبعد أن اتممت قراءتها وجدت نفسي أمام تحدٍ كبير؛ حين أخذت على عاتقي مهمة تحليل ونقد الروايه وبالقدر اليسير المتواضع الذي أملكه من الثقافة آملاً أن اوفق في هذا ألمجال
صدرت رواية أدم عبر ألازمان في 149 صفحه من القطع ألمتوسط وفي ثمانية فصول وهي

البدايه ـ آدم ـ الجحيم ـ البحث عن الخلودـ المختارون ـ المتسامحون المحاربون – النهاية .
وقد جاءت هذه الروايه مختلفة تماماً في أُسلوبها عن روايتيها السابقتين ، سواء بطريقة ألسرد وتسلسل ألاحداث والغور في أعماق التاريخ في الفكر الإنساني .
إنَّ الُمتعارف عليه في البناء الفني للرواية العربيه محدث اي ان طابعه العام هو طابع الرواية التقليديه لكنها افادت من الوسائل الفنيّـة الجديدة ووظفتها لخدمتها وان الرواية العربية لم تعرف النموذج التقليدي الصرف الذي عرفته الاداب الاجنبيه تبعاً لنشأتها المتاخرة وهذا يعني ان الرواية التقليديه تحتاج الى بناء روائي متماسك او شكل عضوي تلتحم فيه أجزاء الروايه بغية ابراز المضامين على نحو يُمتّـع المتلقي ؛ بما يُمكن أن يؤثر على سلوكه ويوسّع رؤيته للواقع الذي يعيش فيه ، وقد يلجأ الراوي إلى التسلسل التاريخي للزمن او يتلاعب به قليلا ويسرد حوادث الروايه ضمن حبكة تعتمد على احد العنصرين السابقين أي بالتسلسل المنطقي للتاريخ او التقديم والتأخير والازاحة
ان الروائي التقليدي معني بسرد حكاية ما ذات حوادث محدده واضحه تحافظ على منطق روائي مقبول من القارئ مقنع له مستمد من منطق الحياة نفسها
ومن دون شك فالذي يحاوله الروائي أقناع القارئ بوجوده وقدرته على احتواء العالم الخارجي وكانه ينقله او ينسج منه وهذا لا يعني بالضروره ان العنصر التخيلي فيها انها منفصلة عن الواقع الحياتي او من كوكب اخر غير كوكبنا

وفي رواية ادم عبر الازمان نجد ان الروائية خولة قد إستندت إلى حكايات وأحداث رئيسيه وحوادث فرعيه حيث حافظت في الرواية على مستوى اأقصى من التوتر الدرامي ،وكان سردها سرداً خبريّاً لحوادث مترابطه تقود إلى نهاية محدده، حيثُ المألوف في حوادث أيّة روايه أن تنمو باتجاه تشابكِ الأحداث ـ وتتعقّـد وتتأزم بحيث تنمو بالنتيجة إلى إنحدار بطئ ،حاملةً معها الأحداث وحلولا لتعقيداتها ونهاية لعلاقات شخصياتها وتلك هي طبيعة البناء الحكائي وهذا هو السبيل المتعارف عليه لامساك القارئ من بداية الرواية إلى نهايتها.
ويمكن القول هنا إن الروائية خوله قد إختلفت هنا عن الروائيين العرب في انها أدارت دفة رواية { آدم عبر الأزمان } بشكل مباشر حيثُ إستقلت الرواية بنفسها وشكّـلت عالمها الفني الخاص لوحدها ونجحت في التمييز بين الاحداث الحقيقية والحوادث المتخيلة ؛ فكلُّ حيٍّ يدخل الرواية ؛ يصبح مُتخّيلاً ،وإن كانت اُصوله حقيقية ؛ لانه خضع للصياغة اللغوية والمخيلة الروائية المتمييزة
في صفحات الرواية تناقش الأديبة خوله فلسفة الوجود الانساني وعبثية الحياة وجدلية التراث والجبر والإختيار والتشاؤوم والتفاؤل والحق والحقيقه والعدل وقيم السعادة والاخلاق والوفاء والحريه بكلِّ أنماطها الفردية والجماعية ووظفت موضوع الوجود والموت توظيفا اضفى على الرواية نمطا ادبيا جديداً ، وقد وقفت الكاتبة عند ثنائية الروح والجسد وفلسفة التشاؤم ومعاني الحب الإنساني عبر شخصيّة آدم.
ويتضح من فصول هذه الروايه فكرة او عدة افكار فلسفية ذات طابع انساني عام
ومن ناحية اخرى فهي رواية ذات طبيعة حركية ، ويبقى الإنسان يصارعُ بشراسه من أجل الوصول إلى هدفٍ ما وعند الحصول عليه تظهر عوامل الفناء ونوازع الشر لانتزاع ما جناه . إن إرادة الإنسان يمكنها أن تتغلب على مظاهر الطبيعه مهما كان جبروتها
وسطوتها وان العقل والخبرة يمكن ان يظل متماسكا في اقسى الظروف .
ومن كل ما تقدم يمكن ان تندرج رواية آدم عبر الازمان ضمن مفهوم الرواية الفلسفيه حيث يجتمع فيها الجنس السردي الذي يجمع بين الفكر في صياغة تتوسط بين الاسلوب الحكائي المنشغل بالحياة اليوميه وتفصيلات حياة الشخصيات والانشاء الفلسفي المتاسس على الانشغالات العقلية والذهنية المجرده حيث لا نجد في عصرنا الحاضر وجوداً واضحاً لهذا النوع من الرواية في الادب العربي على الرغم من ان القصة الفلسفية عرفت طريقها الى تراثنا العربي عبر قصة حي بن يقظان التي استعرض فيها ابن طفيل كثيرا من آرائه الفكريه ورصد نسقه الفلسفي كما اراد بشكل واضح
واذا اراد القارئ البحث عن درامية الحدث فسيجدها حتماً في الاختيار الموفق للكاتبة في لحظات تاريخية حاسمة مثّـلت منعطفاً واضحاً في مسيرة الفكر الانساني وصورته الأبرز في الصراع بين المحافظين على شكليات الدين ،والباحثين عن روح الخلاص في إيمان جوهري رمزه الحب ، ويبدو ذلك في تلك اللحظات من الروايه التي تتصادم فيها أحكام العقل مع متطلبات الضمير أو اكراهات الواقع مع الشعور بالتعاطف الانساني تجاه الآخرين ، وأحيانا كثيره نرى ان لغة السر في الروايه تقترب الى لغة الشعر وخاصة إنها تعبر عن عوالم داخلية لا تستطيع اللغة العاديّة توصيل إضطراباتها وشفافيتها باسلوب مدهش وتنوع كبير وقد تميزت تلك اللغة بقدرتها على تجسيد المراقبة والمحاكاة والملاحظة والاكتشاف والمصادفة والحاجة والتجربة والمقارنة والقياس والاستنتاج والحدس
ولا يفوتني هنا ان اذكر ان الروائية خولة في روايتها آدم عبر الازمان لابد ان تكون قد تاثرت بانماط ادبية ونتاجات فكرية منها رواية حي بن يقظان وقصة الخلق كما وردت في الادب السومري والبابلي والديانات اللاحقة ، وملحمة كلكامش ونظرية التطور لدارون والاساطير التي تعنى بموضوعات الخلق والاله وقصة الانسان ونشوئه على الارض وخصوصا اسطورة ادم واسطورة ليليث وكذلك بدا واضحا تاثر الروائية خوله بالميثولوجيا وتاريخ بلاد الرافدين المكتو ب والمنقول وكتاب الانجيل والتوراة والكنزا ربا ( كتاب الصابئة المندائيين المقدّس )
الا ان الروائية بالرغم من هذه المؤثرات قد تحررت في سردها الادبي من عقدة الخوف في مناقشة وطرح امور غاية في الدقة بعيداً عن النص العقائدي في محاولة لوضع علامات استفهام جديدة حول علاقة الدين بالتاريخ وباخلاقياته
كما سلكت الروائية خوله اساليب أعمق في الطرح على المستوى الميتافيزيقي الذي عم مختلف التاملات في الذات والكون عندما كان آدم يخلو الى نفسه في وحدته ويعانق ظلام الليل الدامس ولا يجد من يفهم هذه التساؤلات ويتطور الحوار المعرفي في الروايه الى طبيعة المنهج المعرفي الذي يظهر فيه الاستنباط والاستقراء والدمج بين ما هو غريزي وبين ما هو واقعي
ادم عبر الازمان رواية اكتملت فيها جميع العناصر لتضعها في مصاف الروايات العالميه وهي لغة جديدة ورؤية متجددة في أدب عربي مستقبلي واعد .
الكاتبه في سطور

الدكتوره خوله غضبان الرومي

حاصلة على ماجستير في هندسة الري ودرجة الدكتوراه في علم الجيولوجي من جامعة وارشو في بولونيا
تعيش الان في لندن
ولدت عام 1944
انهت دراستها الابتدائيه في مدرسة تطبيقات دار المعلمين الابتدائيه في الأعظميه – بغداد
ودراستها الثانويه في ثانوية الوثبه في الصالحيه في بغداد
حصلت على زمالة دراسيه في بولونيا وانهت الماجستير في هندسة الري ،عملت في وزارة الري حتى عام 1984 بعدها سافرت إلى وارشو حيث حصلت على درجة الدكتوراه
بدأت الكتابه في بداية التسعينات من القرن الماضي
رواياتها الطويله هي

رقصة الرمال
الصمت حين يلهو

التاريخ والرمال وهي سلسة قصص للاطفال .
ولديها قصصٌ قصيرة متعددة نُشرت في جريدة المدى والثقافة الجديدة


أضف تعليق


كود امني
تحديث

كتب جديدة